لا أمن ولا استقرار لمنطقة الشرق الأوسط بوجود نظام الولي الفقيه وتدخلاته ومشاكساته وأطماعه في أن يكون صاحب القرار الوحيد في شؤونها. وعلى من يريد تحقيق المن والاستقرار في المنطقة أن يعين الشعب الإيراني على التحرك لإسقاطه.
والحقيقة التي ينبغي التأكيد عليها هي عدم وجود فرق كبير بين المتشددين في النظام، وما يُسموْن بالإصلاحيين. فكلهم من طينة شريرة واحدة.
وللكثيرين من العرب والأجانب الذين ينظرون إلى حسن روحاني بعين الرضا والقبول، ويحسبونه على معسكر الإصلاح والاعتدال، وينتظرون منه ترويض النظام ونزع أظافره المسمومة، ننقل هذه المعلومة. ولد حسن روحاني عام (1948م)، ودرس الحقوق والقانون. وبعد الثورة أصبح ممثلاً للخميني في وزارة الدفاع وأركان الجيش، وترأس لجنة الدفاع في البرلمان طيلة سنوات الحرب مع العراق، وكان عضواً في مجلس الدفاع الأعلى، ومساعداً للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وتولى أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي مدة ستة عشر عاماً، وترأس فريق المفاوضات النووية في عهد خاتمي، وهو عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وعمل مستشاراً للمرشد لشؤون الأمن القومي وخلفه في هذا المنصب علي شمخاني. ومعنى هذ أن روحاني من أكثر قادة النظام قسوة، وأكثرها وأطولها مساهمةً في صنع سياساته التوسعية التي أشعلت في منازل الملايين، وتشعل كل يوم، حرائق لا تنتهي.
إن مناسبة هذا الكلام تصريحٌ جديد نقلته وكالة الانباء الإيرانية الرسمية “إرنا” عن حسن روحاني خلال تسلمه أوراق اعتماد سفير النظام العراقي في طهران، أعلن فيه أن “ أمن العراق واستقرارَه هو أمن ایران واستقرارُها”.
وليست خافية مرارةُ هذا الحرص (الروحاني) على العراقيين، أبعده الله عن أشقائنا اليمنيين والخليجيين والأردنيين والمصريين، أجمعين.
ومن هذا المنطلق يصبح تأكيد الشيخ محمد بن زايد على أن “مشاركة قوات الإمارات في حملة إعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن دفاعٌ عن أمن الخليج”، عينَ الصواب وروحَ الحقيقة.
فنجاح وكلاء الولي الفقيه الحوثيين في تثبيت الوجود الإيراني في صنعاء وعدن وباب المندب، لن ينتج عنه سوى كماشة إيرانية خانقة تطبق على السعودية والإمارات والبحرين والكويت، بعد أن أطبقت على العراقيين والسوريين واللبنانيين، وضَّيقت أنفاسهم، وأنقضت ظهورهم، على مدى نصف قرن من الزمان.
وما يجري حاليا في العراق لا يبتعد كثيرا عما يحدث في اليمن. فالتظاهرات الجماهيرية الغاضبة في محافظات (الطائفة) التي يزعم نظام الملالي الدفاع عنها والحفاظ على كرامتها ووجودها، هي إعلانٌ غير مباشر لثورة تحررية ضد وكلاء المحتل الإيراني العراقيين، يتوقف نجاحها، إلى حد كبير، على ما تحققه الثورة التحررية التي يخوضها الشعب اليمني ضد وكلاء المحتل الإيراني اليمنيين.
ومن يتابع تصرفات النظام الإيراني، وتصريحات كبار قادته السياسيين والعسكريين يلمس أن تظاهرات العراقيين الشجاعة التي تتزامن مع الخسائر المفجعة الإيرانية في اليمن، وفي سوريا، ومع اعتصامات الحراك الشعبي اللبناني، أربكت النظام، ودفعت بأجهزة (الباسيج) التابعة للحرس الثوري الإيراني إلى استعراض عضلاته في شوارع طهران، بمناورة استخباراتية أمنية يوميْ الأربعاء والخميس الماضيين، تحسبا لما يمكن أن يحدث خلال انتخابات مجلس خبراء القيادة الذي يتمتع بسلطة تعيين الولي الفقيه أو تغييره.
وقد شارك في المناورات التي تهدف إلى “الحفاظ على تنظيم قوات الباسيج”، حوالي 50 ألفا من قوات الميليشيات الحكومية.
وكان اللافت للانتباه في هذه المناورة حضورُ العنصر النسائي من أعضاء “الباسيج” لأول مرة، حيث قمن بحركات بهلوانية وهجومية ودفاعية في شوارع العاصمة، لإظهار استعدادهن لأية احتجاجات محتملة في المستقبل.
والشيء الأهم أن نائب عمليات معسكر (ثأرالله) المخصص لقوات الباسيج في طهران أعلن أن هذه المناورات جاءت بإيعاز من المرشد الأعلى.
ويذكر أن الدور البارز والمؤثر في قمع احتجاجات عام 2009 التي راح ضحيتها المئات من القتلى والمعتقلين من المحتجين، كان لقوات الباسيج.
ترى، هل هي مجرد مناورات روتينية عابرة، أم إن لدى النظام معلوماتٍ عن احتمال اندلاع تظاهرات شعبية احتجاجية مشابهة لما يجري في العراق قد تتطور لتصبح ثورة؟
إن استمرار تظاهرات الجُمَع الاحتجاجية في العراق، واتساعها، وانضمام شرائح أخرى من الشعب العراقي إليها، وانتزاع حقوقها، ربما يغري الجماهير الإيرانية بالتحرك على طريق خلاصها.
قد يكون هذا حلما يبدو غير قريب، ولكنه ليس صعبا، وليس ببعيد. فجميع الظروف الموضوعية متوفرة لثورة الشعب الإيراني العريق.
ومع سقوط النظام في طهران، أو انشغاله بإطفاء حرائقه في الداخل، لابد أن تتساقط أنظمة القهر والظلم والفساد الثلاثة، في العراق وسوريا ولبنان، ويسقط معها عصر المليشيات، وتنطفيء الحروب المذهبية الشريرة، وتنتهي الحرائق التي أشعلها ويشعلها الولي الفقيه.