احداث متسارعة وتطورات كبيرة ولافتة للنظر في المشهد العراقي ستترك تداعياتها المتوقعة ونتائجها الحتمية آثارا بالغة على مجمل الاوضاع في العراق اذا لم تتعامل معها الحكومة العراقية بالمستوى المطلوب فإنها ستترك الكثير من علامات الاستفهام وتثير الشكوك حول دور الحكومة المفترض في التعامل مع ما يمس وحدة البلد وسيادته وتماسك مكوناته ومصير ابنائه والحفاظ على ثرواته وفي كيفية التعاطي مع المخاطر والتهديدات الوجودية وطريقة التعامل مع المخططات المعادية.
فقد كان تعاطي الحكومة مع اهم هذه التطورات كالآتي:
1/ لم تعلن الحكومة عن بنود الاتفاق النفطي مع اقليم كردستان الذي اتضح من خلال بعض التصريحات والبيانات ان الحكومة قدمت فيه تنازلات كبيرة ودون اقتطاع النفقات السيادية التي تقدر بنسبة 8% من مجمل الموازنة لتصل نسبة الاقليم الى 25% من مجمل الموزانة العامة. ولم تتم الاشارة فيه الى ما بذمة الاقليم للحكومة من اموال (ابتلعها) الاقليم بصورة مريبة منذ عام 2005 الى اليوم وصلت الى مبلغ مقداره 36 مليار دولار، ما يعادل ثلاثة اضعاف حصة الاقليم من الموزانة سنوياً صرفت زيادة عن حصة الاقليم من جهات حكومية مختلفة كما اكدت ذلك احدى النائبات بسبب اخطاء يبدو انها متعمدة توزعت على بنود مبالغ الحصة التموينية ومخصصات الأدوية ومخصصات استيراد الطاقة والتعداد السكاني ودعم المزارعين وشراء الحنطة والشلب والرعاية الاجتماعية وإزالة الألغام والحج و استيراد الوقود للمحطات وحل نزاعات الملكية.
و”في كل من هذه البنود يشير تقرير ديوان الرقابة المالية إلى أن المبلغ المصروف فعلياً لكردستان كان يتجاوز المبلغ المخصص، مثلا أن يكون المبلغ المخصص لها في الميزانية على أحد البنود 3 مليارات، ليجد ديوان الرقابة المالية ان المصروف لها كان 5 مليارات وبالتالي فما صُرف للإقليم (كان) بدون وجه حق بسبب خطأ او تعمد من قبل بعض الجهات” “ولو أضفنا له المبالغ المترتبة على ذمة الإقليم لسنتي 2013 و 2014، يصبح المجموع 42 ترليون دينار، أي ما يعادل 36 مليار دولار، هو ما تطلبه الحكومة الإتحادية من الإقليم ونستغرب من أنه بالرغم من وجود مبالغ كبيرة بذمة الإقليم للحكومة الاتحادية ولم تُسلم لحد اللحظة، ودون أن يُنص في بند ما عن مصير هذه الأموال وهل أنها سوف تسدد في المستقبل، كلياً أو جزئياً، أو حتى أن تثبت كحق. لم يذكر أي نص (في الاتفاق) شيئا حول الأموال المترتبة بذمة الإقليم.” على حد قول النائبة.
2/ الصمت المطِبق عن التدخل في الشؤون الداخلية من قبل اميركا التي استدعت زعماء عشائر سنية وقيادات ارهابية الى واشنطن للتنسيق حول انشاء الاقليم السني وانشاء جيش قوامه 100 الف كنواة للحرس الوطني الجديد اذ اكدت مصادر ان اميركا اعطت ضمانات لهذا الوفد بإنشاء الجيش والاقليم سواء عبر الحكومة ام بدونها.
3/ التنسيق بصورة رسمية عبر وزير الدفاع خالد العبيدي مع الاردن حول تدريب قوات ما تسمى بالعشائر بإشراف اميركي في الاردن الذي يمثل موقع امداد وتدريب وتأهيل وممر للسلاح والمسلحين وتوفير الدعم اللوجستي وإدامة خطوط الدعم والرعاية والاحتضان للعصابات السلفية والبعثية المعارضة للحكومة العراقية والعصابات السورية والسلفية المعارضة للحكومة السورية فضلا عن كونها قاعدة مخابراتية ولوجستية وعسكرية اساسية للقيادة الاميركية في المنطقة تضم غرفة عمليات متقدمة.
4/ التغطية والتمويه ثم تبرير موضوعة اعطاء الحصانة الدبلوماسية لجيش الخبراء والمستشارين الاميركي ورمي الكرة في ملعب الحكومة العراقية السابقة والنتيجة حصول هؤلاء على الحصانة كما اكد ذلك السفير الاميركي في العراق.
5/ الصمت والتغاضي عن القضم المتدرج لصلاحيات القائد العام للقوات المسلحة الدستورية فبعد حل (مكتب) القائد العام كلف الرئيس معصوم نائبه اسامة النجيفي بمهمة تحرير الموصل في تدخل صارخ وتجاوز واضح على صلاحيات رئيس الوزراء.
6/ عدم اتخاذ أي موقف من مؤتمر اربيل الذي عُقد برعاية المخابرات الاميركية وبإشراف مباشر من نائب رئيس الجمهورية السيد اسامة النجيفي وبحضور شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي وممثلين عن جماعات ارهابية ما شجع البعض على السعي لعقد المؤتمر الثاني في قلب العاصمة العراقية وتحت انظار الحكومة الصامتة!!!.
7/ الصمت على التصريحات الاميركية المتتالية حول ارسال المستشارين الذين يتوقع وصول عددهم الى 10 آلاف بحلول الربيع بحجة التدريب وتقديم الاستشارة لجيش عراقي لم يتبق منه فعليا الا 104 آلاف بحسب آخر دراسة مرابطون في الجبهات، فمن هم الجنود الذين سيقوم الخبراء والمدربون الأميركان بتدريبهم؟! وثانيا هل ستقوم اميركا بتدريب مئات الالاف من الجنود في وقت واحد بآلاف المدربين الذين يتواصل ارسالهم؟ وثالثا اين هي الاسلحة المحجوبة اميركيا والتي سيدربون الجيش عليها؟ الأنكى من ذلك ان السيد رئيس الوزراء طلب من وزير الدفاع الاميركي المستقيل تشاك هاغل في زيارته الاخيرة الى بغداد مزيدا من الدعم والتسليح والتدريب وزيادة الطلعات الجوية للتحالف المزعوم!!.
8/الصمت عن ما توارد من انباء حول استلام اميركا لسلطة الاجواء العراقية وما يعنيه ذلك من ادارة القيادة الاميركية للعمليات العسكرية وانعكاسه السلبي على حركة القوات العراقية المدعومة بالفصائل الجهادية وسرايا الحشد الشعبي والتي كثيرا ما تأكدت الاخبار حول استهدافها من قبل طيران التحالف الدولي المزعوم.
9/ تأكيد السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل ايام قليلة في مقال كتبه لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية سعي الحكومة لتعديل قانون المساءلة والعدالة وتشكيل الحرس الوطني، وأبدى فيه تأييده لجهود تجهيز وتدريب قوات البيشمركة.
10/ الصمت المريب والمطبق للقوى السياسية المشاركة في تشكيل الحكومة عن كل هذه التطورات وتبرير بعضها احيانا وكأن هذا (اللاموقف) قد تم الاتفاق عليه مسبقا!!.
11/ الامر الاخير اللافت للنظر والمثير للاستغراب هو انقضاء الفصل التشريعي الاول للبرلمان دون اقرار أي قانون!! ودون بروز أي اعتراض من قبل البرلمان على الاتفاق النفطي مع اربيل المتعلق بقانون النفط والغاز المعلق وموضوعة الحصانة الدبلوماسية للمستشارين وغيرهما من التطورات بعبارة اخرى هناك تعطيل وتجميد وعزل للبرلمان العراقي فالحكومة كما يبدو ملزمة بضغوط داخلية وخارجية بتطبيق بنود الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة على حساب الدستور والثوابت الوطنية.
اثارة زوبعة الفضائيين في هذه الاثناء كانت مجرد قنبلة دخانية للتغطية والتمويه على هذه التطورات فبحسب سجلات وزارة الدفاع فقط فان عديد القوات العراقية بكل صنوفها ما قبل 10 حزيران هو 275000 عنصر موزعون على 18 فرقة ماعدا الافوج الـ17 المرتبطة برئاسة الاركان والفرقة الذهبية فاذا كان عدد الفضائيين 50000 في 4 فرق بمعدل 12500 على كل فرقة فسيكون حاصل ضرب 12500في 18 هو 225000 فضائي فهل يُعقل ان المتبقي هو 50000 موزعون على المحافظات وساحات القتال!!!.
كما ان اثارة ملفي مكافحة الفساد وسقوط الموصل المتوقع تصعيدهما في الايام القادمة ظاهرها الصراع وتصفية الحساب مع رئيس الوزراء السابق ومنظومته الحكومية والعسكرية وحقيقتها هي استمرار التمويه والتغطية على المستقبل الكارثي للعراق الذي يقوده الشيطان الاكبر بمكر ودهاء.