18 ديسمبر، 2024 11:41 م

هل اُثبتت النظرية النسبية عمليا ؟ ، مفهوم (الزمكان ) والثقوب السوداء (4)

هل اُثبتت النظرية النسبية عمليا ؟ ، مفهوم (الزمكان ) والثقوب السوداء (4)

ورغم مرور ما يزيد عن 60 سنة من وفاة هذا العالم الكبير ، الا أنه لم يزل يدهشنا بتنبؤاته النظرية ، والتي تتحول عام بعد عام ، الى بديهيات مثبتة بسبب التقدم التكنولوجي ، كان آخرها تنبؤه بظاهرة (الموجات الثقالية Gravity Waves) ، والتي عدّها العلماء في السابق احدى تخريفاته !، فالكون يحتوي على نجوم نيوترونية عالية الكتلة متقاربة جدا ويدوران حول بعضهما بسرعة وكأنها رقصة ، وعليه سيسببان توترا متموجا وكأنهما (ينفضان) نسيج الزمكان بأستمرار ، اي يشبه من ينفض سجادة من جانب ، لتصل تموجاتها الى الطرف الآخر منها ، إستنتج آينشتاين ذلك عام 1916 ، فأستنتج العلماء ، ان الموجات الثقالية تلك لا بد أن تصل لزمكان الأرض ، حتى اكتشفوها كحقيقة مسلّم بها في كل من أمريكا والمانيا في آب /أغسطس عام 2017 ! ، وكان الخبر مدوّيا في الأوساط العلمية ، بأستخدام أعقد وأشد الأجهزة دقةٌ والتي تعمل بالليزر ، ولا ندري ماذا يخبئ لنا تطور التكنولوجيا مستقبلا ، للكشف عن التنبؤات الأكثر جنونا لهذا الرجل !.

يعتقد الكثيرون ، أن أينشتاين رجل علم نظري بحت وهذا خطأ جسيم ، فلولاه ما عرفنا التأثير الكهروضوئي الذي اكتشفه وأحدى تطبيقاته الخلايا الشمسية ، والذي حصل بمقتضاه على جائزة نوبل عام 1921، وما توصلنا لتقنية الكاميرات الرقمية ، وما عرفنا نظام (GPS) ، بل ما عرفنا اشعة الليزر ، والقائمة تطول ، بالأضافة للأدبيات الفلسفية العالية .

يُعتبر (أينشتاين) الأب الروحي لفيزياء الكم (Quantum Physics) ، لكنه لم يعترف بها ، لأن مؤيديها يعتمدون العشوائية ومبدأ (اللايقين أو اللادقة Uncertainty Principle) للعالم العظيم (هايزنبيرغ) ، وزميله العالم (شرويدينغر) ، والعالم الكبير (نيلز بوهر) ، ويعتبرون أن هذه العشوائية هي سيدة الموقف في ادارة دفة الكون ، ولهم حججهم في ذلك ، وكان السجال الساخن لا ينتهي بين الندّين العظيمين (أينشتاين) و(نيلز بوهر) ، وفي أحد المرات ، كان (بوهر) يدافع عن نظرية العشوائية واللايقين في نظرية الكم ، فقاطعه أينشتاين بمقولته المشهورة (ٳن الله لا يلعب بالنرد God doesn’t play dice) ! .

كان العقل الجبار لهذا العالم العظيم ، يُملي عليه ، أن ثمة (مهندس) في منتهى البراعة والدقة والتدبير ، وذكاء لخالق لا يُقارن بذكاء المخلوق (وما أوتيتُم من العلمِ ٳلا قليلا ، سورة الأسراء –الآية 85) ، مسؤول عن تسيير أمور الفضاء ، وخلقه بهذه الميكانيكية الهائلة والبالغة التعقيد ، وأن هذا التدبير المُحكم ، لا مكان للعشوائية فيه ، كان أينشتاين بلا شك له فهمه الخاص بالخالق عز وجل ، ولا شك أنه كان فهما عميقا ، إلا أنه كان متبنيا للمبدأ (الأغنوسطي Agnostic) لانه كان ضد فكرة الأديان ، ومنها اليهودية والمسيحية ، والذي يجب تمييزه عن الإلحاد والعدمية (Atheism) ، اينشتاين الذي عُرضت عليه رئاسة (اسرائيل) في العام 1948 ، فرفضها رفضا قاطعا ، رغم تعرضه لأضطهاد نازية (هتلر) ، لأنه كان حُرا ، فلم تعتريه عقدة الشعور بالأضطهاد التي طالما دفعت للأنتقام العشوائي وحرق الأخضر واليابس ! ، وقد ربط علم الفيزياء بالفلسفة العالية ، وربما بالغيبيات ، لكن من وجهة نظر علمية !.

أينشتاين ، عازف الكمان الهاوي ، رأيناه مصاحبا للفلاسفة والفقراء من طراز (غاندي) و(طاغور) فيلسوف الهند ، و(تشارلي تشابلن) الفنان الهادف الكبير والمدافع عن الفقراء وغيرهم ، آينشتاين الذي كان يفهم الخالق ، لا كمهندس خارق فحسب ، بل من خلال الجمال المطلق الذي نستشعره في نغمات (الكمان) ، أو مانراه في زهور الحدائق ، وقال أن أكبر عمل ندم عليه ، تلك المعادلة التي تحولت الى قنبلة نووية ألقيت على اليابان ، لم يترك القلم حتى وهو مسجى على فراش المرض من أزمتة القلبية عام 1955 ، محاولا ربط كل معادلاته بمعادلة واحدة تفسر الكون بأكمله اسماها (معادلة كل شيء Everything Equation) ، كانت الممرضة المكلفة برعايته تروح وتغدو بقربه ، وهي لا تسمع سوى سحجات قلمه على الأوراق ، وفجأةً توقف صوت تلك السحجات الى الأبد !.

ٳن اردت التوسع في فهم هذا الموضوع ، بأمكانك مراجعة حلقات من برنامج (Through the worm hole with Morgan Freeman) ، من خلال (اليوتيوب) ، والذي قدمه الفنان القدير (مورغان فريمان) عبر قناة (ديسكفري) وهو يقوم بالبحث عن رأي الأديان ببداية الكون ، ومن ضمن ما زاره جامع الأزهر ، والتقى هناك بشاب مصري مثقف يجيد الأنكليزية وترجم له الآية (ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين، سورة فصّلت –الآية 11) ، وكانت دهشة هذا الفنان المصحوبة بأبتسامة قائلا (هذا كونيّ جدا This is very cosmic) ! ، فالدخان الوارد بالآية الكريمة ، ناتج عن حرارة تحاكي عنف تكون الكون ، هو ما يسمونه علماء الفلك (الغبار الكوني الساخن) في بداية نشأة الكون بعد الأنفجار العظيم ، وقال تعالى (أوَ لم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ، سورة الأنبياء – الآية 30) ، أي ان الأرض التي لم تُخلق بعد ، والسماء (بغبارها الكوني) ، كانتا من جنس واحد (الغبار الكوني ) ، وكأن الله شكّلها (فتقها) من هذا الغبار وهي من أقوى نظريات تكوين الأرض ، فتبارك الله أحسن الخالقين .