لاحظنا كيف فسّر (اينشتاين) ، انبعاج وتقعر النسيج (الزمكاني) حول اي جسم ذو كتلة كبيرة كالشمس مثلا ، وهذا مبدا النظرية النسبية العامة (General Theory Of Relativity)، لكنه لم يكتفِ بذلك ، فأدعى أيضا ، ان الضوء سيأخذ مسارا منحنيا حول تلك الكتلة وليس مستقيما ، بعد أن كان العُرف العام الراسخ في الفيزياء ، أن الضوء يسير بخطوط مستقيمة ، اي أن تلك الكتلة الكبيرة، ستعمل على (حرف) شعاع الضوء بمقدار يتناسب مع شدة جاذبية تلك الكتلة ، وأعتقد العلماء ، ان ادعاءاته ليست سوى ضرب من الجنون ، فأزاء كل حداثة ، ثمة معارضة من المعسكر القديم ، فضلا عن كونها مبادئ صعبة الفهم ، كما قال الأمام علي (الناس أعداء ما جهلوا) ، وفي نفس الوقت كان الحسد يغلي في داخلهم ، فقد علموا أن ثمة طوفان قادم لمفاهيم الفيزياء ، لا قِبَل لهم بمواجهته ، وكان الرهان التاريخي لأثبات ذلك عمليا .
ففي العام 1919 ، كان هنالك كسوف كلي للشمس في جنوب أفريقيا ، وكان علماء الفلك من الفيزيائيين ومنهم (أينشتاين) يعلمون ، أن ثمة نجمان لا يمكن رؤيتهما لأنهما كامنان خلف قرص الشمس ، لكن (أينشتاين) راهنهم ، من أن الكسوف الكلي فرصة ذهبية كي لا تعمى المراصد بسبب سطوع الشمس ، وأنهم سيرون النجمين ، لأن مسار ضوئهما سيحيدان عن كتلة الشمس بصورة منحنية الى حيث المراصد الأرضية ، وقد صدقت نبوئته ! ، فقد رأوا النجمين ، ولوكان الضوء يسير بخطوط مستقيمة ، ما رأوهما مطلقا !.
يدعي (أينشتاين) ، ان نسيج (الزمكان) كالورقة بأمكانك تشكيلها اسطوانيا ، أو حتى طيّها ! ، فلو أخذت ورقة بيضاء ، وتكتب عليها تاريخ ميلادك في وسط أعلى الورقة كالعنوان ، ثم تعيش حياتك سائرا على نسيج (الزمكان) هذا مخلفا خطا مستقيما الى أسفل الى حيث تبلغ من العمرعتيا ، وتكتب تاريخ ذلك اليوم اسفل وسط الورقة (الزمكان) ، فبأمكانك طي تلك الورقة عرضيا ، بحيث يتطابق تاريخ ولادتك ، وشيخوختك بنفس النقطة ، عندها ، سترى مهدك وأنت طفل ، وربما سيرى الطفل نفسه شيخا ، بل من الممكن أن تشهد ولادة أجداد أجدادك ! ، يبدو هذا مستحيلا عمليا (على الأقل حاليا) ، لكن هنالك معادلات بهذا الخصوص ، لا يمكن دحضها ، هكذا أثبت هذا العالم الكبير ، أن الزمن نسبي وغير مطلق ، بأمكانه التباطؤ الى درجة التوقف من ناحيتك كلما زادت سرعتك (حادثة الترام في المقال السابق) ! .
قال تعالى (تعرجُ اليه الملائكة والروح في يومِ كان مقداره خمسين الف سنة ، سورة المعارج –الآية 4) ، وقال عزّ من قال (وٳن يوما عند ربّك كألفِ سنةٍ مما تعدون، سورة الحج-الآية 47) ، آيتان سبقتا عصرهما بكثير ،ولا أدري كيف فسر الفقهاء هذا الأعجاز ، وكيف حاكى عقولهم منذ 1400 سنة !.
والأن وبعد أن لاحظنا تأثير الكتلة على النسيج (الزمكاني) ، والذي تتأثر شدة انبعاجه وأنحناءه حسب مقدار الكتلة وبالتالي جاذبيتها ، فما الذي يحدث لو عانى هذا النسيج من ثقل كتلة هائلة لا يمكن تصورها ذهنيا ؟ ، سيتمزق نسيج (الزمكان – الترامبولين) ببساطة ، وستخترقه مخلفة ما يسمى (الثقب الأسود Black hole) ! ، عندها ستُلغى كل قوانين الفيزياء المعروفة ! ، يدعى أعيان علماء فيزياء الكم (َQuantum Physics) ، انها (ستسقط) على نسيج (زمكان) آخر يُدعى (الكون المتوازي Parallel Universe) !.