7 أبريل، 2024 5:20 ص
Search
Close this search box.

هل اُثبتت النظرية النسبية عمليا ؟ ، مفهوم (الزمكان ) والثقوب السوداء (1)

Facebook
Twitter
LinkedIn

النظرية النسبية (Theorem of relativity) ، من أهم النظريات العلمية التي إنبثقت في مطلع القرن العشرين ، هذا إن لم نقل أهمها على الإطلاق ، فقد فتحت باب العلم على مصراعيه للكثير من الإختراعات والتأويلات الفلسفية والعلمية ، بل إنها من النظريات الفيزياوية العميقة التي أسست مفصلا ما بين مختلف العوالم حتى لو كانت عوالم يسميها البعض بالغيب والوجود ، وأماطت اللثام عن الكثير جدا من أسرار الكون ! ، وقد بلغ العمق بهذه النظرية أن الكثير من الأكاديميين الفيزيائيين المرموقين ، لم يلمّوا بكل فصولها ، لذلك سأحاول تبسيط ما يمكن تبسيطه من أساسيات هذه النظرية .

مَن منا لم يرَ صورة (لأينشتاين Einstein) صاحب هذه النظرية ؟ ذلك الرجل بملامحه الشرقية وبشعره الأشعث والشاربين الكثين ، لكن في هذا الرأس ما هو أبعد بكثير عن مظهره المتواضع ، أنه دماغ يُقال عنه انه أعظم ما انجبه الوعي البشري ، لقد نسف علم الفيزياء بشكل أعنف من قنبلته الذرية ، بمعادلته المشهورة (E=mc²) ، لقد خالف كل قوانين الفيزياء الكلاسيكية ، والتي كان عرابها العالم العظيم (نيوتن) ، بل على الأقل اعتبرها غير دقيقة ، فلا توجد في أعرافه الخطوط المستقيمة ، وأن كل شيء منحنٍ !.

هكذا تحول ذلك الموظف المتواضع في مكتب براءات الأختراع في مدينة (بيرن) السويسرية عام 1903، الى عالِم هز العالَم وغيّر مفهومنا لعلم الفيزياء الى الأبد .

كان الرجل في احدى جولاته اليومية يركب (الترام) واقفا ووجهه للخلف ، ناظرا من النافذة الخلفية للترام الى برج فيه ساعة كبيرة ، و(الترام) يبتعد عنها ، هنا بدأ (التفاعل المتسلسل Chain Reaction) لتشغيل قنبلة هذا الرجل العقلية ، فأفترض ان صورة هذه الساعة وهي تشير الى الثانية عشرة ظهرا ، تنتقل الى عينيه بسرعة الضوء ، فماذا سيحصل اذا ابتعد عنها بسرعة الضوء أيضا ؟! ، عندها سيلازم صورة الساعة ولا يفارقها ، لأنه بنفس سرعتها ، وسيراها ساكنة بعقارب لا تتحرك لأنها صورة ساكنة ، وستتوقف عند الساعة 12 ، أي انك ستكون خالدا !، اي ان الزمن سيتوقف طالما هو يتحرك بسرعة الضوء ! ، وهذا التفكير يبدو افتراضيا وغير معقول ، لكنه من الناحية النظرية صحيحا يفهمه جيدا الفيزيائيون الأكاديميون !.

ولكن ماذا سيحدث اذا تحرك اسرع من الضوء ؟ ، لا شك انه (سيلحق) بالصور السابقة زمنيا للساعة ، أي قبل ان تشير الى الثانية عشرة ! ، اي انه بحركته الأسرع من الضوء سيرى عقارب الساعة تتحرك بالعكس ، أي سيكون الزمن سالبا ، وستعود الى الماضي !.

هكذا جعل الرجل من الزمن بعدا رابعا اضافة للأبعاد (المكانية) الثلاثة ، الطول والعرض والأرتفاع ، التفسير البسيط أنك اذا اردت اعطاء عنوانك الدقيق لصديق تدعوه لشقتك ، فلا بد من أعطائه بعدين (المستوى الأفقي) ، والبعد الثالث (الطابق) ، والموعد (الزمن) للقاء ، هكذا جعل الزمن مرتبط بالمكان ولا يمكن فصلهما ، وهو أول من أطلق على هذه الظاهرة (الزمكان Space-time) ، فقبل الأنفجار العظيم (Big Bang) ما كان هنالك سوى العدم واللامكان ، وعليه لن يكن الزمن وجودا ، وأن كل الموجودات المادية محاطة بنسيج إفتراضي كالقماش بخيوط افقية (المكان) ، وعمودية (الزمان) ، وانها قابلة للأنبعاج عند وجود كتلة ثقيلة ، كالأرض ، فلو تصورنا ان نسيج (الزمكان) ، هو جهاز (ترامبولين) ، وأن الأرض (كرة بولنغ) ، ووضعناها فوق نسيج (الترامبولين) ، فلا بد انها ستتمركز فيه وسيتحول نسيج الترامبولين من الشكل المستوي الى المنبعج بسبب ثقل الكرة ، ولو أطلقنا من جانب الترامبولين ، كرة معدنية أصغر بكثير من كرة (البولنغ) ، فستراها تدور بسبب مخروط الأنبعاج حول كرة (البولنغ) عدة دورات حتى تستقر قربها ، هكذا فسر قانون الجاذبية وحركة الأجرام وتوابعها حول الشمس ، بعد أن عجز كل علماء الفيزياء عن اعطاء تأويل معقول للفيزيائيين عن مفهوم الجاذبية (Gravity) ، ان الفضل يعود الى نسيج (الزمكان) هذا !.

لاحظنا كيف فسّر (اينشتاين) ، انبعاج وتقعر النسيج (الزمكاني) حول اي جسم ذو كتلة كبيرة كالشمس مثلا ، وهذا مبدا النظرية النسبية العامة (General Theory Of Relativity)، لكنه لم يكتفِ بذلك ، فأدعى أيضا ، ان الضوء سيتأثر أيضا بتلك الكتلة ، وسيأخذ مسارا منحنيا حولها وليس مسارا مستقيما، لأن مسار الضوء محكوم بخطوط (الزمكان ) هذا ، بعد أن كان العُرف العام الراسخ في الفيزياء ، أن الضوء يسير بخطوط مستقيمة ، اي أن تلك الكتلة الكبيرة، ستعمل على (حرف) شعاع الضوء بمقدار يتناسب مع شدة جاذبية تلك الكتلة ، وأعتقد العلماء ، ان ادعاءاته ليست سوى ضرب من الجنون ، فأزاء كل حداثة ، ثمة معارضة من المعسكر القديم ، فضلا عن كونها مبادئ صعبة الفهم ، كما قال الأمام علي (الناس أعداء ما جهلوا) ، وفي نفس الوقت كان الحسد يغلي في داخلهم ، فقد علموا أن ثمة طوفان قادم لمفاهيم الفيزياء ، لا قِبَل لهم بمواجهته ، وكان الرهان التاريخي لأثبات ذلك عمليا .

ففي العام 1919 ، كان هنالك كسوف كلي للشمس في جنوب أفريقيا ، وكان علماء الفلك من الفيزيائيين يعلمون ، أن ثمة نجمان لا يمكن رؤيتهما لأنهما كامنان خلف قرص الشمس ، لكن (أينشتاين) راهنهم ، من أن الكسوف الكلي فرصة ذهبية كي لا تعمى المراصد بسبب سطوع الشمس ، وأنهم سيرون النجمين ، لأن مسار ضوئهما سيحيدان عن كتلة الشمس بصورة منحنية الى حيث المراصد الأرضية ، وقد صدقت نبوئته ! ، فقد رأوا النجمين ، ولوكان الضوء يسير بخطوط مستقيمة ، ما رأوهما مطلقا ! ، لقد رأى زملاءه ذلك بأعينهم ، وحُرم هو من زيارة مكان كسوف الشمس ، فقد إنتهت توا الحرب العالمية الأولى ، وأعتُبِرَ من دولة عدوة ، ألمانيا !.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب