للسياسة بحار عميقة وواسعة, على المستوى العالمي والمحلي, وتزداد الوحولة ووعورتها وكثرة الشوائب, كلما زاد عدد المتغذين على طفيليات الإستعمار العالقة, تمتص دماء الشعوب وخيراتها وثرواتها, عبر الوسطاء والعملاء .
العراق سفينتنا .. يعوم في وسط هذه البحار, تلاطمت الأمواج والرياح والعواصف السياسية, لسنوات طال أمدها, أنهكتنا وخسرنا خلالها الغالي والنفيس, بسبب جهل اللذين يدعون أنهم ساسة, أو بإفتعالاتهم المقصودة, تغذيها الأجندة الخارجية .
تعلقت آمالنا بربان السفينة, وكادرها المبحرين بنا, تصورنا إننا سنرسي إلى بر الأمان, ونتجاوز كل الإعصارات والعواصف, التي صدعت الجدران, مخلفة الأضرار بها, وبات الخطر يداهمنا, بمسافات ليست بعيدة, لنكون على شفا الهاوية .
جمعنا قوانا وبجهود أصحاب الرأي, والقادة الإسلاميين, والمراجع الكرام, لتغيير ربان السفينة, وبعد عناء كبير, بسبب التشبث بالمنصب, وتبين أن قائد السفينة, ومن حوله هم القراصنة, ويرتدون غطاء خارجي, يخفي حقيقتهم, فسلبونا الكثير, وأدخلونا لبحر الظلمات .
حصل التغيير, وعاد الأمل, وإنتشت قلوبنا للنجاة, وزاغت عيوننا, لترى النور من جديد, وكلنا عزم أن قائد السفينة الجديد, يلقي القراصنة وقائدهم في البحار, لفسادهم وفشلهم, بعد أن إمتلك كل العدة والدعم, وإمتلاكه يد الحديد, التي يفتقر لها السابقين, أهدتها له المرجعية, ليضرب بها الفاشلين والفاسدين, من القراصنة وينجينا, وما يؤسفنا إنه لم يجيد إستعمالها, وبات مهرولا مولولا, بوعود سماها برامج التغيير, لم تنفذ منها إلا ما يزيد, عكوره ووعورة صفوة المياه .
بعد صبر إمتدادا مع المرحلة الأولى, وسفينتنا لم تبحر, وإزداد الخطر علينا, والمياه العكرة تهددنا, لتعلو السفينة وكادرها, يعلو روابيها, تحلو لهم المناظر, بخيال ووهم ووعود من أسيادهم, إنهم سينجون بقوارب النجاة, التي ستصلهم من الجوار, بعد هلاك شعبهم .
هذا حال بلد عمه الخراب والفشل, وسوء الأحوال المعاشية, يوما بعد يوم, هل يبقى مكتوف الأيدي, لفترة أطول من ذلك؟ أم ينتفض لواقع يرفضه دينه, وتقاليده وكل الصالحين ؟ ولازال الجميع يقول من هو المسؤول عن هذا الحال؟