كان اسقاط الطائرة الروسية (السوخوي 24 )من قبل طائرة تركية ،امرا مفاجئا للمراقبين السياسيين .فالطائرة الروسية حتى وان كانت فعلا قد اخترقت الاجواء التركية ،فان اسقطها يعد حماقة اردوغانية بامتياز .كان لصحيح سياسيا ان تحتج تركيا لدى روسيا على خرق سيادتها ،او تشتكي لدى مجلس الامن الدولي .ولو كانت انقرة فعلت ذلك لضمنت ضغطا عالمبا على موسكو يلزمها ان لا تعاود فعلتها مرة ثانية .لكن تركيا الاردوكانية ركبت رأسها من حتى مشاورة حلف الاطلسي التي هي عضوا فيه .واكتفت بابلاغ واشنطن التي شجعتها على فكرة الرد الصارم .وبالتأكيد ان واشنطن كانت تدرك انها لن تخسر شيئا في حال ادى الرد التركي الى نزاع عسكري واسع بين البلدين .وهي اساسا تريد ان تزج روسيا في نزاعات مع جيرانها لاشغالها عما تخطط له واشنطن في الهيمنة على الشرق الاوسط .
وقد ذهب البعض من السياسين في واشنطن الى ان الرد على اسقاط الطائرة الروسية سيكون سريعا وواسعا ،لكن موسكو لم تنجر الى اللعبة الامريكية واكتفت بالاستنكار مع التاكيد بان الحادث لن يجرها الى حرب شاملة مع تركيا.لكنها ـ اى روسيا ـ لن تترك انقرة لان تهنأبما حققه من انتصار معنوي باعتبارها تحدت القوة الاولى في العالم .
يذهب المراقبون السياسيون الى ان موسكو ستعاقب انقرة عقابا شديدا على حماقتها .ولكن هذه العقوبة لن تكون بشن حرب على تركيا ،بل بعقوبات اقتصادية ستضع ما يتباهى به اردوغان من انه انعش الاقتصاد التركي في مهب الريح .كذلك ستعمل تركيا في الظلام على دعم حزب العمال الكردستاني التركي بالسلاح والملاذ الامن باعتبار ان سورية اليوم قد سلمت امرها الى روسيا حليفها الستراتيجي القوي .وكانت تركيا قد اوجعها نظام الرئيس الراحل حافظ الاسد حينما فتح اراضي بلاده بوجه مقاتلي حزب العمال الكردستاني قبل عقد من السنين . وقد اضطرت تركيا انذاك الى تقديم تنازلات كبيرة للرئيس حافط الاسد ليكف عن دعم حزب العمال المارض في تركيا
موسكو تعرف من اين توجع انقرة .وهي كانت طرفا مؤثرا لاقناع الرئيس حافظ الاسد على الكف عن دعم الحزب الكردي المناوئ للحكومة التركية …وهي اليوم قادرة على دعمه بالسلاح والملاذ الامن للاقلاق حكومة اردوغان وانهاكها .