لقد كانت زيارة المالكي الاخيرة للولايات المتحدة غيرموفّقة بالشكل الذي كان يطمح لها. وقد اشار العديد من الصحفيين الاميركان لهذا الرأي( انظر ل
The wall street journal
By DION NISSENBAUN and JARED FAVOLE
Nov 1, 2013 6:52 p.m ET
حيث يشار الى هذه الزيارة بالمتوترة والتي اختصرت الى ثلاثة ايام بسبب الضغط الهائل على الرئيس الاميركي بسبب فشل المالكي في معالجة العنف في البلد وبسبب الانقسامات الكبيرة في المجتمع العراقي الذي ساهم به المالكي(بالاضافة الى العوامل الاخرى المتعددة المعروفة) بسياسة فاشلة واضحة في تطبيقها من خلال التعقيدات التي تسير مع سير اقدام البغداديين في شوارع العاصمة التي لا تتوفّر في شوارعها اي خطوط تدلّ على تخطيط وتوجيه حكومي!!
لقد علّق الرئيس اوباما على زيارة المالكي في وقتها على ان هناك توافقا في الجهود بين البلدين لاجتثاث متشددي القاعدة بعد توسّع عملياتها في مختلف أنحاء المنطقة، وفي العراق تكثّفت العمليات بسبب الفشل في المعالجة ما بين عمل الحكومة وعمل وزارة الداخلية الذي اصبح(اي العمل) موضع السخرية في شوارع بغداد بالخصوص!
لقد حاول رئيس الوزراء إقناع الجانب الاميركي للحصول على المزيد من المساعدات العسكرية الاميركية، وقد أعرب المشرعون الاميركان عن إستيائهم الكبير من تكرار المالكي على طلب هذه المساعدات بينما يعتبر المالكي نفسه (بسبب سياساته الخاطئة) في صلب تحمّله المسؤولية عن الكثير من الفشل في معالجة أعمال العنف المتزايد التي تجتاح البلد وتجتاح بغداد خاصّة، المدينة التي أهملت بشكل كبير. يعتقد الكثير من البغداديين بتعمّد الحكومة بهذا الاهمال لاسباب عديدة. حيث يعتبرها ارباب الحكومة الحالية انها كانت في طور الخضوع(يوم كانوا في المعارضة!) الى سياسات النظام السابق الذي دمّر الكثير من معالم المدينة وتدمير كيانها الاجتماعي، ليأتي هؤلاء باكمال الهدم باسلوبهم الخاصّ!
لقد أشار السناتور الاميركي في مجلس الشيوخ روبرت منديز انه يشعر بخيبة أمل كبيرة حين لقائه بالمالكي والاستماع الى رأيه في العديد من الامور، وخاصة فيما يتعلق بموضوع الاسلحة. حيث يقول السيناتور المذكور انه(اذا كانت الزيارة لتعزيز الثقة والدعم الاميركي فذلك لم يحصل وغير مقتنع بما طرح لهذا الغرض). حيث يشير الى ان عدد القتلى خلال هذا العام 2013 بلغ 5700 ضحية(حتى زيارة المالكي، بينما العدد يتزايد كلّ يوم!) اي ضعف العدد الذي سقط عام 2012. بينما الظروف هي نفس الظروف على المستوى الاقليمي فلا حجّة للحكومة في ايعاز الفشل الى الظروف الاقليمية(من ظروف سورية الى ايران ولبنان والسعودية والبحرين وغير ذلك).
حيث يقول اصحاب الراي السياسي في واشنطن ان العديد من العسكريين يوعزون العنف الى وجود المتشددين المتزايد، يغذيه فشل السيد المالكي في كيفية تقاسم السلطة مع الكرد والقوى السنية(على حدّ قولهم). وفي هذا الخصوص قد طرح اوباما على المالكي ان يشمل في ادارته للسلطة القوى الاخرى بالرغم من اشادات قليلة للمالكي من قبل اوباما.
لقد طلب السيد المالكي من الولايات المتحدة تزويده بطائرات الأباتشي وغيرها من المعدات العسكرية لإجراء المزيد من عمليات مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العراق. بينما يتخوّف الكثير من سقوط العديد من المعدّات الخطيرة في ايدي الارهابيين بسبب فشل السياسة الدفاعية التي يتبعها المالكي وجماعته(عدنان الاسدي وبعض القيادات الفاشلة في الداخلية والدفاع). حيث يتوقع حصولها من خلال الصراع في المناطق السنية التي باتت حصنا للعديد من القوى الارهابية وعدم استطاعة حكومة المالكي استقطاب القوى السنية النظيفة التي تمثّل الاغلبية في الانضمام الى الوطن الذي يعانون فيه من التهميش(كما يعتقدون!). الا من خلال هذا الاسلوب الذي اتبعته حكومات العراق السابقة من اغراءات لبعض القوى على حساب الاخرى وعملية دقّ اسفين بين القوى بعضها مع بعض.
لقد اعترف المالكي بهشاشة الديمقراطية في العراق اثناء لقاءاته. بعد ان تسرّبت بعض الاخبار الى طلب المالكي من الولايات المتحدة باستجلاب لبعض الوحدات العسكرية الى العراق من جديد! وقد رفض الطلب. بينما كان التشديد على ضرورة انهاء حالة الانقسام والتشتّت بين قيادات الصفّ الاول في العراق. ولا رجوع الى الوراء بعد ان اعلنت الولايات المتحدة انسحابها من العراق عام 2011. حيث يشير مايكل نايتس المتخصص في شؤون العراق في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، ان اوباما كان مترددا في مسألة اعادة الانخراط في مشاكل العراق وهو يواجه الضغوط الهائلة بسبب فشله في العديد من الملفات.
لقد كانت عمليات التغطية على الزيارة اعلاميا في العراق من قبل جماعة المالكي واضحة لتظهر الزيارة نجاحا معينا لتدعمه في الانتخابات التي سيخوضها بشكل لم يتمّ بعد بسبب عزوف المتحالفين معه على الدخول في ائتلاف يضمّه، وخاصّة المجلس الاعلى الاسلامي الذي يقوده السيد عمّار الحكيم الذي نوّه اكثر من مرّة بكل وضوح الى ان المالكي في سياسته لم يكن ناجحا بالشكل الذي يتّفق وبرنامج التحالف الوطني( الذي خرج عن اتفاقياته المالكي بشكل كبير!) ويضمّ هذا التحالف التيار الصدري والذي يقوده السيد مقتدى الصدر والذي يمتلك جماهير عريضة من بسطاء المجتمع العراقي عموما ومن الشيعة خصوصاً. وقد نال هذا التيار الكثير من النجاحات(مع المجلس الاعلى ) في مجالس المحافظات.
لقد أظهرت العديد من الارهاصات والتغيرات في المنطقة وفي الداخل العراقي عزوف الكثير من الجماهير العراقية عن الاستعداد للدفع بالمالكي وجماعته الى الحكم مرة اخرى! لذلك نتوقع ان يندفع المالكي في الفرضة الاخيرة الى التحالفات المشبوهة واقصد التحالفات التي سيضحي فيها بالمتحالفين السابقين والدفع بالمشبوهين الى الامام والذين قد امتلك عليهم ملفات الفساد والعمالة وغير ذلك! ونتوقع الكثير من المالكي في اللحظات الاخيرة ما قبل الانتخابات ليعمل كل ما في وسعه للفوز المرغم بالحكومة باي شكل من الاشكال.
لقد فشل المالكي في الكثير من الملفات وعلى راسها الملف الامني الذي يقوده زميله عدنان الاسدي والذي يعرف في بغداد بالفاشل! حيث استخدم المالكي هذا الرجل في كلّ فشله! بالاشكال المتعددة. حيث فشل هذا الرجل في العديد من الخطط التي يشرف عليها وفي كلّ مرة يقول سنغيّر الخطط الامنية بينما لم يتغيّر القائم على هذا الفشل ولعدّة سنوات!! ناهيك عن المجاميع التي تعمل معه وتشاركه الفشل في وزارته، من ميدانيين واعلاميين واستخباريين وغيرهم!
لقد لعب المالكي على اوراق عديدة بعيدا عن العمل السياسي المعروف بالمنافسة الشريفة. حيث كان يهدد في العديد من المرات خصومه بملفات في يده بينما السياسة النظيفة التي تقتضيها كلّ اللعب الديمقراطية وغيرها ان يكون السياسي خاضعا لسيادة القانون وسيادة القواعد القانونية التي تنصّ على انّ المتستّر على الجريمة مشارك فيها! وكانت الحجّة الواهية هي الحفاظ على العملية السياسية! والسؤال ان كان المالكي قد فشل في الانتخابات القادمة هل سيقوم رئيس الحكومة القادمة بتوجيه الاتهام للسيد المالكي بالتستر على الفساد وبحجة غير قانونية؟! وما الذي يقدمه حلفاءه خارج الحدود من امريكان وغيرهم ان حوكم بهذه التهمة؟
هل سيقف معه حلفاء الداخل من التحالف الوطني وهم يتجرعون سلوكياته تجرّع السمّ! حيث اظهر العديد منهم تحفظه واظهر آخرون معارضة شديدة على ترؤسه لحكومة جديدة.
لقد ضمّت حكومة السيد المالكي العديد من الشخصيات الفاشلة في الاداء ولم يحرّك ساكنا لتغييرهم وهم من حلفائه لا علاقة لهم بالعملية السياسية امثال الاسدي في الداخلية والاديب في التعليم العالي واداء فاشل من قبل العديد من النوّاب في البرلمان وفي مجلس محافظة بغداد. ناهيك عن الفاشلين في وزارات الصناعة والزراعة والتجارة والكهرباء والعلوم وغيرها.
لقد سمع السيد المالكي الكثير من ردات الفعل السلبية في واشنطن بسبب ادائه الفاشل وقد كان هذا الاداء على المستويين الداخلي والخارجي. وان انصفنا الرجل فنقول كانت بعض اتصالاته في هذا الاتجاه موفّقة بتغطية من قبل بعض حلفاء الخارج.
لقد كانت وزارة الداخلية التي تتبع حزب الدعوة اكثر الوزارات فشلاً في التخطيط والاداء منذ اكثر من سبع سنوات. فهل يعقل ان يظهر الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية ليقول ان الوضع افضل حيث كانت تنفجر في بغداد 15 سيارة مفخخة اما الان فهناك 7 او ثمان سيارات فقط!! والسؤال كم من المرات نزل هذا الوكيل الى الشارع ليحاور المواطنين حول الاوضاع ام يخاف من اسلوب قد استعمله البعض في وجه جورج بوش!
ان الخوض في تفاصيل الانتخابات والتوقعات لا تجدي كثيرا حيث يحاول الكثير استخدام الطرق المتعددة في الفوز. الا ان الاعتقاد السائد عند الكثير من الاعلاميين والمواطنين وبعض السياسيين غير اصحاب المصالح يعطون نسبة كبيرة من انهاء او تخفيف الازمة الامنية كثيرا حين خروج الفاشلين من الحكم والسيطرة على مقاليد المناصب الحساسة في البلد من رئاسة الحكومة الى الوزراء الفاشلين. وهذه ستؤدي الى انعاش الامل في صعود الكثير من الافكار والتطبيقات العملية الناجحة لتحريك هذا الجمود الذي انتاب العملية السياسية بسبب هؤلاء الفاشلين. ونقول من الانصاف ان يسعى المخلصون الى ابعاد هؤلاء عن مقاليد السلطات المهمة في الحكومة القادمة. ولا داعي للتركيز على نفس الاسلحة التي استخدموها سابقا من كونهم حماة الدين والمذهب من قدوم البعثيين والارهابيين الى السلطة. لانّه بات من المعروف عند القاصي والداني كيف تغلغل البعثيون وهم اصحاب الدرجات العالية في الحزب المشؤوم الى السلطة وبالذات الى وزارتي الداخلية والدفاع والعلوم والتجارة والتربية والتعليم العالي بالاضافة الى الوزارات الاخرى. فنظرة او زيارة بسيطة الى دوائر الوزارات ترى الوجوه الكالحة التي كانت تحكم سابقا في عهد الطاغية فلا حجّة بعد ذلك لهذا الكلام.
اتوقّع الكثير من التغيير الايجابي في المسار الامني حين مجيء حكومة جديدة تستقطب القوى جميعها وتحترم العهود والمواثيق والدستور بالاضافة الى تحرير السلطة القضائية من تسلّط السلطة التنفيذية ورئاسة الحكومة بالذات. ناهيك عن التفرّد بالسيطرة على الدوائر المستقلة واضعافها. فيكون حينذاك الرأي المشترك ولا حواضن للارهاب، بسحب القوى جميعها الى ساحة العمل والبناء واضعاف جبهة الارهاب بل وتدميرها بالاسلوب الامثل.