توماس اديسون (1847-1931) ، أسم يعرفه الجميع ، سمعنا به ونحن أطفال ، على أنه هو من أخترع الكهرباء فأنار العالم ، وفي ذلك مجافاة للحقيقة ، وعقوقا لمئات العلماء من الجنود المجهولين ، ممن وضعوا الحجر الأساس للهندسة الكهربائية مثل هيرتز ، وأمبير ، وكلفاني ، وفولتا ، وفليمنغ ، وروبرت ماكسويل ، وماركوني ، وماكس بلانك ، وشرويدينغر ، وهايزنبرغ ، ورونتغن ، ومايكل فاراداي ، ونيكولا تيسلا ، وتومبسون وغيرهم ، ممن وردت أسمائهم علينا في فروع ومناهج الهندسة الكهربائية ، الا أن (أديسون) لم يكن من بينهم ! ، لقد اختلط الأمر بين (مخترع المصباح الكهربائي) وهو (أديسون) ، وبين (مخترع الكهرباء) وهي مغالطة لكونها صفة ليست لأديسون بالتأكيد !.
من الناحية التطبيقية والعلمية ، لا يمكن أعتبار (توماس أديسون) على أنه مخترع الكهرباء ، صحيح ان الرجل قد حصل على عدة براءات الأختراع ، منها (الجرامافون) ، والتلغراف ، والمصباح الكهربائي ذو التوهج الخيطي (Incandescent Lamp)، الا أن صفة (اختراع الكهرباء) المتعارف عليها تعود لأكتشاف العالم الكبير (مايكل فاراداي 1791-1867( ، وهو أول من أكتشف العلاقة الكهروميكانيكية المعروف بتأثير فاراداي (Faraday Effect) ، اي أنه أول من لاحظ ، امكانية توليد الكهرباء المتناوبة عند تحريك أسلاك موصلة للكهرباء قرب مجال مغناطيسي (فكرة المولدات المعمول بها حاليا) ، والواقع ، أن الذي قام بتوليدها عمليا ونقلها وأيصالها للمدن هو العالم العظيم (نيكولا تيسلا 1856- 1943) ، الأمريكي (الصربي الأصل) ، وذلك بأتفاقه مع شركة (ويستنغهاوس Westinghouse) ، حيث قام بأنشاء مولدات كهرومائية على شلالات (نياغارا) ، حيث وُلّدَت الكهرباء التجارية لأول مرة في التاريخ !.
من الناحية الأكاديمية ، لا يُعد (أديسون) عالما مكتشفا (Discoverer) ، لكونه غير أكاديمي ، ولكن يمكن أعتباره (مخترعا Inventor) ، أو (مبتكرا Innovator) ، وهي وأن كانت كلمات كبيرة ، لكنها ليست بقدر (ألاكتشاف) ، فالأكتشاف هو بمثابة البذرة ، والأبتكار والأختراع هي الأرضية ، فلا فائدة للأرض بلا بذور . كان (أديسون) يمثل التفكير الرأسمالي بأعتى صوره ، وكان العائد المادي وفكرة التسويق والجدوى الأقتصادية للاختراع شغله الشاغل ، وتوماس أديسون مخترع المصباح ، هو نفسه من اخترع فكرة (الكرسي الكهربائي) للأعدام ، ووافقت الحكومة الأمريكية على مقترحه ، ولا زال معمول به لحد الآن في عدة ولايات أمريكية ، وقد جرّب اختراعه هذا على (فيل) ، فصعقه حتى الموت ، في منظر مصوّر مقزز ، وكانت عمليات الأعدام بكرسي أديسون هذا ، تخلّف جثثا بشعة محترقة ، لأن المحكوم بالأعدام لا يموت فورا ، الا بعد معاناة وعذاب لا يوصف !.
على عكس (نيكولا تيسلا) ، الرجل الذي كان يكره الحروب والعنف ، والذي سبق عصره كثيرا ، فله من الأختراعات الثورية ما يثير العجب الى درجة الأساطير ، منها حلمه بالطاقة المجانية النظيفة ، واستغلال وخزن الصواعق الطبيعية كمصدر للطاقة ، ودوره في تطوير الأرسال اللاسلكي ، ونقل الطاقة الى المدن بدون أسلاك (لاسلكيا) ، وغيرها ، ولا يزال هنالك الكثير من الشواخص والهياكل المبهمة التي صنعها هذا الرجل ، فلا نجد غرابة ، من أنه سيصطدم مع أديسون الذي عاصره ، والذي حاربه الى درجة التآمر عليه ، وحرق مختبره ، وملاحقته قضائيا ، هكذا وضعت الحكومة الأمريكية (تيسلا) تحت المراقبة ، وضيّقت عليه خوفا من تسرب اختراعاته الى أعداء أمريكا ، وتوفي الرجل عام 1943 وفاة غامضة ، وقامت المخابرات المركزية بوضع يدها على الأرث العلمي لهذا الرجل ، والذي يحتوي على الكثير من الأسرار التي بقيت حبيسة ، ما أرادت (أمريكا) ، أن تقع في يد أحد .