22 ديسمبر، 2024 9:39 م

هل تغيرت أحلام العراقيين

هل تغيرت أحلام العراقيين

اليوم حياة المواطن العراقي بسيطة، لا يحلم بقصر فاره، ولا برصيد كبير من المال، لأنها أمست احلاماً مزعجة وتحقيقها مستحيل، المواطن اليوم يحلم أن يستطيع تمشية أموره الحياتية ومراجعاته اليومية لإنجاز معاملته في أي دائرة حكومية.

إذ أصبحت أغلب الدوائر الحكومية تحتاج الى متنفذٍ يستطيع تسهيل الأمور أو معقب مقابل ثمنٍ لتسريع انجاز المعاملات في الدوائر الحكومية.

أبو حسين من الكاظمية تحدث عن مراجعته للجان الطبية للحصول على تقرير طبي لابنه المعاق تطلب ثلاثة أشهر من المراجعة ولم ينجز إلا بعد أن ساعده أحد المتنفذين في الحصول عليه.

حدثتنا أم عبدالله التي احيلت الى التقاعد منذ أكثر من عام عن معاناتها من المراجعة بين وزارة التربية وهيئة التقاعد العامة في الانبار، لوجود خطأ في معاملتها تطلب الاستمرار بالمراجعة لما يقرب من عام، ولم تكتمل إلا بعد الاتفاق مع معقب مختص أنجز لها المعاملة واستلمت هوية التقاعد في ثلاثة أيام بعد أن قبض الثمن.

أبو محمد من الموصل يسرد معاناته للحصول على البطاقة الوطنية، إذ تطلب منه ان يتفق مع مكتب استنساخ بالقرب من دائرة البطاقة في الموصل لكي يحصل على حجز لتنظيم معاملة البطاقة الوطنية وكلفه ذلك 25 ألف دينار للحجز فقط، مع العلم ان التعليمات تنص إن بإمكان المواطن التقديم والحجز على تنظيم البطاقة الوطنية عبر الانترنيت من أي مكان لكن باءت محاولات أبي محمد بالفشل كونه لا يعلم يوميا متى يبدأ التسجيل عبر الانترنيت وتجيد ذلك مكاتب الاستنساخ.

بعد أن وصل اليوم المحدد اصطحب أبو محمد عائلته واستغرق ذلك ست ساعات ليصل الى شباك التنظيم، واخير سلمه الموظف المختص وصلاً للمراجعة بعد أن أكمل المعاملة وعندما سأله متى أراجع لاستلامها.
اجابه الموظف بعد ستة أشهر.

حمدان من البصرة يسرد قصته عن قيامه بالتقديم للشمول براتب الرعاية الاجتماعية قائلاً: ثلاث سنوات مرت وانا اتقدم بطلبٍ للشمول كوني تجاوزت الستين من عمري عبر مكاتب التقديم (مكاتب الاستنساخ) وليس لي مصدر دخل ولم يحالفني الحظ بظهور اسمي ضمن المقبولين، بعدها نصحني أحد الأصدقاء بان أتقدم بطلبي عن طريق أحد نواب المحافظة وبعد مراجعات لأكثر من نائب ومرور عام أخر، ظهر أسمي مؤخراً للشمول بشبكة الحماية الاجتماعية.

الحاجة أم أيمن تسرد معاناتها الكبيرة في مراجعة اغلب الدوائر الحكومية واخرها دائرة التعويضات في الموصل عسى وأنها تحصل على تعويض عن تدمير دارها في المنطقة القديمة بالموصل، تبين الحاجة أن قصفاً استهدف دار العائلة تسبب باستشهاد ولديها وابنتها وعوق ابنتها الوحيدة الناجية معها من الموت، تبينُ أم ايمن معاناتها عبر مراجعة دوائر الدولة التي بدأت فيها من تقديم طلب لمركز الشرطة المختص ثم الدفاع المدني ودائرة التعويضات ومؤسسة الشهداء، إذ استغرق التدقيق الأمني للمتوفين من أبنائها لأكثر من عامان في هذه الدائرة فقط، ثم تنقلت بين دوائر الطب العدلي والأحوال المدنية وغيرها، ثم أكملت معاملتها بعد مضي ما يقرب من ثلاث أعوام وهي بانتظار التعويض الذي خمن ب 33 مليون دينار عراقي وهي من صلاحية لجنة التعويضات المركزية في العاصمة بغداد، أما استحقاق الشهداء من قطعة ارض فقد تحولت الى بلدية الموصل التي لم توزع منذ أعوام أي قطعة سكنية لعدم وجود مساحات فارغة داخل المدينة ولم تستكمل إجراءات تمديد حدود بلدية الموصل لسبعة كيلومترات منذ أعوام مضت بسبب صراعات سياسية.

تمر الايام في بلادنا ثقيلة، في كل موسم حاجات يسعى المواطن العراقي لتحقيقها، شتاءً يبحث فيه عن النفط الابيض للتدفئة، وصيفاً يتودد لصاحب المولدة عسى ان يرحمه ويعيد مفتاح الطاقة عند انهياره في ظل ازمة الكهرباء الوطنية.

 

أما على الصعيد العام ومتابعة الحقوق الشخصية، فيتطلب من المواطن العراقي أن يكون لديه متنفذاً، أو مسؤولاً حكومياً حتى يتمكن من انجاز معاملاته الشخصية وما أكثرها في بلادنا.

 

مفارقة كبيرة عندما تكون مدعوماً بمتنفذٍ او مسؤول يمكنك ان تحصل على حقوقك بامتياز بل غالباً على الحد الاعلى من حقك وعندما يكون العكس فأنك لن تحصل بسهولة على حقوقك وإن حصلت عليها فهي أقل بأضعاف مما يحصل عيها المدعوم من المتنفذين.