23 ديسمبر، 2024 9:08 ص

هل تختفي الجريمة باختفاء الفاعل بايولوجيا ؟

هل تختفي الجريمة باختفاء الفاعل بايولوجيا ؟

في النظم الديمقراطية العريقة عندما يكتشف ان احد المشتغلين في مؤسسات القطاع العام أو الخاص قد تجاوز مسؤولياته وخالف القوانين أو انتهك حقوق الانسان  وهو على قيد الحياة يحاسب حسب المعمول به من قوانين  واعراف ويعاقب اذا ثبتتت ادانته. اما اذا تم الاكتشاف بعد وفاته تفتح القضية وتوجه تهم التقصير الى المؤسسة  وتحاسب  اذا ثبتت الادانة وذلك لتقصيرها في اكتشاف الامر او لتهاونها فيه وكذلك لمنع تكرار الجريمة . والجريمة كما هو معروف عبارة عن  تجاوز مثبوت على ما هو متعارف على صحة ممارسته   مؤديا الى الاضرار بطرف معين.

الحالة الثانية من الحالتين اعلاه  حالة نادرة وفيها يطلب من كل متضرر رسميا التقدم بشكوى ضد المدعى عليه المتوفى  والمؤسسة التي كان يعمل فيها ويستدعى الشهود وتتخذ كل الاجراءات القانونية لاجراء تحقيق او محاكمة عادلة وكأن المدعى عليه لايزال على قيد الحياة.

ورد في اخبار البي بي سي ان مذيعا مشهورا عمل فيها لفترة طويلة ومن اصحاب المؤسسات الخيرية الحالية المتوفي قبل سنتين اكتشف انه من مرتكبي التحرشات  والاعتداءات الجنسية ضد النساء والاطفال (Pedophile   ) اثناء عمله في المؤسسة المذكورة وطلبت البي بي سي من كل المتضررين التقدم بطلبات الاتهام ضد المذيع المتوفي واسمه   Jimmy Savile)) وقد تم استدعاء المشتبه بهم  من شركائه في هذه الاعمال كما تم استدعاء شهود ذكر اسماءهم المتضررون من كبار السن حاليا والتحقيق في القضية مازال جاريا.

 الدرس  الاول   المستنبط  من ذلك ان الجرائم لاتختفي بمجرد اختفاء الفاعل أو الضحية او كلاهما والعدل لابد ان يأخذ مجراها في  النظم السياسية التي تنشد العدالة وحفظ سلامة مواطنيها وكرامتهم.

والدرس الثاني هو ردع  اصحاب السطوة الاحياء في مؤسسات البلاد المختلفة   من التمادي في تصرفاتهم  وانتهاك  حقوق الناس والاعتداء على من هم اضعف منهم  حتى ولو كانوا من مريديهم واتباعهم.

والدرس الثالث  متابعة المجرمين احياءا او  اموات  ما هي الا دعوة للشعوب الاخرى وخاصة شعوب العالم الثالث ان لاتتخلى ابدا  مهما كانت الظروف عن حقوق مواطنيها وتنشد العدل لانصاف اصحاب الحقوق الضائعة وحمايتهم والتصدي للاجرام والمجرمين وكذلك تعتبر هذه المتابعة ترسيخا للاعراف والتقاليد الديمقراطية المتبعة في هذه النظم السياسية.

والدرس  الرابع ان تكون متابعة قضايا الاجرام المختلفة رسالة مفادها ان لا احد فوق القانون مهما كانت خلفيته وموقعه وان حقوق  الموطنين  واحقاقها فوق كل شيء. لان النظام السياسي موجود  لصون وحفظ كرامة المواطن وسلامته مقابل التزام المواطن بواجباته القانونية تجاه الحكومة المنتخبة في ظل ذلك النظام الساسي المعمول به.

الدرس الخامس منح المواطن الشجاعة والجرأة للمطالبة بحقه وجعله يشعر ان حكومة النظام  المنتخبة والموجودة في السلطة حصنه الحصين وتنفق اموال دافعي الضرائب في مكافحة الجريمة والدفاع عنه ولا تبذر هذه الاموال