تزامناً مع الوقت الذي يأمل به ترامب وبضغط حلفاءه في الرياض وابو ظبي أن تتجه مصر نحو لعب أدوار جديدة في المنطقة ،نيابة عن الأمريكان والسعوديين ، وخصوصاً بالملف السوري ،فـ اليوم هذا الغزل السعودي – الأمريكي نحو مصر وقيادتها السياسية ، يخفي خلفه ما يخفي من كوارث يستهدف دفع مصر لها وتحت عناوين عدة .
واليوم ، وتزامناً مع تصريحات ترامب والتي تتحدث عن نشر قوات عربية ” خليجية – مصرية ” لتحل محل قوات الاحتلال الأمريكي المتواجدة بشمال شرق سورية ، ومن هنا فقد عاد الحديث عن احتمال جر المصريين إلى مصيدة التدخل العسكري المصري في سورية ، بعد الحديث عن تفاهمات تمت بين الأمريكان والسعوديين ساهمت إلى حد ما بمناقشة هذه الخطة باروقة صناعة القرار المصري ، فاليوم هناك حديث جدي يدور خلف الكواليس عن احتمالات قوية لانتشار وحدات عسكرية مصرية على المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني .
في هذه المرحلة ،وتزامناً مع هذا الحديث ، انطلقت من جديد فصول حرب استنزاف جديدة ضدّ مصر هدفها الرئيسي الجيش المصري ، فما يجري اليوم في سيناء وبعض المدن المصرية من استهداف ممنهج للجيش والقوى الأمنية المصرية ، يؤكد أنّ المرحلة المقبلة على الداخل المصري المضطرب أمنياً ستشهد مزيداً من التعقيدات الأمنية ، وخصوصاً مع ظهور علامات ومؤشرات واضحة على نسج خيوط مؤامرة واضحة تسعى إلى جرّ واستنزاف الجيش المصري وإغراق مصر ، كلّ مصر ، في جحيم الفوضى ، لتكون النواة الأولى لاستزاف الجيش المصري.
وهنا لا بدّ أن نعترف جميعاً ، بأنّ أي خطوة مصرية نحو الذهاب لمستنقع المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني ، وحتى وان كان هذا الذهاب بالتوافق مع الجميع ،فلن تكون العودة منه سهلة كما يعتقد البعض “وستكون إثمانه و كلفه عاليه جداً على المصريين ، فهذا المثلث “يستحق أن يطلق عليه اليوم “مثلث برمودا “نظراً لحجم المخاطر من الجميع التي تستهدف الجميع بهذا المثلث الحدودي ” الذي يشهد اليوم معركة إقليمية – عالمية طاحنة “.
والسؤال هنا لماذا ستذهب مصر إلى هذا المستنقع ،إذا صحت الاحاديث حول نية قواتها الانتشار بهذا المثلث الحدودي ، مع علم المصريين أن هناك إستراتيجية واضحة المعالم وتنتهجها بعض القوى الدولية والإقليمية على الدولة المصرية ، ومن خلف الكواليس ، بدأت تفرض واقعاً وإيقاعاً جديدين لطريقة عملها ومخطط سيرها ، فما يجري الآن التخطيط له ما هو إلا حرب استنزاف للجيش الوطني المصري.
فاليوم وليس بعيداً عن الحديث عن نشر قوات مصرية في المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني ، على المصريين أن لاينسوا أن هناك اليوم الآلاف من المسلحين المصريين يقاتلون الجيش المصري في سيناء وما حولها من بلدات ومدن مصرية ، ورغم استمرار حملة الجيش الأخيرة في وجه كلّ البؤر المسلحة في سيناء وما حولها وتوسّع عمليات الجيش إلى خارج الحدود المصرية” ليبيا “، يبدو واضحاً أنّ العمليات المسلحة لهذه المجموعات المسلحة بدأت تأخذ طابعاً تصاعدياً بنهجها وطريقة عملها المتطورة ، فهذه المعادلات الأمنية التي فرضت على مصر مؤخراً ، تؤكد بما لا يقبل الشكّ أنّ مصر مقبلة على حرب دموية طويلة مع هذه التنظيمات المسلحة قد تمتدّ إلى أعوام.
ونحن هنا ندرك حيداً ، أن هذه التحديات الأمنية التي تواجه مصر داخلياً وفي بعض دول محيطها العربي والأفريقي ،قد بدأت تلقي بظلالها وتداعياتها مؤخراً على صانع ومتخذ القرار العسكري المصري ، وخصوصاً بعد الحديث عن زج الجيش المصري بتدخل محتمل في الحرب على سورية ” تحت عناوين محاربة تنظيم داعش “، ومعظم هذه الأحاديث تصاغ على احتمال ومؤشرات توحي بقرب التدخل المصري في سورية”تحت عناوين محاربة داعش وتأمين الشريط الحدودي ” ، ولكن في المقابل ، هناك مؤشرات كبرى تؤكد أنّ المزاج الشعبي المصري رافض لهذا التدخل وهو قادر على الضغط على صانع ومتخذ قرار التدخل إن حصل ، وفي السياق نفسه ، فإنّ التحديات الأمنية التي تواجه مصر اليوم تؤكد أنها غير مستعدة للدخول في مغامرة جديدة في المنطقة تحت عباءة الكيان الصهيوني والسعودي والأمريكي وحتى لو كان ذلك بضوء اخضر أو احمر روسي .
ختاماً ، يأمل ترامب ويضغط مضيفه في الرياض أن تتجه مصر نحو لعب أدوار جديدة في المنطقة ،نيابة عن الأمريكان والسعوديين ،فاليوم هذا الغزل السعودي – الأمريكي نحو مصر وقيادتها السياسية ، يخفي خلفه ما يخفي من كوارث يستهدف دفع مصر لها وتحت عناوين عدة ،نحن هنا بدورنا لن نستعجل تطورات الاحداث ولن ننجر لاحاديث الإعلام ،وسننتظر تطورات الواقع وحقائقه على الارض في الاسابيع والاشهر القليلة المقبلة ،وعندها حتماً نستطيع أن نبلور تحليل سليم لتطور الأحداث في المنطقة بمجموعها.