تعودنا ومنذ تغير النظام ولغاية الان، عند كل منعطف وأزمة يمر بها البلاد، نجد هناك من يأتي وينتشل البلد من السقوط، ونقصد هنا مرجعية النجف، ومواقفها الحازمة والحكيمة، كلما تطلب الامر تدخلها.
تدخلت عند كتابة الدستور وانتصرت، وتدخلت مرة أخرى عند تفجير الامامين في سامراء، ووئدت فتنه كادت تحرق الأخضر واليابس، وعادت بالثالثة لتصدر فتوة الجهاد الكفائي، عند سقوط محافظات غرب العراق.
لكن الملاحظ ان تدخلات المرجعية السابقة، كانت جميعها تتماشى مع رغبات اغلب السياسيين، فالدولة بحاجة الى دستور، كما حاجتها الى الاستقرار النسبي، الا في الجهاد الكفائي، كان سياسي داعش بالضد منها، وحاول بشتى الطرق افشالها.
المرجعية بعدما رأت الفشل الذي صاحب العملية السياسية، منذ السقوط ولغاية الان، اضطرت ان تتدخل لتغير الأوضاع بعدة طرق، مرة من خلال توجيه الشعب، بصورة مباشرة وغير مباشرة، وأخرى عن طريق الرسائل المباشرة الى السياسيين.
استطاعت في عام 2014 ان تقتلع رئيس وزراء، لكن تم استبداله بأخر من نفس الحزب، مع الإبقاء على نفس طريقة المحاصصة في تشكيل الوزارات، الا وزارتين او ثلاثة فيها اختصاص ” النفط والنقل”، مع ذلك الجميع شاهد العداء الذي يكنه السيد نوري المالكي للمرجعية.
أيضا وزارة 2014 فشلت في الغالب بتحقيق الحد الأدنى من واجبها، والمرجعية اخذت تطالب بشكل علني باستبدال طريقة تشكيل الحكومة بالكامل، بأشخاص مستقلين بعيدين عن التوجهات الحزبية.
هذا يعني ان الكتل والأحزاب، ستفقد الامتيازات والسطوة التي تتمتع بها، من خلال هيمنتها على مؤسسات الدولة، مما يعني زعزعت كيانها، إذا ما علمنا ان الكثير من الأحزاب والتيارات لا تملك ايدلوجيا حزبية، انما تعتاش وتتمدد على أساس استغلال البسطاء من الشعب، من خلال تعين هذا والضغط على ذاك.
السؤال هنا: هل ستقبل الأحزاب والكتل ان تنصاع لأمر المرجعية؟ وان لم تفعل ذلك، هل المرجعية تستطيع ان تنجح هذه المرة أيضا، بفرض ارادتها؟
جميع الكتل الشيعية تدعي انها تنفذ أمر المرجعية، لكن ان خالفت رؤى المرجعية هواها تقول نحن لا نقلدها، لذلك كلامها غير ملزم لنا.
الا تيار واحد الزم نفسه بذلك، وثبته في منهاجه وهو تيار الحكمة، بسبب هذا الاتباع اضطر ان يترك ارث عمره مائة عام، في المجلس الإسلامي الأعلى، وتشكيل تياره الجديد.
حتى تيار الحكمة، لا نعلم هل يستطيع ان ينفذ ما يطلب منه، ام للمناصب راي اخر، كان مطيع خلال الفترة الماضية، لكن هذه المرة مختلفة، لننتظر قادم الأيام ونرى لمن الغلبة المرجعية ومن يناصرها، ام الأحزاب وهواها.