والسوأل هو ، كيف تكونت الثقوب السوداء ؟ ، يدعي علماء الفلك ، انها من مخلفات (رفات) نجم ميت ، فلكل شي عُمر ونهاية حتى لو كان عُمرا فلكيا يُعد بمليارات السنين ! ، فعند نفاذ وقود أفران هذه النجوم ، والتي تمدها بالطاقة بالأندماج النووي كشمسنا ، تضعف جاذبيته ، وتقل سطوتها على قشرته الخارجية فيتمدد الى أضعاف كبيرة من حجمه الأصلي ، ويسمى (العملاق الأحمر Red Giant) ثم ينكمش على نفسه وينتهي نهاية مدوية هائلة ، ويتحول الى ما يسمى (المستعر الأعظم Supernova) ناثرا مواده الساطعة والساخنة الى الفضاء على هيئة (بلازما) ويكون عمره قصيرا وسرعان ما يتحول أما الى نجم نيوتروني ، بقطر بضعة الاف من الكيلومترات لكنه هائل الكتلة والجاذبية ، أو الى ما يسمى (القزم الابيض White Dwarf) ، أو الى ثقب اسود ولا يعرف علماء الفيزياء يقينا ، ماذا سيحدث بالضبط في جوف الثقب الأسود ، فمنهم من يدّعي أنه سيكوّن بوابة الى كون متوازٍ آخر ،لأن (أفق الحدث Event of Horizon) ، والذي يمثل حافة الثقب الأسود ، هو (العتبة) والحاجز ، بين الفيزياء التي نعرفها ، وبين فيزياء لا نعرف عنها شيئا ، فكل المادة التي ابتلعها هذا الوحش النهم ، تتحول في جوفه الى نقطة صغيرة يقترب حجمها من الصفر ، وكتلتها الى المالانهاية ! ، لذلك يسمونها ظاهرة (التفرّد Singularity) ، يدّعي بعض العلماء ، أن الثقب الأسود قد يضيق بها ، ويلفظها من جهته الأخرى خلال المسار الدودي فتنفجر هذه (الجسيمة) لتعود فتشكّل كونا آخرا ، أي (Big Bang ) جديد ، بأبعاد وزمن آخر، وكأن الثقوب السوداء ، وُجدت لأعادة تدوير (جثامين) النجوم ، لتوليد أكوان أخرى !.
لكننا بصدد البحث عن أدلة واقعية تمثل جوهر النظرية النسبية ، من أن الزمن سيتباطأ مع الأجسام المتحركة أكثر منه بالنسبة للأجسام الساكنة ، فهل يوجد دليل عملي ؟ الجواب نعم ! ، فأحد رواد الفضاء الروس الذي قضى عدة أشهر في محطة الفضاء الدولية (International Space Station ,ISS )، والتي عليها ان تدور حول الأرض بارتفاع 400 كم ، وبسرعة 28 الف كم/ساعة للحفاظ على هذا الأرتفاع ، عاد وهو أكثر شبابا من عمره (الأرضي) بعدة (مللي ثواني) ! ، زمن لا يكاد يُحسب ، لكنه دليل !، وفي تجربة أخرى ، وُضعت عدة ساعات ذرية ذات الدقة الخيالية على متون عدة طائرات مدنية مخصصة للأبحاث ، وبعد طيرانها لعدة ساعات ، وُجدت (مقصّرة) بأجزاء من المايكروثانية ، عن مثيلتها على الأرض !، هذا التطبيق استفاد منه العلماء في تصميم أجهزة التموضع العالمي (Ground Positioning System – GPS ) ! المعمول به حاليا ، والتي تستفيد من ظاهرة التغير النسبي لزمنها الفضائي بالنسبة للزمن الأرضي ، فتحوله الى (احاثيات مكانية) !، اي لولا النظرية النسبية ، ما وُجِد نظام (GPS) ! ، وحسب معادلات آينشتاين ، فأنك لو سافرت بسرعة الضوء ، لمدة ساعة واحدة ذهابا وأيابا الى الأرض ، فستجد الأرض ، وقد مرّ عليها 500 عام !.
يدعي (آينشتاين) ، أنك لست مضطرا لبلوغ سرعة الضوء والبالغة 300 الف كم/ثانية لربح الزمن، وهي سرعة تمتلك تعجيلا لا يتحمله الجسد البشري ولا حتى اجزاءً صغيرة منه ، فبأمكانك التنقل من مكان الى آخر ببعد سحيق ، اذا سخرت نسيج الزمكان لخدمتك ، وجعله الوسيط الناقل والمتحرك بالنيابة عنك ، وذلك عن طريق ما يسمى (المسارات الدودية Worm Holes) ، يدعي انك لو خلقت ثقبا أسودا فسيمدد نسيج الزمكان بشكل مقعّر عميق جدا دون أن يتمزق ، وجعله يرتبط بكون متوازٍ آخر ، الأمر يشبه حبال حلقة كرة السلة ، لكنه مرتبط من الأسفل بحلقة أخرى ، أي عدم تركها سائبة ، الحلقة العليا تمثل مستوى نسيج زمكان ، والحلقة السفلى تمثل مستوى لزمكان آخر ، اي زمن أخر ، ومكان آخر ، هذا النسيج الأسطواني بشكل يشبه الدودة والمُحاك بين الزمكانين هو المسار الدودي وكأنه (سُرّة) وحبل سري بين المستويين ! . فهل هذه هي بوابتنا الى (العالم الآخر) ؟! ، حيث يختلف فيه كل ما ألفناه عن الفيزياء الأرضية ؟ ، فرغم نعمة البصر ، الا أن العين البشرية كسولة بحيث لا ترى الا الجزء اليسير جدا من الطيف الكهرومغناطيسي وهو الضوء المرئي بألوانه السبعة الذي يبدأ من الأحمر وينتهي بالبنفسجي ، لكننا لا نستطيع أن نرى الموجات اللاسلكية وموجات المايكروويف ، والأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية ، وما بعد الطيف المرئي كأشعة (X) أو غاما ،رغم انتماء كل هذه الأطياف الى جنس واحد هو الموجات الكهرومغناطيسية ! ، ولا نستطيع رؤيتها الا بالأجهزة .
قال تعالى مخاطبا الأنسان المحتضر (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءَكَ فبصرُكَ اليومَ حديد ، سورة (ق) –الآية 22 ) ، وقال الأمام علي (الناسُ نيامٌ ما حيوا ، فأذا ماتوا انتبهوا) ، وكلمة حديد تأتي من الحدّة ، التي لا تشمل قصور البصر الدنيوي فقط ، بل كل الحواس والوعي والأدراك ، هذا ان أهملنا الآلاف من شهادات حالات (الأقتراب من الموت Near Death Experience ,NDE) الموثقة طبيا ، والتي تتطابق رواياتها جميعها بشكل غريب من حيث مراحل الموت وكيف تُشحذ كل حواس الأنسان ووعيه الى درجة خارقة !.
ورغم مرور ما يزيد عن 60 سنة من وفاة هذا العالم الكبير ، الا أنه لم يزل يدهشنا بتنبؤاته النظرية ، والتي تتحول عام بعد عام ، الى بديهيات مثبتة بسبب التقدم التكنولوجي ، كان آخرها تنبؤه بظاهرة (الموجات الثقالية Gravity Waves) ، والتي عدّها العلماء في السابق احدى تخريفاته !، فالكون يحتوي على نجوم نيوترونية عالية الكتلة متقاربة جدا ويدوران حول بعضهما بسرعة وكأنها رقصة ، وعليه سيسببان توترا متموجا وكأنهما (ينفضان) نسيج الزمكان بأستمرار ، اي يشبه من ينفض سجادة من جانب ، لتصل تموجاتها الى الطرف الآخر منها ، فأستنتج العلماء ، ان الموجات الثقالية تلك لا بد أن تصل لزمكان الأرض ، حتى اكتشفوها كحقيقة مسلّم بها في كل من أمريكا والمانيا منذ بضعة شهور فقط وكان الخبر مدوّيا في الأوساط العلمية ، بأستخدام أعقد وأشد الأجهزة دقةٌ والتي تعمل بالليزر ، ولا ندري ماذا يخبئ لنا تطور التكنولوجيا مستقبلا ، للكشف عن التنبؤات الأكثر جنونا لهذا الرجل !.
يعتقد الكثيرون ، أن أينشتاين رجل علم نظري بحت وهذا خطأ جسيم ، فلولاه ما عرفنا التأثير الكهروضوئي الذي اكتشفه وأحدى تطبيقاته الخلايا الشمسية ، والذي حصل بمقتضاه على جائزة نوبل ، وما توصلنا لتقنية الكاميرات الرقمية ، وما عرفنا نظام (GPS) ، بل ما عرفنا اشعة الليزر ، والقائمة تطول ، بالأضافة للأدبيات الفلسفية العالية .
يُعتبر (أينشتاين) الأب الروحي لفيزياء الكم (Quantum Physics) ، لكنه لم يعترف بها ، لأن مؤيديها يعتمدون العشوائية ومبدأ (اللايقين أو اللادقة Uncertainty Principle) للعالم العظيم (هايزنبيرغ) ، وزميله العالم (شرويدينغر) ، والعالم الكبير (نيلز بوهر) ، ويعتبرون أن هذه العشوائية هي سيدة الموقف في ادارة دفة الكون ، ولهم حججهم في ذلك ، وكان السجال الساخن لا ينتهي بين الندّين العظيمين (أينشتاين) و(نيلز بوهر) ، وفي أحد المرات ، كان (بوهر) يدافع عن نظرية العشوائية واللايقين في نظرية الكم ، فقاطعه أينشتاين بمقولته المشهورة (ٳن الله لا يلعب بالنرد God doesn’t play dice) ! .
كان العقل الجبار لهذا العالم العظيم ، يُملي عليه ، أن ثمة (مهندس) في منتهى البراعة والتدبير ، وذكاء لخالق لا يُقارن بذكاء المخلوق (وما أوتيتُم من العلمِ ٳلا قليلا ، سورة الأسراء –الآية 85) ، مسؤول عن تسيير أمور الفضاء ، وخلقه بهذه الميكانيكية الهائلة والبالغة التعقيد ، وأن هذا التدبير المُحكم ، لا مكان للعشوائية فيه ، كان أينشتاين بلا شك له فهمه الخاص بالخالق عز وجل ، ولا شك أنه كان فهما عميقا ، الا انه كان ضد فكرة الأديان ، ومنها اليهودية والمسيحية ، اينشتاين الذي عُرضت عليه رئاسة (اسرائيل) في العام 1948 ، فرفضها رفضا قاطعا ، رغم تعرضه لأضطهاد نازية (هتلر) ، لكنه كان حُرا ، فلم تعتريه عقدة الشعور بالأضطهاد التي طالما دفعت للأنتقام وحرق الأخضر واليابس ! ، وقد ربط علم الفيزياء بالفلسفة العالية ، وربما بالغيبيات ، لكن من وجهة نظر علمية !.أينشتاين ، عازف الكمان الهاوي ، رأيناه مصاحبا للفلاسفة والفقراء من طراز (غاندي) و(طاغور) فيلسوف الهند ، و(تشارلي تشابلن) الفنان الهادف الكبير والمدافع عن الفقراء وغيرهم ، آينشتاين الذي كان يفهم الخالق ، لا كمهندس خارق فحسب ، بل من خلال الجمال المطلق الذي نستشعره في نغمات (الكمان) ، أو مانراه في زهور الحدائق ، وقال أن أكبر عمل ندم عليه ، تلك المعادلة التي تحولت الى قنبلة نووية ألقيت على اليابان ، لم يترك القلم حتى وهو مسجى على فراش المرض من أزمتة القلبية عام 1955 ، محاولا ربط كل معادلاته بمعادلة واحدة تفسر الكون بأكمله اسماها (معادلة كل شيء Everything Equation) ، كانت الممرضة المكلفة برعايته تروح وتغدو بقربه ، وهي لا تسمع سوى سحجات قلمه على الأوراق ، وفجأةً توقف صوت تلك السحجات الى الأبد !.ٳن اردت التوسع في فهم هذا الموضوع ، بأمكانك مراجعة حقات من برنامج (Through the worm hole with Morgan Freeman) ، من خلال (اليوتيوب) ، والذي قدمه الفنان القدير (مورغان فريمان) عبر قناة (ديسكفري) وهو يقوم بالبحث عن رأي الأديان ببداية الكون ، ومن ضمن ما زاره جامع الأزهر ، والتقى هناك بشاب مصري مثقف يجيد الأنكليزية وترجم له الآية (ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين، سورة فصّلت –الآية 11) ، وكانت دهشة هذا الفنان المصحوبة بأبتسامة قائلا (هذا كونيّ جدا This is very cosmic) ! ، فالدخان الوارد بالآية الكريمة ، ناتج عن حرارة تحاكي عنف تكون الكون ، هو ما يسمونه علماء الفلك (الغبار الكوني الساخن) في بداية نشأة الكون بعد الأنفجار العظيم ، وقال تعالى (أوَ لم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ، سورة الأنبياء – الآية 30) ، أي ان الأرض التي لم تُخلق بعد ، والسماء (بغبارها الكوني) ، كانتا من جنس واحد (الغبار الكوني ) ، وكأن الله شكّلها (فتقها) من هذا الغبار وهي من أقوى نظريات تكوين الأرض ، فتبارك الله أحسن الخالقين .