19 ديسمبر، 2024 11:03 م

هل تحول الوباء ( كورونا ) إلى صديق للعراق ؟!

هل تحول الوباء ( كورونا ) إلى صديق للعراق ؟!

تشير البيانات الرسمية إلى تزايد عدد المصابين بوباء كورونا ، فقد أعلنت وزرة الصحة بارتفاع عدد الإصابات المسجلة ليوم الخميس 8 تموز 2021 لتبلغ9189 موزعة على المحافظات كما بلغ عدد الوفيات 31 لليوم نفسه ، وبشكل يفند ادعاءات البعض بان فاعليةالوباء قد انتهت وان كورونا لم تعد عدوا عالميا بدليل حضور عشرات الآلاف لمباريات بطولة أمم أوروبا او بطولة التنس في ويمبلدون التي تجري هذه الأيام ( الذين تم حضورهم نظرا لنجاح بلدانهم في تجاوز الحدود والنسب المقبولة للتلقيح ) ، كما تشير الإحصاءات الخاصة بالتطعيم بمختلف أنواعاللقاحات المتاحة إلى تدني عدد ونسبة الذين تلقوا التطعيم ، إذ إن عددهم في العراق لم يبلغ المليون بما يشكل اقل من 2,5% من مجموع السكان ، وأرقامناتثير القلق بالفعل لأننا نحتل المرتبة الأولى عربيا من حيث عدد الإصابات ويضاف لذلك موقف الوفيات بالوباء في بلدنا التي يعدونها من النسب المرتفعةعالميا ، كما إن نسبة الملقحين تمثل حدودا منخفضة قياسا بدول العالم الغنية والفقيرة ، وفي ذات الوقت يتم الضغط على الجهات الرسمية لإلغاء قيود الحظر الكلي والجزئي في وقت تغيب فيه تحوطات الوقاية والحماية المجتمعية والفردية من حيث إجراءات التعفير او لبس الكمامات او إتباع التباعد المكاني ، وفي ظل كل ذلك تعلن الجهات الصحية إننا في حالة من عدم الأمان حيث دخلنا الموجة الثالثة وهناك فحوصات تدل على دخول مختلف السلالات للعراق ومنها سلالة دلتا المنتشرة في الهند وبريطانيا ، ونضيف لذلك كله هو قيام البعض بتحويل موضوع كورونا إلى قضية يشوبها الفساد فبعض شركات السفر او بعض الأشخاص والمختبرات غير المرخصةيقومون ببيع شهادة السلامة من الوباء او شهادة التلقيح لقاء مبالغ يتم الاتفاق عليها من دون إجراءمسحة او تلقي اللقاح ، ولا عجب أن تجد عددا من المسافرين للخارج وهم يستقلون طائرات او عجلاتمن دون فحوصات لأنهم يستخدمون شهادات صحية مزورة او مخترقة بالفساد  ، وإذا تم الاسترسال أكثرحول الظروف التي تحيط بالوباء فان من السهولة تشخيص ضعف البنى التحتية الصحية في معالجةالإمراض والأوبئة السارية من حيث الأجهزة والمستلزمات والتخصيصات المالية وعدد الأسرةوالمؤشرات الخاصة بالصحة عموما ، وهو ما يفرض استخدام إستراتيجيات دقيقة تقوم على إتباعإجراءات وقائية عالية لتحاشي الوقوع بالإصابات ،وهو الأسلوب الذي اتبعناه في بداية الوباء ولكن سرعان ما تم التخلي عنه بتغير الإدارات .

ان الهدف هنا ليس التباكي على ما يجري ، وإنمامحاولة تأشير ما يمكن اتخاذه من قبل السلطات الصحية لتنفيذ واجباتها المنصوص عليه في دستور 2005 او في قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981 ، فبعد ثبوت عدم جدوى فرض الحظرين الكلي والجزئيمن حيث درجة الالتزام وجدية التنفيذ ، فمن الضروري زيادة التغطية باللقاحات للوصول إلى نسبة تجعل المجتمع بحالة من الأمان التي يسمونها مجازا بسياسة ( القطيع ) سيما وان القرارات الأخيرة التي اتخذتها اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنيةأرجعت الامتحان الحضوري للطلبة وأعادت العديد من الفعاليات للموظفين والوزارات ، ولا يخفى إن الواقع الحالي يشهد خرقا لكل التحذيرات والإجراءات مما ينذر بحالات تتعلق بزيادة عدد الإصابات وتعرض بعضها لأخطار الموت ، وتتحمل وزارة الصحة مسؤولية تامين اللقاحات وإعطائها بشكل يضمن زيادة النسبة الحالية إلى أضعاف الأضعاف ، إذ لاتوجد شفافية بخصوص توفر اللقاحات من حيث العدد والمناشيء فأكثر البيانات الصادرة تتحدث بلغة ( السين وسوف) في حين نرى ضرورة إدراج الموقف بعدد اللقاحات الموجودة فعلا كفقرة ضمن المواقف اليومية لوزارة الصحة ، ففي الوقت الذي تتحدث فيهعن تامين 16 مليون جرعة يتم التصريح في المرة الأخرى عن قرب وصول مليون ونصف خلال شهر تموز ، كما يفاجآ بعض الراغبين بالتلقيح بحالات تشجع على العزوف وتتعلق بتعقد المراجعة ونفاذ الكميات رغم إن هناك مواعيد محجوزة مسبقابالانترنيت ، كما يفاجأ البعض بالازدحامات بحيث يتم التخوف من الإصابة أثناء التلقيح ناهيك عن ضعف كفاءة الطرق المستخدمة في تغطية السكان بالتلقيح ، فوضع مثل الذي يحصل في بلدنا يستوجب استنفار الجهود من الموارد الوطنية ( مع التقدير العالي لجهود وتضحيات ملاكات وزارة الصحة ) للمساهمة في التلقيح من خلال استثمار كوادر الصحة والبيئة والتعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا والزراعة والبيطرة والمتطوعين وغيرها من الجهات في إقامة حملات مبرمجة لضمان وصولهاللمواطن لإعطائه اللقاح وليس انتظار الحجز بالانترنيت والوقوف بطوابير ، في وضع تسود فيه ثقافة صحية ضعيفة تتخللها العديد من الشائعات وبعض الآراء (الشاذة ) والفساد ، كما يجب وضع سياسات سليمة بخصوص الداخلين والخارجين من والى البلاد ومعالجة حالات التزوير في شهادات الفحوصات بمراقبتها وعدها من الجنايات ، ونحتاج فعلا إلى حشد إعلامي جمعي وحقيقي عن الوباء ومخاطره والوقاية منه فكل ما بذل بهذا الخصوص يعد خجولا قياسا بطبيعة البلاء من هذا الفيروس ، ويستغرب العديد عن كيفية إدارة أزمة الوباء في ظل شغور منصب وزير الصحة وإشغاله بالوكالة منذعدة شهور وكأننا في حالة رفاهية او إن البلد يخلو من كفاءة تقود هذه الوزارة أصالة بهكذا ظروف ، وما يراه البعض بخصوص التعامل مع الوباء في الوقت الحالي واستنادا للمؤشرات والأرقام أعلاه ، فانه يعني أما إننا في حالة من اللامبالاة او عدم الازدراء او التصرف وكان كورونا وما تبعها من سلالات قد أقامت صداقات في العراق ، وهي ليست انطباعاتايجابية إذ ربما يقود في التحول لتوطين الوباءليعيش بيننا ويفتك بأهلنا تبعا لسلوكه الذي لم يكتمل تشخيصه العلمي المؤكد لحد اليوم ، وعلى غرار الكثير من الإمراض ( المتوطنة ) التي لا تزال تسكن بالعراق بدون بدلات إيجار مثل ( الكوليرا ، البلهارسيا ، التدرن الرئوي ، شلل الأطفال ، الحصبة وغيرها ) رغم ما تتخلله من اختلافات ، ومن باب الواجب الصحي والوطني التذكير بان العلاجات المؤكدة للوباء لم تثبت فاعليتها بشكل كامل مما يجعل كورونا لا يصلح أن يكون صديقا مرحب به قط وان اللقاح هو من الطرق الممكنة حاليا لتفادي او تقليلالأخطار ونسال الله أن لا نندم كثيرا فيما بعد .

أحدث المقالات

أحدث المقالات