23 ديسمبر، 2024 3:49 ص

هل تسطيع إيران غلق مضيق هرمز ..؟

هل تسطيع إيران غلق مضيق هرمز ..؟

تداولتْ الفضائيات والصحف الغربية والأمريكية ، تهديداً إيرانياً بغلق مضيق هرمز، أمام تصدير النفط الخليجي الى العالم . في حال تنفيذ أمريكا تهديدها، بمنع الدول الغربية الاوربية إستيراد النفط الايراني،هذا التهدَيد جاء على لسان الرئيس الايراني حسن روحاني ،في مؤتمره الصحفي في جنيف أثناء زيارته لسويسرا ، معتبراً هذا الإجراء إعلان حرب على إيران. في حين هدّد قائد الحرس الثوري الايراني ،رداً على تهديدات إدارة الرئيس ترمب بقوله(( إن الحرس مستعد لتطبيق استراتيجية تعرقل صادرات النفط الإقليمية حال حظرت أميركا مبيعات النفط الإيرانية))، وبهذه التهديدات الايرانية ،تدخل المنطقة في حالة حرب حقيقية، فسرّها المراقبون ،بأن إيران إتخذّت عدّة خطوات لمواجهة خطر الحرب عليها ، ومنها إلحاق الضرّر بالمصالح الإستراتيجية الامريكية في المنطقة ، وكذلك مصالح الدول الخليجية ومنها ،غلق مضيق هرمز الذي تصدّر منه الدول الخليجية، أكثر من 18 مليون برميل نفط يومياً،أغلبها من السعودية والكويت وقطر والإمارات،هذا التحوّل الإستراتيجي في الخطاب الإعلامي الايراني من الدفاع الى الهجوم ، يعدّ الأخطر، والذي يعني دخول المنطقة كلّها في حرب غير معلّنة ، تنتظر الإشارة ،لاسيمّا ،والاتصال الهاتفي بين الرئيس ترمب والملك سلمان ، وتعهّدْ المملكة على تعويض النفط الايراني، إذا نفذّت الدول الاوروبية الطلب الأمريكي ،برفض النفط الايراني،في وقت كان تصرّيح مدير التخطيط الامريكي بوزارة الخاجية براين هوك((أن بلاده واثقة من وجود ما يكفي من الاحتياطات النفطية للاستغناء عن النفط الخام الإيراني، وأن هدف حكومته هو خفض عوائد إيران النفطية إلى صفر ))،هذا يعني إن الخطوات الامريكية ماضية قدماً، في زعزعة الامن والاستقرار داخل إيران .من خلال الحصار الاقتصادي الخانق عليها خارجياً،والذي ادّى الى تظاهرات وإحتجاجات داخيً، كما جرى تفجيَّر الشارع الايراني بتظاهرات شعبية عارمة ، وأعلن المرشد الايراني مباشرة إتهامه لأمريكا ،أنها هي من وراء هذه التظاهرات الشعبية في جميع المدن الايرانية ، وهذا السيناريو إعتمدته أمريكا في أكثر من مكان ونجحت فيه، كما حصل في سوريا وحكومة مصدق عام 1953 لتغيّير النظام من الداخل ، ويقف خلف هذه التظاهرات الموساد الاسرائيلي والسي اي اي الامريكي. إن غلق مضيق هرمز من قبل ايران ،يعني بكل تأكيد إعلان الحرب في المنطقة ،وهو الشرارة التي تسعى امريكا وسرائيل إشعالها ،والتي تعدهأ أمريكا ذريعةً ومبرّراً لغزو إيران .تماماً كما حصل مع غزو العراق،وأزاء هذه الخطوات الامريكية المستفزة لإيران ، والتصريحات النارية لأركان إدارة ترمب ،كما حصل في مؤتمر المعارضة الايرانية لمجاهدي خلق في باريس. حيث قال رودي جولياني احد العاملين في فريق ترمب القانوني مانصّه مبشراً الايرانيين والمعارضة (نراكم في طهران في العام المقبل) ، في إشارة الى سعي أمريكا واصرارها على تغيير نظام الملالي في طهران وإسقاطه، ونعتقد أن قرار التغيير قد حسمته إدارة الرئيس ترمب، وتحشيد الجيش الامريكي وأساطيله وبوارجه الحربية ،وتكدسّها في الخليج العربي والمنطقة، والقواعد الامريكية العسكرية فيها، ولكنْ هذا التغيير لن يَتم قبل أن تحسم أمريكا وحلفاؤها وروسيا الاوضاع في كل من العراق وسوريا واليمن. أمريكا والسيناريو الامريكي لمواجهة إيران وتغيير نظامها ،ماضٍ بقوة الى الامام ولا رجعة عنه ،خاصة بعد المصالحة التأريخية بين أمريكا وكوريا الشمالية، وتسليّم كوريا ملفّات البرنامج النووي الايراني للإدارة الامريكية ، ولكنّه بطيئ جداً للاسباب التي ذكرناه ، لذلك كات تهديدات روحاني مباشرة وصريحة(( أن إجراء غلق مضيق هرمز سيكلّف أمريكا والدول العربية والخليجية ثمناً باهظاً جدا أكثر خطورة وربما وجودياً)) ، لأن قطع النفط الايراني بحسب(الرئيس روحاني )،يعني قطع عنق إيران وقطع رزق شعبها،وهذا ما لاتقبله إيران مهما كانت النتائج، وهي مستعدة لإسوأ الاحتمالات وهي الحرب، إذن نحن أمام سيناريو حربي جديد في المنطقة ، تقوده الادارة الامريكية والدول الخليجية وإسرائيل ضد إيران، فماذا ستفعل إيران أزاء هذا السيناريو المرعب لها. والذي يهدّد نظامها وإقتلاعه، وهي غائصة الى أذنيها في مستنقع سوريا والعراق واليمن ،هذا المشهد لابد ان نعود الى جذوره وتداعياته ،فالوضع العسكري السوري يشارف على نهايته،بعد تفاهم المعارضة والفصائل العسكرية، وتوقيع اتفاق سلام وهدنة مع النظام وروسيا، وتسليّم سلاحها في درعا وغيرها، مما يفتح الطريق لأنهاء الحرب هناك ،وهزيمة تنظيم داعش والنصرة نهائياً في سوريا، مصاحباً لإخراج إيران من سوريا وإنسحاب أذرعها الميليشاوية العراقية وحرسها الثوري وحزب الله ، وكذلك الحال التفاهم بين تركيا وأمريكا والنظام السوري في شمال سوريا وإستقرار الاوضاع في منبج وعفرين. والشريط الحدودي التركي –السوري، وإستسلام الوحدات الخاصة الكردية وخروجها من المدن، أما اليمن فهزيمة الحوثيين في الحديدة ومطارها ومينائها، وتقهقرميليشياتها في اكثر من مدينة وإعلانها الإنسحاب من الميناء دليل هزيمتها، ونعتقد ان هزائم الحوثيين أمام الجيش اليمني الوطني. وأمام المجتمع الدولي ، قد أصبح وجودها وهزيمتها العسكرية وإعلان استسلامها مسألة وقت لا اكثر، ولكن التحديات الكبرى التي تواجه الادارة الامريكية ،كما وصفها وزير الخارجية الامريكي ماك بومبيو هي الميليشيات في العراق، وضرورة دمجّها في القوات الامنية والجيش وتحجيّم دورها في العراق، لذلك نرى ان الحراك الامريكي، وإرسال الرئيس ترمب مبعوثه الشخصي بريت ماكغورك ،الى بغداد اليوم ،هو لإجراء محادثات مع رموز العملية السياسية ،ووضع اللمسّات الأخيرة. لتشكيّل حكومة عراقية ، برئاسة شريكها حيدر العبادي، ومعلناً في الوقت ذاته ،فشل جميع التحالفات السابقة التي أعلنها مقتدى الصدر زعيم قائمة سائرون ،مع قائمة الفتح والنصر ودولة القانون ، وإنها ليستْ تحالفات وإنمّا تفاهمات ،لم ترقَ الى تحالف حقيقي لتكوّين الكتلة الأكبر، لأن إعلان الكتلة الاكبر ،وحسب الدستور المسخ ،سيكون داخل جلسة مجلس النواب وليس خارجها، وهكذا أفشل بريت ماكغورك بزيارته السابقة لبغداد ،محاولات قاسم سليماني لإنشاء تحالف كبير يضمن حكومة تابعة لإيران ، كانت أولى خطواته إعلان الصدر تحالفه مع هادي العامري زعيم قائمة الفتح ، يعود اليوم بريت ماكغورك ليضع الأمور في نصابها الصحيح أمريكيا ،وكما هو مخطط لها أمريكياً ، وهو تشكيّل حكومة شاملة عابرة للطائفية، وبعيدة عن السطوة الايرانية تماماً، وتحجيّم وإنهاء دور الميليشيات في العراق ،التي تُعدّ أكبر تحدِّ للإدارة الامريكية ،ومعرقلاً أساسياً لمشروعها في العراق والمنطقة، خاصةً بعد تهديدات قادة الميليشيات بضرب القواعد الامريكية في العراق ،والسفارة الامريكية والمستشارين الأمريكان وخطّفهم ، وكذلك إنهاء وتحجيم الدوّر والتدخل الايراني العسكري في العراق ، هذه هي أهم التحديّات التي تواجه أمريكا ومشروعها في العراق، فماذا أعدّت الادارة لمواجهة هذه التحديّات، أولى الخطوات هو إعادة التوازن ،في تشكيل حكومة شاملة، لاتهميش فيها لإيِّ مكوِّن، وإخراج قوة الميليشيات خارج المعادلة السياسية، وحصر السلاح بيد الدولة ،ونزعه من يدِّ الميليشيات، وما التفجيرات التي حصلت في مدينة الصدر والبصرة ودهوك وبابل والسليمانية وغيرها ،إلا إشارة واضحة على تقليم أضافرها،وما يجري من حراك سياسي في الدول الاقليمية، قد فشل في توحيد الخطاب السياسي بين القوائم والكتل وبقي الخلاف قائما ،والصراع على أشدّه بينها جميعاً، فلا يوجد تحالف يمكن من خلاله تشكيل حكومة ذي صبغة طائفية، خاصة وإن عملية العدّ والفرز ستطول ربما شهرين ،وسيفّجّر صراعات خطيرة ،بين الكتل المزوِّرة والكتل الخاسرة ، وهذا يصبّ في صالح الإدارة الامريكية، لحسم الصراع لصالحها .في إعلان حكومة الانقاذ الوطني الحل الوحيد لإنقاذ العملية السياسية من حرب أهلية طائفية تتسعى وتبشر بها قائمة دولة القانون والمفوضية اللامستقلة ، وهو ما تريده طهران لخلط الاوراق، وإشغال الادارة الامريكية في العراق ،وإبعادها عن أزماتها الداخلية، التي أصبحت تهدّد كيانها ووجودها ،من خلال التظاهرات الغاضبة في شوارع إيران، فهل تستطيع إيران غلق مضيق هرمز ، أجزم أنها لن تسطيع لأنها ستخنق نفسها بيدها وتموت ، إيران تعيش أيامها الاخيرة قبل الطوفان ،وحانت ساعة الحساب فعلا ،الأيام القادمة حُبلّى بكل أنواع المفاجآت…