لقد وصلتني رسالة مع فلم فيديو تظهر إعطاء وسام للسيد علي العلاق محافظ البنك المركزي العراقي على اعتباره افضل محافظ بنك مركزي في العالم العربي مع الكثير من التهاني للكثير من الشخصيات التي اخذت الامر على ظاهره كما اخذته انا ابتداءً؛ لقد انتابتني مشاعر الفرح لتميز العراق في بادئ الامر ولكني صدمت حينما فكرت ملياً، حل حقاً علي العلاق افضل من رياض سلامة محافظ البنك المركزي اللبناني؛ هذه من المستحيلات!!!! ثم اطلعت على رسالة من الدكتور زهير الحسني كما نشرتها في موقعي كشف فيها المستور؛ لقد كانت هناك مراسلات بيني وبين السيد علي العلاق على عدة حلقات نشرت في الاعلام قبل اكثر من سنتين اقارن فيها بكل موضوعية بين انجازاته لإدارة البنك المركزي وبين انجازات السيد سنان الشبيبي؛ وجدت من المهم ان انشر احدى الحلقات لهذه المراسلات لكي يعرف المواطن الكريم كيف تجري الامور في العراق؛ لو حدث هذا الامر في اي دولة من دول العالم التي تحترم نفسها لقامت الدنيا ولم تقعد؛ أأمل من الدكتور حيدر العبادي ان يظهر نوعاً من التقدير والاحترام لبلد اسمه العراق ارتضاه ان يكون رئيساً لمجلس وزراءه؛ واقول له ان المنصب الذي انت فيه يحتم عليك ايقاف هذه المهازل وهذا الاستخفاف بعقول المواطنين الشرفاء من ابناء بلدنا الكرام؛ مع وافر تقديري واحترامي لشخصك الكريم.
أدناه مقتطفات من رسالتي الجوابية الى السيد علي العلاق:
(السياسة النقدية للسيد علي العلاق المحافظ الحالي للبنك المركزي) (الحلقة الثالثة)
ذكرنا في الحلقة السابقة المحاور الستة التي تمثل السياسة النقدية للدكتور سنان الشبيبي مع ذكر نجاحاته وإخفاقاته، أخي السيد علي العلاق، لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة والتي تحوي على الكثير من التفاصيل، لا أخفيك سراً إنني حاولت أن أوجد لك معالم لسياسة نقدية ما بين سطور رسالتك، ولكني للأسف الشديد أقولها وبألم أنك لا تمتلك إلا النزر اليسير مما يتعارف عليه كسياسة نقدية، بل إن الكثير من المحاور التي ذكرتها أنا في الحلقة السابقة والتي تمثل السياسة النقدية للدكتور سنان الشبيبي انقلبت إلى سياسات سلبية نقيض ما حققه الدكتور سنان الشبيبي، فالحفاظ على سعر ثابت للعملة انتهى، نعم قد لا يكون السبب أنك لست متخصصاً في المجال المصرفي فحسب ولكن تدهور أسعار النفط العالمية، أما احتياطي البنك المركزي فقد تم هدر ما يقارب نصف الاحتياطي خلال سنتين من توليك المنصب، ومن دون وجود سياسة نقدية حكيمة فسينتهي كامل الاحتياطي خلال فترة بسيطة وسينهار الدينار العراقي وسينهار الاقتصاد العراقي وسيعاني المواطن العراقي معاناةً قد تشابه معاناته خلال فترة التسعينات في فترة الحصار على العراق، وإنك تفتقر لسياسة توحيد السعر بين البنك المركزي وسعر السوق، بل إن الفرق قد بلغ أرقاماً قياسية لم يشهد لها العراق مثيلاً منذ عام ٢٠٠٣، حيث كان الفارق خلال ثمان سنوات منذ عام ٢٠٠٣ حتى أواسط عام ٢٠١١ لا يتجاوز النقطتين بعد احتساب عمولة البنك، أما الفرق الآن فقد تجاوز التسعين نقطة وهو بازدياد بشكل يومي، ومعناه إن السرقات قائمة على قدم وساق مع هذه المعاناة العظيمة للمواطن الشريف في يومنا الحالي، كما إن الثقة التي تولدت في عهد دكتور سنان بالمصارف الأهلية فقدت في يومنا الحالي، وبدأ الناس يفزعون من إيداع أموالهم في المصارف الأهلية العراقية، بل أخذوا يستلمون ودائعهم بالقطارة من المصارف الأهلية، والبنك المركزي لم يتخذ أي خطوة في الدفاع عن حقوق المواطنين للأسف الشديد، وكأنه ليس المسؤول الأول عما يحصل في الكثير من المصارف الأهلية حيث الطوابير بالعشرات من المواطنين وكأنهم لا يطالبون بأموالهم وحقوقهم وإنما أصبحوا هم المعتدين والبنك الأهلي هو صاحب الفضل عليهم في إعطائهم أموالهم !!!!!!!، والحقيقة فإن هذه مفارقة عجيبة وغريبة انفرد بها العراق الجديد، فأي مصرف في العالم إذا عجز يوماً واحداً عن دفع أموال المودعين يعلن البنك المركزي إفلاسه، وهذا ما حدث لبنك أنترا في لبنان عام ١٩٦٦ حيث زادت استثماراته العينية على حساب السيولة التي يجب أن يوفرها، وعندما عجز يوماً عن الاستجابة لمتطلبات المودعين أعلن البنك المركزي اللبناني إفلاسه، مع العلم إن موجودات البنك من السيولة المالية ومن الموجودات العينية تفوق إيداعات المودعين لأنه من غير المسموح عالمياً أن يتوانى البنك أو يتأخر ولو لمقدار بسيط من الوقت في دفع ودائع المودعين، لأنه بخلافه يفقد البنك مبرر وجوده بتخليه عن وظيفته الأساسية. أما بالنسبة لزيادة أسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية فقد انعكس ذلك سلباً بشكل كبير على المواطن بسبب الفرق الكبير بين سعر الدولار المعروض من قبل البنك المركزي وسعر الصرف الموازي في السوق وما يعني ذلك من زيادة الأعباء وبالذات على كاهل المواطن الشريف الذي لا يقبل على نفسه أخذ الرشوة والفساد والإفساد والتمتع بأموال الحرام التي غدت وللأسف الشديد الثقافة السائدة للكثير من السياسيين والعاملين في دوائر الدولة اليوم، لقد قلت أن التضخم هبط في وقتك إلى ٢٪ وهي نسبة متميزة، ولكني أقول لك، إن انخفاض التضخم لا يكون بالضرورة مؤشراً إيجابياً، نعم بالتأكيد إن انخفاض التضخم نتيجة لسياسة نقدية مدروسة من قبل ألبنك المركزي بهدف تقليل حجم السيولة وتقليص الكتلة النقدية مؤشر إيجابي ودليل على نجاح السياسة النقدية للبنك المركزي، أما إذا كان انخفاض التضخم بسبب ظرف خارجي وقاهر، كما هو الحال الآن في العراق، حيث تقلصت موارد البلد وفرضت سياسات تقشفية من قبل الدولة، وتقلصت المعاشات وفرضت تكاليف ورسوم أخرى على المواطن، وهاجر المواطنون خارج البلد، وعرضوا مساكنهم للبيع أو الإيجار بأبخس الأثمان، فانخفضت أسعار العقارات، وانخفضت الإيجارات، وكم تعلم فإن وزن الإيجارات يأتي بالدرجة الثانية بعد وزن المواد الغذائية عند احتساب التضخم، فكان انحسار التضخم بسبب انكماش الاقتصاد، وهذه الحالة مؤشر سيء، ويمكنك أن تسأل الكثير من الاقتصاديين ممن هم حولك في البنك المركزي إن كان هذا الهبوط نتيجة لسياسات غير موجودة أصلاً لدى البنك المركزي أو بسبب انكماش الاقتصاد، فسيخبروك الحقيقة، للأسف لا يمكنك في هذه الحالة التباهي بانخفاض التضخم، بل على العكس ذلك دليل التدهور وافتقار المواطن وزيادة معاناته.
أخي العزيز قلت لي أن أسأل، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وجهات اخرى بشأن كفاءتك، والحقيقة أنا لم أطلب من الدكتور العبادي غير أن يطلع على مقابلتك مؤخراً مع (Osgood) التي تدل على جهلك الواسع بمفهوم الاقتصاد والسياسة النقدية، فضلاً عن ذلك فإني ذكرت في الإعلام أن بريطانيا بعظمتها وعظمة جامعاتها اختارت رجلاً غير بريطاني (Mark Carney) وهو رجل كندي لتعيينه كمحافظ لبنكها المركزي (Governor of Bank of England) لأهمية هذا الموقع وأهمية الشخص ألذي يتسنم هذا المكان، ولا أريد هنا في هذا المجال أن أشكك بكفاءتك، ولكن أقول بأنك تعلم حق اليقين أن هناك من العراقيين من هم أكفأ منك بكثير في هذا المجال وأحق منك بهذا الموقع، كما أقول بشأن مقابلتك مع (Osgood) إن الذي استنتجته من مقابلتك ليس انتقاصا لك ولكنك قد لا تمتلك الرغبة لمتابعة التطورات الاقتصادية والتحليلات الاقتصادية، ونصيحتي لك أن تشكل لجنة لتزويدك بشكل يومي بتقرير لأهم التطورات الاقتصادية والتحاليل الاقتصادية المهمة في العالم والتي لها انعكاسات على الوضع الاقتصادي العراقي، وتعتمد على هذا التقرير قبل إجرائك أي مقابلة صحفية عالمية، بل تعتمد على هذا التقرير لرسم الأسس التي يجب اعتمادها لوضع سياسة نقدية سليمة وواضحة للبلد.
لقد زرت البنك المركزي العراقي عام ١٩٧٧ عندما كنت طالباً ضمن أطروحتي الجامعية المرتبطة بهذا لأمر لأطلع على مصادر ألمعلومات الاقتصادية التي يعتمدها البنك المركزي في ذلك الوقت، فوجدت قاعة كبيرة يتوسطها جهازي (تلكس) وكان أحد هذين الجهازين شغال بشكل مستمر وأطلعت على مضمون المعلومات فكانت رسائل إخبارية قصيرة أغلبها من وكالة (رويترز)، فطلبت من المسؤول إمكانية أخذ صورة لهذه الرسائل، فقام هذا المسؤول باقتطاع عدة أمتار من آخر الأخبار وأعطاني أياها، فسألته إن كان يريد النص الأصلي حيث المعلومات تطبع بأكثر من ( Copy )، فقال لي إننا نرمي هذه المعلومات ولا نحتاج منها لغير جزء صغير وهو أسعار العملات العالمية المختلفة بالنسبة للدولار فضلاً عن أسعار المعادن الثمينة ونصدر من هذه الأسعار نشرة دورية باللغة العربية، هذا الوضع كان قبل أربعين عاماً، وأخشى إن البلد لم يتغير وضعه كثيراً الآن، ولكن اليوم تتوفر كافة المعلومات والتحاليل الاقتصادية لكل من يملك جهاز حاسوب، وهناك العشرات من الخريجين المتميزين بقدراتهم وإمكانياتهم، وبإمكانك بكل سهولة تشكيل فريق من هؤلاء لتقديم خلاصة الأخبار والتحليلات الاقتصادية وإصدار نشرة دورية توزع على جميع المؤسسات الاقتصادية ومجلسي النواب ورئاسة الوزراء وتتبنى هذه التقارير لرسم سياسة نقدية ومالية واقتصادية سليمة تنقذ البلد من الوضع المتردي الذي نحن فيه.
إني لا أبتغي الانتقاص منك أو ذكر سلبياتك، ولكني كما ذكرت في رسالتي الأولى لك هدفي إنقاذ البلد وتخفيف معاناة مواطنينا الأعزاء والشرفاء وتوعيتهم، فإنهم يستحقون منا كل تضحية وكل أيثار بالغالي والرخيص لتخليصهم مما ينتظرهم من كربات ومصاعب وابتلاءات وأيام مدلهمات فيما هو قادم منها؛ وإني أعلم إن نجاحك معناه نجاح البلد وإنقاذه وإنقاذ أهله مما يمكن أن ينتظرهم من مصير مجهول ، لذلك فإني أقترح عليك بعض المقترحات إن عملت بها كانت لك نجاح وتطور، وللبلد نهوض وازدهار، وللمواطنين خير وخلاص وتخفيف كبير لمعاناتهم؛ إن هذه المقترحات هي غيض من فيض إن أخذت بها وفيت بجزء كبير من حق بلدك عليك وحق شعبنا الكريم علينا، وهذا ما سأتناوله في الحلقة القادمة إن شاء ألله .
الحلقات السابقة ورسالة السيد علي العلاق على الموقع : mohammedallawi.com تحت باب ( انقاذ الاقتصاد العراقي من انهيار حتمي )