23 ديسمبر، 2024 12:28 م

هل تحمل المالكي مايكفي من التهم والاساءات لأن يفصح ويكشف كل الحقائق والملفات ؟

هل تحمل المالكي مايكفي من التهم والاساءات لأن يفصح ويكشف كل الحقائق والملفات ؟

بدءا اقول بأنني لم اكتب مقالا مباشرا يتناول شخص السيد المالكي ومجمل الظروف والاحداث التي احاطت به، على الرغم من انني كتبت مئات المقالات التي تناولت الشأن السياسي العراقي ، كان المالكي جزءا من بعض فقرات هذه المقالات وفي حدود مسؤوليته كرئيس لمجلس الوزراء ورئيس دولة القانون وماينبغي على المسؤليتين تجاه الوطن والشعب دون الاساءة او التجاوز او المس بالشخصية او المنصب ، اليوم اكتب مقالا مباشرا موجها للسيد رئيس مجلس الوزراء بعد ان استفحلت في داخلي دوافع لحتمية الرد والتوضيح وانصاف الحق والحقيقة ، وصولا الى اقصى درجات التحدي في قول كلمة حق يراد بها حق لابد ان تعرف وتفهم كل معانبه وحسب درجات الوضوح والفهم والادراك .
لااعتقد ان هناك شخصية سياسية في العراق قد وجهت لها الكثير الكثير من الاتهامات والتشكيكات بل وللاسف حتى الاساءات والشتائم مثلما تعرض لكل ذلك شخص المالكي ، فلم يبقى احد في المحيط السياسي الا واستهدف المالكي بمناسبة او دون مناسبة ، وهذه ظاهرة فيها دلالتين : الاولى هي ان كل من يلجأ الى اسلوب الاتهام والاساءة لشخص ما انما هو عاجز على طرح البدائل المفيدة والناجعة في حدود اصلاح اوترميم الامور التي دفعت الى استخدام مثل هذه الاساليب ، وهي بنفس الوقت افلاس فكري وثقافي وحضاري في منهج العمل السياسي ،  والا كيف نفسر ان بعد كل هذه التهم والتشكيكات لم يحصل اي تغيير يذكر على صعيد الاقتراب من التفاهمات والتوافقات ، بل قد تحقق العكس ، مزيدا من التعقيدات وتأزيم مستفحل لكل الازمات ، وتصعيد في المواقف ، وظل رموز الاتهامات بكل تصريحاتهم وهوسهم وانفعالهم لم يحركوا اي شيئ بأتجاه التغيير ، وهذا هو الجهل بعينه والانفلات السياسي المفبرك وانعدام القيمة الوطنية والتي بموجبها تنعدم القيمة السياسية الفعالة، الدلالة الثانية هي ان شخصية المالكي يبدو ان لها القدرة على التحمل والصبر وعدم الانجرار الى المهاترات والاتهامات والتشكيكات مها بلغت قسوتها وتأثيرها المشين ، بل تعامل معها بفعل قوة الاستيعاب المهني والسياسي دون الخضوع الى ردات الفعل المتسرعة الا في بعض المواقف المهة جدا والتي تستدعي الرد السريع كونها قد تمس السيادة الوطنية او مايتعرض لتركيبة الدولة وهيبتها ، وهذه حالة نادرة تفرد بها المالكي دون غيره من سياسيي العراق ، فقد رسخ من خلال ذلك القيمة الحقيقية والمبدئية لحرية التعبير واحترام الرأي والرأي الاخر ، وعمق مفهوم الصبر الذي هو قوة الارادة والعزم الصادق والحزم ، وكلها فضائل تترسخ في النفس وتعتبر عوامل مهمة في الانضباط وضبط النفس والتميز في العمل وتحقيق كياسة عالية المستوى في اطار بناء الشخصية وبألاخص عندما تكون قيادية حيث تدرك ان التعامل بالاتزان والحكمة والتعقل هي بمثابة الخطوات التي تقود الى الطريق الصحيح ، وهنا لابد من الاشارة الى ا ن اي انسان معرض للخطأ ، وربما قد اخطأ المالكي قي شأن ما ، ولكن هذا لايبرر ان يركز البعض على هذا الخطأ فقط معتبرا ان كل افعال المالكي هي اخطاء ، فالرجل بحاجة الى عون ايضا ، بحاجة الى من بصحح الخطأ بروح وطنية وانسانية صادقة هدفها ان تحدد توازن المسارات التي تقود الى بر الامان ، وهذا للاسف لم يحصل لأن الاتجاه كان ومايزال هو التصيد في الماء العكر دون ان يدرك البعض المعني في هذا الامر ان في ذلك استهداف وتدمير للارادة الشعبية لا لارادة المالكي . ذلك ان الارادات الجمعية هي التي تترك تأثيراتها السلبية على التكوين الاجتماعي اذا ماتعرضت للاهتزاز اكثر بكثير من تأثير الارادة الفردية او الشخصية .
ازاء كل ذلك ، وازاء كل المحاولات والسلوكيات الآنفة الذكر نتسائل الم يحن الوقت ليكشف المالكي عما تختزنه ذاكرته وعما يملكله من حقائق وملفات وقضايا قد تطال الجميع ، الم يحن الوقت لكي يرد ويحاجج ويناقش كل من وقف ضده ملوحا بالوثائق والملفات التي سرعان ماينكشف زيفها وفبركتها بعد ان تترك اثارها السلبية على الشارع العراقي ، الم يحن الوقت لأن يقول كلمة الحق التي يمكن ان تصحح المسارات وتحدد مواقع كل الاطراف في خارطة العمل السياسيي ومنهج القيمة الوطنية ، واخيرا وليس اخرا اقول ماذا ينتظر المالكي كي يحقق قوته في الحق ، وصدقه في النوايا ، ومنهجه الوطني ، وقيمته الانسانية والمبدئية تجاه الوطن والشعب بعد ان يكشف المخفي والمستور وماخلف الكواليس سواء كانت كواليس سياسية ام حكومية .
وهناك العديد من القضايا التي اكتفى المالكي بالاشارة اليها دون الدخول في التفاصيل التي ظلت غائبة عن الشعب ، وهذا التغييب ربما يعطي انطباعا لدى الشعب بأن المالكي لايملك دلائل عما يقول ، على الرغم من وجود مؤشرات حقيقية تسقط هذه الفرضية الا انها تبقى واقع حال ، من جانب اخر فأن المسؤولية التاريخية والحتمية تجاه المقتضيات الوطنية والشعبية تستدعي ايضاح الحقائق وتنوير الرأي العام ، والخيار الوحيد في العمل القيادي النزيه والصادق والمبدئي هو ان يستند على قوة الشعب فهي التي تحميه من كل الهجمات والتهديدات والتشكيكات التي يمكن ان تواجهه شرط ان يكون الشعب ملما وعارفا ومطلعا على كل الحقائق وخفايا الامور ، لا ان يكون الشعب مستكينا لحالات الغوغاء والفوضى الخلاقة التي تدفعه لان يصدق كل مايسمع وهذا للاسف مايحصل الان ، لذلك فعندما يقول المالكي اويفصح به او يكشفه عنه انما يأتي ذلك انسجاما من مبدأ مصارحة الشعب وجعله قريبا او جزءا من القرار المتخذ بحيث تشكل قتاعة الشعب غاية تتغلب على الوسيلة في منهجية التداخل والترابط والانسجام مابين الحكومة والشعب .
فرعون اللعين قال بعد ان استباح شعبه لا اريكم الا ما ارى ، فهل سيقول المالكي لشعبه لا ارى الا ماترون ، وبذلك نأمل ان تكون هذه الرؤية مستوحاة من قيم واستحقاقات الشعب الذي مازال يصر على معرفة كل الحقائق من لسان المالكي الذي نتمى ان لايضيق بها صدره ويطول الانتظار .