مشاهد مخيفة ومرعبة تلك التي تشهدها مدن ومناطق ومحافظات ومقاطعات دول العالم كافة … مدن فارغة من الناس تماما ، مهجورة ، موحشة ، خالية من المارة ، كل هذه بسبب فيروس ( كورونا ) الذي وصفته منظمة الصحة العالمية ( بالوباء العالمي ) المنتشر بشكل سريع بين الناس ومنهم كبارالسن من الذين يعانون الأمراض المزمنة وشمل حتى الشباب من أعمار مختلفة … وباء لا يعرف أحدا ولا رحمة له ، تفشى وأستشرى وتفاقم سريعا في كافة دول العالم دون أستثناء ومنها بلدنا العزيز العراق .
لقد أغلقت الكعبة ، وأوصدت المساجد والجوامع والأضرحة وكأن أبواب التوبة أغلقت بوجهنا ، أصبح المرء ينفر من أمه وأبيه وأخيه وصاحبه ، توقفت الحياة تماما ، أغلقت المدارس والجامعات في دول العالم كافة ، توقفت الدوائر من العمل ، شلت حركة المصانع والمعامل ، أغلقت الصحف المحلية والعالمية ، الناس في بيوتهم يخشون الخروج منها ويدعون الله تعالى في صلاتهم الى أبعاد الخطر عنهم وعن عوائلهم ، توقفت الرحلات الجوية وتعطلت حركة الطائرات والقطارات والباصات ، أغلقت المؤسسات الثقافية والفنية والرياضية والادبية والشعرية وايضا توقفت الاحتفالات والمهرجانات العالمية ، أغلقت المصارف ، تراجعت أسعار النفط العالمية ، أنخفضت وتراجعت الآسهم ، تدهور الأقتصاد العالمي بشكل رهيب ، الجميع يترقب ما سيحدث خلال الايام المقبلة ، توقفت وشلت الحياة تماما .
هذه المواقف والحالات المفاجئة تعد درسا وموعظة من الله عزوجل للبشرية ، كي يتعظون من أخطاء الماضي ويعيدون حساباتهم مرة أخرى في تعاملهم الغير أنساني والغير المنطقي مع الناس ، وتغيير نمط تعاملهم من جديد الى العمل النبيل والانساني مع الاخرين ، وأدخال الرحمة في قلوبهم … هذا الوباء الخطير لا يعرف الغني والفقير ولا يعرف الملك والوزير ، لقد أصيب بهذا الوباء الفتاك أكثر من مليون وربع المليون أنسان في دول العالم خلال الفترة القصيرة الماضية ، ولا نعرف كم هو العدد الذي سيحصده هذا الوباء في الأيام والأسابيع المقبلة ، لقد أصيب الوزير والبرلماني والسفير كما أصيب الطبيب والكاسب والفقير ، أنه العقاب الغير محسوب من الله تعالى … هذا الوباء الفتاك سيكون درسا للذين غرتهم الحياة الدنيا وتعاملوا مع الأخرين بأبشع صورها ، سرقوا ونهبوا المال العام وأعني هنا بعض السياسين العراقيين الفاسدين من الذين افسدوا بكل أنواع وفنون وأشكال الفساد والسرقة لينعموا هم وعوائلهم بالسحت الحرام ، والأستحواذ على الممتلكات العامة والمشاريع الكبيرة والمهمة في البلد ، وأبرام الصفقات والعقود والعمل على المشاريع الوهمية … يتطلب هنا صحوة ضمير من قبل سياسي الصدفة من السراق تجاه هذا الشعب ، وتحقيق العدالة بيهم وأنصافهم وتوفير الحياة الحرة الكريمة لهم ولعوائلهم .. فهل الحكومة العراقية والبرلمان العراقي عاجزان على أصدار التشريعات والقوانين لتعويض هذه الشرائح المظلومة والمتعففة ومنحهم حقوقهم ؟! ، وخصوصا ونحن نعيش في مثل هكذا أيام سوداء ضبابية معطلة فيها الحياة تماما من جميع الاتجاهات ، فلماذا لم تسجلوا موقفا تأريخيا مشرفا تجاه هذه الناس ، وانقاذهم من الحالات الصعبة والمريرة التي يمر بها بلدنا الان ، كما هو الحال في جميع بلدان العالم بسبب كارثة كورونا اللعينة .
هل تتعظون وتملكون الشجاعة والحس الوطني وتنقذون بلدكم من الكارثة التي ستحل عليه لا سامح الله وعلى شعبه الصابر الصامد ؟ هل ستكون لديكم القدرة على أنتشال البلد وأعادته الى وضعة الطبيعي لينعم أبناء شعبه بخيراته ؟ ، يقول وليم شكسبير ( يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتي أجلهم ، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة ) ، لم يبق الا النصح والتذكير للأستفادة من الوقت المتبقي من حياتكم وأعماركم لأعادة النظر بسلوككم ، لاسيما وان التأريخ سجل لكم جميع اعمالكم ومواقفكم الغير مشرفة وهي مواقف محيطة بالغزي والعار ، وتنتظركم ايضا عواقب وخيمة لما اقترفتموه من مأسي وويلات تجاه شعبكم طيلة سنوات حكمكم العجاف ، أو العودة الى الطريق السليم والأعمال الصالحة ، وأستغلال الفرصة الكبيرة التي منحها الله لكم وللجميع بعد أن يبعدنا الله سبحانه وتعالى من هذا الوباء العالمي ( كورونا ) … لعلكم تتعظون .