ماتزال الازمة الامريكية ـــ الايرانية في تصاعد مستمر بالرغم من محاولة تهدئتها عن طريق الوساطات الدولية، او التصريحات السياسية لمسؤولي البلدين، اذ شهد الاسبوع الاخير تصعيدا خطيرا ربما يصل الى مستوى اعلان الحرب من الجانب الامريكي على الجمهورية الاسلامية، والظاهر ان امريكا قد حددت جغرافية المعركة وجعلت الساحة العراقية ارضا لهذه المعركة.
شهدت بداية الاسبوع بداية التصعيد الامريكي من خلال قيام القوات الامريكية باستفزاز قوات الحشد الشعبي من خلال عمليتها العسكرية التي قامت بها ضد كتائب حزب الله، والتي جاء رد فعلها سياسيا من خلال قيام المتظاهرين من انصار الحشد الشعبي باقتحام السفارة الامريكية واحراق بعض منشأتها اضافة الى فقدان السفارة الامريكية لبعض اجهزتها التي تتضمن اسماء المتعاونين معها.
وفي وسط الاسبوع شهدت الازمة تصعيدا تمثل بمهاجمة عدد من المتظاهرين وبينهم انصار للحشد الشعبي مبنى السفارة الامريكية في بغداد، وهي العملية التي تعتبرها الولايات المتحدة الامريكية نوعا من انواع الاهانة الى مكانتها السياسية وهذا ما تشهد عليه ردود افعالها من مهاجمة السفارات الامريكية وكما حصل في طهران ونيروبي وغيرها من دول العالم.
ويظهر ان هذا الاسبوع لم يشأ ان ينتهي الا بعملية من النوع الثقيل والتي ربما ستكون شرارة النار التي لا يعلم مدياتها اذ اقدمت امريكا على قتل الجنرال قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي القيادي ابو مهدي المهندس.
اذا كانت عملية اول الاسبوع قد وصفها بعض السياسيين الامريكيين بانها اساءت لمكانة الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة وخصوصا مع العراق، اذ ان ردة الفعل على العملية العسكرية الامريكية جاءت من قبل العراقيين من خلال مهاجمتهم للسفارة الامريكية في بغداد، واجبار الولايات المتحدة الامريكية على اغلاق سفارتها وتعليق عملها. فلا ندري ماهو موقف التيار المناوئ لترامب في امريكا عن هذه العملية الاخيرة؟.
ولكن ما يمكن ان يبرز الى سطح الازمة الامريكية الايرانية هو التساؤل عن تداعيات تصاعد الازمة على الداخل العراقي وهنا تبرز مجموعة من الاسئلة التي ربما سنشهد اجابتها بسرعة تتناسب وسرعة احداثها.
السؤال الاول جغرافية الازمة.
هل ان الموقع الجغرافي الذي اختارته امريكا للرد لتصعيد الازمة مع ايران يمكن ان تكون له اهمية جيوبوليتيكية لصالح امريكا، وهل ان الوضع العراقي امنيا وسياسيا يتناسب وهذا الحدث الكبير والخطير؟
السؤال الثاني: توقيت الازمة.
هل ان اختيار توقيت الازمة يحمل رسالة الى المرجعية الدينية في النجف الاشرف والتي اعلنت في الاسبوع الماضي توقفها عن الادلاء باي تصريح سياسي بعد الموقف السلبي للسياسيين في التعامل مع ازمة استقال رئيس الوزراء، فهل ان اختيار هذا التوقيت الذي يسبق موعد خطبة الجمعة بسويعات قليلة محاولة من الادارة الامريكية لاعادة المرجعية الدينية الى ميدان الازمة السياسية في العراق من جهة، و ( احراجها ) امام الجمهورية الاسلامية حكومة وشعبا؟
السؤال الثالث والذي ربما سيكون من اخطر الاسئلة وابرزها وهو يتعلق بالموقف العراقي الشعبي فهل ان المجتمع العراقي مدرك الىابعاد هذا التصعيد الاخير في الازمة الامريكية الايرانية؟ وهل ان موقفه منها سيكون موقفا عقلانيا ومنطقيا بمستوى الحدث؟
اعتقد ان الوضع العراقي وعلى جميع المستويات الدينية والسياسية والشعبية سيكون صعبا وحرجا اذ ان العملية استهدفت شخصيتين من ابرز الشخصيات التي كان لها الاثر الكبير في الحرب ضد داعش ومن ثم هي خسارة كبيرة ومؤثرة على طبيعة التهديدات الامنية التي يواجهها العراق.
ومن زاوية اخرى ان هذه الضربة تمثل خرقا كبيرا وخطيرا للسيادة العراقية ومن ثم نحن بحاجة اكثر من ذي قبل الى ضرورة مراجعة الاتفاقية الامنية بين العراق وامريكا، والعمل على تصفية الوجود الامريكي في العراق خصوصا وان القيادات العراقية اعلنت في اكثر من مناسبة انها ترفض ان يكون العراق منطلقا في الحرب ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية.
وعلى المستوى الشعبي ايضا الشارع العراقي وبعد الانقسامات التي احدثتها فصائل الجوكر الامريكي في مسار التظاهرات ومحاولاتها المتكررة لسحب المتظاهرين باتجاه المواجهة مع القوات الامنية او من يختلف معهم في اليات التعبير عن السخط الشعبي من الفشل الحكومي وكما حصل في الناصرية والبصرة وبغداد. الشارع العراقي يواجه اليوم اكبر تحدي في التعامل مع هذه الجريمة فهل سنشاهد اختفاء لعصابات الجوكر؟ ام انها ستحاول التغرير ببعض المتظاهرين من اجل الخروج للاحتفال بهذه المناسبة ومن ثم استهدافها من قبل بعض فصائل الحشد الشعبي؟
اسئلة ربما لن يتاخر الاجابة عنها الى الغد، فالساعات القادمة على الاغلب ستتكفل بذلك.
هل بدأت حرب الخليج الثالثة؟
هل بدأت حرب الخليج الثالثة؟
د.هاشم العوادي
دكتوراه العلوم السياسية - مدير المركز العراقى الافريقى للدراسات الاستراتيجية
مقالات الكاتب