نشاهد اليوم الواقع المتغير في موازين القوى بالمنطقة وخصوصًا بعد الأحداث الأخيرة التي كشفت جانبًا من قدرات إيران العسكرية والتي لم تكن تُؤخذ على محمل الجد بهذا الشكل من قبل بعض الأطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل.
وما لم يكن بالحسبان هو مدى تطور التكنولوجيا العسكرية الإيرانية سواء في الصواريخ الباليستية أو المُسيّرات بعيدة المدى وحتى في القدرات الدفاعية الإلكترونية والحرب غير المتماثلة عبر الوكلاء الإقليميين .
الصدمة الحالية في إسرائيل وأمريكا يمكن تفسيرها بعدة أوجه وهي دقة الضربات الإيرانية في بعض المواجهات المباشرة أو عبر الوكلاء والتي كشفت ثغرات في منظومات الدفاع مثل “القبة الحديدية” وايضا الكمّ الكبير من المُسيّرات والصواريخ التي بات من الصعب اعتراضها كلها . وهناك الردع المتبادل اذ لم تعد إسرائيل أو أمريكا قادرتين على ضرب أهداف داخل إيران دون توقع رد فعل مباشر ومكلف والوجه الاخير هو تحول إيران من لاعب دفاعي إلى لاعب هجومي إذا تطلب الأمر كما ظهر في بعض الضربات الدقيقة.
لكن من المهم أيضًا الإشارة إلى أن القوة لا تُقاس فقط بالأسلحة بل بالاقتصاد والتحالفات والاستقرار الداخلي وهنا تظل إيران تواجه تحديات كما تواجه أمريكا وإسرائيل تحديات مختلفة لكن ذات أثر كبير .
ولكن تطور الترسانة الصاروخية وامتلاك ايران للصواريخ الباليستية والتي تعتبر دقيقة الهدف وبعيدة المدى (مثل خرمشهر وقيام وشهاب-3) يصل مداها إلى إسرائيل وقواعد أمريكية بالخليج وقدرات على الإطلاق المتعدد والمتزامن ما يرهق أنظمة الدفاع مثل “القبة الحديدية” و”باتريوت”.
وهناك سلاح المسيّرات التي أصبحت فيها ايران دولة رائدة في تطوير المسيّرات لكنها دقيقة وفعالة .
ما تعيشه إسرائيل وأمريكا اليوم هو إدراك متأخر أن إيران تحولت من مجرد “دولة مارقة” إلى قوة إقليمية قادرة على الردع والمبادرة ليس فقط بالسلاح بل بإدارة الصراع وتغيير قواعده …