9 أبريل، 2024 9:39 ص
Search
Close this search box.

هل تغيرت سياسة اميركا …العراق نموذجا

Facebook
Twitter
LinkedIn

تأتي زيارة القنصل الأميركي في البصرة الى بعض جرحى الحشد الشعبي في سياق التحول التكتيكي في الاستراتيجية الأميركية التي دشنتها واشنطن بتوقيع الاتفاق النووي مع ايران ويتلخص هذا التحول في إعادة ترتيب الأولويات الأميركية واعتبار منطقة الشرق الأوسط في المرتبة الثانية بعد منطقة اوراسيا من حيث الأهمية الاستراتيجية حيث الصعود الصيني الاقتصادي الواجب تطويقه عسكريا ودمجه اقتصاديا ما يوجب على اميركا لعب دور الوسيط والمراقب العام لصراعات الشرق الأوسط ورمي الكرة في ملعب ايران وحلفائها من جهة والسعودية وحلفائها من جهة اخرى بما يسهل القيادة الأميركية لوكلائها من الخلف ويوفر التكاليف البشرية والمادية لسنوات الصراع بين خصوم واشنطن وحلفائها التقليديين في المنطقة الى ان تحين ساعة التسويات التاريخية لملفات المنطقة وهذا لا يعني تخل أميركي عن المنطقة بقدر ما يعني اختيار افضل السبل لادارة صراعاتها بما يحافظ على نفوذها ويحجم من نفوذ خصومها خصوصا في المناطق الحيوية.
بما ان الساحة العراقية ساحة صراع ارادات وساحة نفوذ أميركي تسعى واشنطن جاهدة الى المحافظة عليه وتوسيعه بكل السبل الممكنة سياسيا وامنيا واقتصاديا يأتي التحول الأميركي في مقاربة قضية الحشد الشعبي في العراق لتحقيق عدة أغراض أهمها:1- الايحاء لبعض القوى الحشدية العراقية ذات الرغبات والتوجهات السياسية بإمكانية قبولها في الحياة السياسية واحتوائها على أمل تمييز هذه القوى بين اميركا من جهة وفصيلها داعش من جهة اخرى في عملية فك ارتباط إعلامي بين الطرفين المتخندقين “واشنطن وداعش” في جبهة واحدة لاختراق الحشد وتفتيته.2- محاولة خلط الأوراق في ساحة الحشد الشعبي وعزل فصائله الأساسيةوالإساءة الى سمعته وشعاراته المبدئية التي حملت الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية المساهمة المباشرة في صناعة ودعم وحماية تنظيم داعش في العراق والمنطقة.
3- تسويق الدور الأميركي المزعوم في محاربة تنظيم داعش والقفز على الحقائق الدامغة التي طالما اكدت استهدافه المباشر لفصائل الحشد الشعبي ودعمه غير المباشر والمباشر أحيانا جماعات تنظيم داعش الاجرامي.4- الإيحاء للرأي العام المناصر للحشد عاطفيا والذي يفتقد للوعي اللازم في أغلبه بأن اميركا تقف مع العراقيين ضد داعش والتكفيريين عموما وتريد الخير لهم لاقناعهم بأن تغيرا ما طرأ على السياسة الأميركية مع تزامن هذه الزيارة مع التصريحات النارية للرئيس أوباما حول السعودية وهجومه الإعلامي غير المسبوق عليها وهذا ما انطلى على البعض.
5- استفزاز السعودية وحلفاءها الإعراب الذين يشنون حربا شعواء على الحشد الشعبي وحزب الله لتصعيد السجال المذهبي الحاصل في المنطقة في محاولة لخلط الأوراق انتقلت منه اميركا من لعب دور الخصم للشيعة في المنطقة الى لعب دور الوسيط بين الشيعة وحلفائهم من جهة والوهابية التكفيرية تحت يافطة السنة من جهة اخرى لتدير من خلال هذا الموقع أزمات المنطقة ومسارات حروبها للسنوات القادمة وصولا إلى حالة من التساكن والتسوية التي تحفظ النفوذ الاميركي في المنطقة.
المنطقة تعيش حالة مخاض لولادة واقع إقليمي جديد يساهم بصورة جوهرية في صياغة نظام عالمي جديد ما يستدعي طبخ وانضاج ساحات وملفات المنطقة على نار دافئة ليست حارة ولا باردة تتداخل فيها الخطوط وتتداخل المسارات وتتقلب فيها المواقف الى ان تنجلي الغبرة عن المشهد الجديد وقواه المؤثرة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب