5 نوفمبر، 2024 9:45 ص
Search
Close this search box.

هل تخلت المرجعية العليا عن  السياسة ؟

هل تخلت المرجعية العليا عن  السياسة ؟

قبل ايام قلائل جمعتنا ندوة في كربلاء مع الباحث الاسلامي المعروف أحمد الكاتب الذي يعيش في لندن وطرح في الندوة في معرض كلامه عن مراحل التطور في التعامل مع الحكم واساليبه عند الشيعة الامامية بالخصوص ومراحل هذا التطور وصولاً الى النقل الكبيرة في نظرية ولاية الفقيه التي طبقها على ارض الواقع السيد الخميني وأضاف أن النقطة المهمة الثانية في هذا التطور هو ما قام به السيد السستاني عندما اقر التعامل مع النظام الديمقراطي وأجاز ذلك وهو ما حصل بعد 2003 ولحد الان ، فكانت لي مداخلة في خصوص هذه النقطة وقد بينت بها أن المدرسة الاصولية في الحوزة الشريفة التي تؤمن بولاية الفقيه تقسم الى مدرستين متباينتين في نظرتهما الى مقدار ولاية الفقيه واتساع اطارها فمدرسة الولاية المحدودة التي لاترى من صلاحية للفقيه للتدخل في الامور السياسية مطلقاً ومقدرات تدخل الفقيه لا يتعدى القضاء في الامور المتنازع عليها والافتاء في المسائل وليس لها ان تتدخل في السياسة مطلقاً فهذا شأن الامام حصراً وهي المدرسة التي يتبناها وينتمي اليها السيد الخوئي و السيد السستاني ومدرسة الولاية المطلقة ( ولاية الفقيه ) وهي المدرسة التي ترى ان للفقيه الجامع للشرائط ما للامام من ولاية على الامة وهذه المدرسة تبناها السيد الخميني والسيد محمد باقر الصدر في اواخر حياته بعد نجاح الثورة الاسلامية في ايران حتى انه هو من وضع الدستور لها  و السيد محمد صادق الصدر واليوم يتبناها المرجع الشيخ اليعقوبي .

والنتيجة لايوجد اي دليل او بيان او أثر فكري يدل على ان السيد السستاني كان له رأي في موضوع الحكم الديمقراطي أو حتى الدكتاتوري الذي سبقه ولم يتعامل مع السياسة عملياً كتبنيه لحزب او كتلة او جماعة رغم ما اشاعه بعض الاحزاب والكتل من أجل كسب القواعد الجماهيرية التي لاتعلم ان مرجعيتها لاعلاقة لها بالسياسة  وقد نجحوا نسبياً عندما ركبوا موجة ابناء المرجعية في بحر الانتخابات , طبعاً هذا الطرح لم يوافقني عليه أحمد الكاتب حينها ولم أشاء أن أثير جدالاً بلا نتيجة حتى جاء اليوم السيد احمد الصافي ليكشف لنا عن حقيقة يجهلها الملايين من المتوهمين وهي ان المرجع الاعلى في أصل الموضوع لا يتدخل في السياسة ولكن السياسة فرضت نفسها عليه وحاول ان يتعامل معها بالعموميات التي لاتتنافى مع متبنياته الفقهية من ابداء النصيحة للجميع فهي تجلب له المصالح وترفع عنه المسؤولية اذا حدثت مفاسد ، أي اذا حصلت إيجابية فهي تحسب له لأنه نبه عنها واذا حصلت مفاسد فهي تحسب على السياسيين لأنهم لم يطبقوا النصيحة ولا تتعدى هذه النصائح ما يعرفه الناس من الحث على عمل الخير والاصلاح والابتعاد عن الشر والفساد دونما أيجاد حلول جذرية او وضع خطط ممنهجة لمعالجة اي مشكلة من أطنان المشاكل التي يعاني منها البلد أو المجتمع حتى بات العراق في دوامة من رمال متحركة تجره الى أسفل يوماً بعد يوم وعندما أستشعرت المرجعية العليا أن قدمها بدأت تنغمس في هذه الرمال وقد تغرق في مشاكل هي في غنى عنها ولن تجلب لها سوى اللوم وكلام الناس الذي لاينتهي فتفقد جزء من هيبتها وهي بالأساس لاتؤمن بأن الفقيه يجب عليه قيادة الامة فهذا من خصوصيات الامام فها هي تعلن بصراحة أن منبرها الوحيد الذي تطل به على العراقيين سيغلق بابه السياسي لتتحول الخطبة الى وعظ وأرشاد فقط وهو ما تجيده ، وما لم يقله السيد الصافي في ختام خطبته إن على العراقيين البحث عن مرجعية سياسية حركية تجر بأيديهم الى بر الامان بعد أن فشلت المرجعية العليا في مهمتها .

أحدث المقالات

أحدث المقالات