أبدأ مقالي في نقل تساؤل طالما أقلق معظم أبناء هذا الوطن في الداخل والخارج وهو: هل تنجح سورية في الخروج من أزمتها المستمرة منذ عدة سنوات؟ سؤال مهم… لكن الإجابة عليه بتقديري هو التفاؤل بالإنفراج والخروج بنجاح كامل لسورية من الأزمة الراهنة.
أمل جديد في إنهاء الصراع في سورية حيث تستعد موسكو الأسبوع المقبل لاستضافة إجتماع رباعي روسي إيراني سوري تركي لبحث ملف الأزمة السورية، إذ يتضح أن التطور الجاري بخصوص هذه الأزمة، أنها وصلت إلى مرحلة ما قبل الإنفراج، على الرغم من التصعيد الكبير ضد سورية وحلفاؤها، لذلك أصبح لزاماً رفع مستوى التنسيق بين روسيا وإيران وسورية، هذه القوى الثلاثة الفاعلة في المنطقة، التي يجمعها حلف إستراتيجي عسكري في مواجهة المشاريع الأمريكية الغربية في سورية، لذلك فإن هذا اللقاء سيكون مختلفاً عما سبقه، بجانب رؤية وطرح واضح لحل هذه الأزمة.
هذا الإجتماع كان مناسبة لنقل العديد من الرسائل المهمة فيما يتعلق بالأزمة السورية، ولعل الرسالة الأهم كانت أن هناك ما يشبه الإجماع التام على محورية الدور الروسي في الملف السوري، وأنه لا يمكن التوصل لحلول واقعية وموضوعية لتلك الأزمة بمنأى عن هذه الدولة، وكانت الرسالة الثانية، أن الأطراف التي تحضر هذا الاجتماع، اتفقت على أنه لا مجال للحديث عن حل عسكري للأزمة، وإنما يتمثل الحل الأمثل في الحل السياسي،أما الرسالة الثالثة، تمثلت في أن هذا الاجتماع كان مناسبة لتعيد روسيا تأكيدها على أن ثوابتها المستقرة في حل الأزمة السورية باقية كما هي، وتمثلت تلك الثوابت، بتحقيق استقرار ووحدة الشعب السوري، والأرض السورية، والالتزام بالحل السياسي كمدخل وحيد لمعالجة الأزمة السورية، وهو ما يعنى الرفض القاطع لكل صور التدخل والعبث الأجنبي في الشؤون الداخلية السورية، والتنسيق مع الحكومة السورية لمحاربة الإرهاب وإجتثاثه من جذوره، وبالتالي تعتبر موسكو نجاح هذا نجاحاً كبيراً لسياستها الخارجية.
في هذا الإطار سوف يصدر نواب وزراء الخارجية بياناً مشتركاً عقب الإجتماع الرباعي يحدد سبل الارتقاء بمستوى التنسيق القائم بين روسيا وإيران وسورية وتركيا حول الملف السوري، وسيكون بمثابة خريطة طريق لتحركات واتصالات الدول الأربعة في المرحلة المقبلة في سبيل توسيع قاعدة التوافق والانسجام.
في هذا السياق أصبحت الظروف الحالية ناضجة للحل السياسي والأحداث التي جرت في تركيا أحدثت انعطافة كبيرة تجاه الأزمة السورية لأن تركيا لن تستطيع السيطرة على الداخل التركي طالما أن الوضع السوري متأزم ، ومع ذلك، فـإن هذه الاجتماع الذي سيجري لا يزال يمثل فرصةً تاريخية لإنهاء الصراع الذي طال أمده وأثقل كاهل السوريين و دفع السوريون فيها ثمناً باهظاً وفاقمت من معاناتهم، لذلك من المتوقع أن يتم خلال الاجتماع الرباعي خطوات ايجابية تمهيدا لاجتماع وزراء خارجية هذه الدول.
اليوم نحن نتطلع لإنعقاد هذا الاجتماع ونرى فيه فرصة هامة ونادرة، ليس ذلك فحسب، بل نرى أنها فرصة وحيدة لوضع الأسس المؤدية لإنهاء الحرب في سورية وعليه فإن على من يشارك في هذا الاجتماع مسؤولية كبيرة للتوصل إلى نتائج جادة وإيجابية للتوصل إلى الحل المنشود في سورية، الذي قد يمهد الى وقف الأعمال القتالية والإنتقال إلى مرحلة إعادة البناء.
مجملاً….إن مباحثات الاجتماع الرباعي الذي سيعقد في موسكو هذه المرة أهم من كل المباحثات الأخرى التي سبقته، لوجود قوى سياسية فاعلة متمثلة بروسيا وتركيا وإيران وسورية، كما أن هذا الاجتماع سيعول عليه لأنه سيحدد مستقبل سورية فإما الاستقرار وإما استمرار دوامة الحرب والصراع في سورية، وهنا يتساءل الكثير من المراقبين السياسيين وبقلق ملحوظ: هل ستنجح المشاورات السورية التركية والايرانية الروسية وهل سيلبي هذا الاجتماع مطالب الكثير من الأطراف الفاعلة في المشهد السوري؟!
وأختم مقالي بالقول: إن أعداء سورية وأعداء السلام واهمون بأن يفكروا ولو لحظة من الوقت بأن بإمكانهم الإنتصار على إرادة الشعب السوري، وواهمون من يحلمون بإستمرار الأوضاع الحالية إلى ما لا نهاية، فسورية ستعود أقوى مما كانت ولن يستطيع أحد أن يجعلها تنحني، وستتجاوز الأزمة التي تمر بها بإصرار شعبها العظيم.