26 نوفمبر، 2024 11:18 ص
Search
Close this search box.

هل ثمة اعلام محايد هل ثمة اعلام محايد

هل ثمة اعلام محايد هل ثمة اعلام محايد

يقول المفكر الالماني برتولد بريخت ” ما من عمل فكري او ثقافي او فني او ادبي بدون موقف ، بدون وجهة نظر لمن يقف وراء ذلك العمل “

وقد تعلمنا في السينما ان مجرد اختيارك لموقع الكاميرا وزاوية التصوير هو قرار يعبر عن وجهة نظرك عن رؤياك كيف يجب ان تكون ” اللقطة ” – وهذا يعني انك اخترت وحذفت من المشهد امامك . وهو قرار وموقف حتى وان تصرفت بارتجال وعشوائية او عفوية .

وهكذا في الاعلام وحتى في ابسط صوره ، الا وهو الخبر المطبوع او التقرير المرئي ، حيث ان الحيادية او عدم الحيادية تمتد أيضا إلي طريقة صياغة الأخبار، وترتيب فقراتها اذ ان عملية الحذف والاختصار – التقديم والتأخير ، تتم حسب موقف ووجهة نظر الاعلامي ، وهذا ينطبق حتى على عملية اختيار الضيوف ذاتهم والمساحة التي تمنح لاي منهم ، حسب وجهة نظر الاعلامي او حسب موقف وسياسة المؤسسة الاعلامية التي يعمل فيها .

وهذا يقودنا الى اشكالية ” الاعلام والحياد ” حيث يتفق معظم من تناول هذا الموضوع وبحث فيه انه لا يوجد اعلام محايد مطلقا .. وارى ان من يطالب بما يسمى “الحياد الإعلامي” يتجاهل طبيعة العمل الاعلامي وانتمائاته السياسية والفكرية والمذهبية ومصادر تمويلة ، حيث أصبح لكل فصيل سياسي قنواته الخاصة تكون منبرا لافكاره واهدافه – اننا قد نطلب من هذه القنوات الموضوعية ولكننا لا يمكن ان نطالبها بالحيادية وحتى شعار ” الرأي والرأي الآخر. ” الذي ترفعه بعض القنوات الفضائية اجده شعارا ديماغوغيا خداعا ، فقد لاحظنا في مواقف عديدة كيف يتم خنق الرأي الاخر والتضيق عليه عندما يأتي مخالفا لتوجهات تلك القناة ورغبات القائمين عليها او اصحابها ..

ان الإعلام في كل دول العالم ينفذ سياسة ” صاحب نعمته ” فإذا كانت الحكومة صار يدافع عنها ويبرر تصرفاتها، وإذا كان رجل أعمال فسيخدم مصالحه ، وان كان جهة دينية. فيستبنى توجهاتها ويخاصم خصومها وفي سبيل تحقيق مبتغاه قد يبتعد الاعلام المنتمي عن المهنية والموضوعية ويلجأ الى الافتعال والمبالغة ،

وتكمن خطورة التزوير عندما يقدم على طبق مبهر وجذاب ، اي عندما تقدم بعض القنوات ” رسالتها الاعلامية ” المنشودة بطرق تقنية عالية وكفاءة فنية جذابة ، ويكون الضحية هو المواطن الذي لا يعلم أين الحقيقة، وتصيبه حالة ارباك وخلط بالمعلومات ..

كثيرون يطالبون بالحياد الاعلامي ولكن هناك امور لا يمكن حتما مطالبة الاعلامي ان يكون محايدا فيها مثلا تلك التي تمس سلامة الوطن وكرامة المواطن ، فالحياد ليس دائمًا إيجابيا ولا اتصور انه مطلوب دائما من وسائل الاعلام ،

المطلوب من القنوات الإعلامية الموضوعية والنزاهة واهم من ذلك ان يدرك المتلقي أيدلوجيات القنوات التي يتابعها وانتماءاتها السياسية وميولها ، كي يتمكن من القيام بعمليات الفرز والتقويم لما يتدفق عليه منها .

يقول الاعلامي كيت ايدي: أعتقد أن الحياد أمر صعب ومعقد، أفضل أن أستعمل كلمة النزاهة. وهي أن تكون نزيها من حيث مدى التغطية ونوعيتها وعمقها والطريقة التي تتناول بها الموضوع.

ويقول الداعية الأمريكي المسلم مالكوم إكس: “أسوأ مكان في الجحيم محجوز لؤلئك الذين يقفون على الحياد في أوقات معارك الأخلاق العظيمة”.

.. وقديما قال الامام علي كرم الله وجهه “المحايد هو شخص لم ينصر الباطل ولكن المؤكد أنه خذل الحق”.

أحدث المقالات