8 أبريل، 2024 11:36 م
Search
Close this search box.

هل ان الانتصار الكبير ضد داعش حقيقي فعلا؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

بقلم نانسي يوسف و شاين هاريس “جريدة ديلي بيست”

يعرب المسؤولون الاميركيون عن تفاءل حذر ازاء الانتصار العراقي الاخير الذي تحقق في الرمادي، معتقدين انه يمكن ان يصبح هذا الانتصار نقطة محورية فاصلة في مسيرة الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي الذي ابتلع مساحات واسعة من العراق وسوريا المجاورة منذ العام الماضي واستعادتها منه. لكن الاهم من ذلك يتمثل في كيف ان الحكومة العراقية ستبني على نتائج الانتصار العسكري الذي تحقق على الميدان للتو.
يعتقد المسؤولون الاميركيون ان القوات الامنية العراقية مدعومة بـ630 طلعة جوية لطيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مدار الاشهر الـ5 الماضية، تمكنت من استعادة مركز المدينة الى جانب اكثر من 50% من مركز المحافظة. لكن برغم ذلك، لا يزال هنالك بعض القتال للسيطرة على باقي المدينة التي يمكن ان تتحرر نهائيا في غضون ايام وحسب.
من جانبهم، عجّل المسؤولون الحكوميون العراقيون باحتفالهم بهذا النصر، هذا الاحتفال الذي قد يكون سابقا لأوانه. لقد اعلن هؤلاء بداية السيطرة على كامل المدينة قبل ان يصححوا بيانهم لاحقا. ولا تزال هنالك بعض الجيوب في الرمادي تحت سيطرة داعش حسب ما اكد مسؤولون اميركيون وعراقيون، وذلك برغم ما اظهرته صور الاقمار الاصطناعية الاميركية من استبدال علم داعش الاسود بعلم العراق فوق مبنى الحكومة المحلية هناك.
لكن احد المسؤولين العسكريين الاميركيين تحدث الى جريدة ديلي بيست قائلا “ان هذا التحرير يكمن في عيون من يشاهدوه الان وحسب”.
كما ان ما ستقوم به حكومة بغداد التي يهيمن عليها الشيعة ما بعد الرمادي سوف يحدد كيف يمكن ادامة هذا الانتصار العسكري حسب رأي المحللين. فهل ستعمد الحكومة الى تسليح قوة سنية محلية وتعطي ابناء الطائفة السنية كلمة اكبر في ادارة المدينة يا ترى؟ وهل ستعمد بغداد الى اعادة بناء المدينة التي فر العديد من سكانها السنة نتيجة لاحتلال تنظيم داعش لها كي يتمكنوا من العودة من جديد؟ ام ان جماعة جهادية اخرى ستستغل مظالم وشكاوى الاقلية السنية في العراق يا ترى؟
عن هذا الموضوع، يتحدث السيد دافيد غارتينشتاين روز، وهو زميل اقدم في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، تحدث الى جريدة ديلي بيست قائلا “ان من غير الواضح ما اذا كان العراق سيستمر بأنتهاج سياسات طائفية، حيث ان من جملة عناصر الاستقرار طويل الامد ان تظهر للناس ان لهم مكان حقيقي في العراق”.
واضاف غارتينشتاين روز قائلا “سواء كانت داعش او لا، فأن مظالم وشكاوى السنة يمكن ان تحفز ظهور لاعبين جهاديين آخرين او حتى متمردين ربما”. اما بروس ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، فيقول من جانبه “ان مصير الرمادي يمكن ان يتنبأ بمستقبل مدينة اكبر تحاول القوات العراقية استعادتها”. واضاف ريدل و هو خبير في شؤون مكافحة الارهاب من معهد بروكنغز كذلك “ان كيفية حكم سلطات بغداد للرمادي ستكون حاسمة في امر الموصل، تلك المدينة التي تعد الحصن الحقيقي لتنظيم داعش، وما اذا كان سيتم تحريرها في العام 2016 حسب وعود رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التي ادلى بها يوم الاثنين الماضي”.
من جانب آخر، فأن الوقت الطويل الذي تطلبه استعادة الرمادي من براثن التنظيم المتطرف لا يعني بالضرورة معركة اطول لاستعادة الموصل ثاني اكبر مدن العراق وعاصمة التنظيم بحكم الامر الواقع. وكان سقوط تلك المدينة بيد التنظيم شهر حزيران من العام الماضي قد استنفر انطلاق حملة اميركية ضد داعش، فيما يعتقد الكثيرون انه بسقوط الموصل بيد القوات العراقية، فأن داعش ستسقط كذلك.
يقول غارتينشتاين روز معلقا “ان العراق يشير الى الموصل على انها تمثل الهدف الثاني، حيث ان هذا كلام مشروع تماما. لقد اصبحت الموصل معزولة بشكل متزايد”. واضاف كذلك “اين يقف السكان من هذا الكلام؟ وكم من موارد الاستخبارات يملك العراق فعلا؟ ان ذلك سيكون طريقا طويلا جدا”.
لكن بعض المحللين يعترضون على رسم مقارنة قوية ما بين الصراع في كلا المدينتين.
فحسب الضابط الطيار المتقاعد والزميل في برنامج الامن الدولي لأميركا الجديدة، السيد ايوانيس كوسكيناس، تحدث الى جريدة ديلي بيست قائلا “ان مقارنة استعادة الرمادي بالقتال من اجل استعادة الموصل يشبه عقد مقارنة بين التفاح والسمك”. وحسب كوسكيناس، فأن بضعة مئات من مقاتلي داعش في الرمادي كانوا قادرين على الامساك بالمدينة لشهور طويلة قبل ان تتمكن القوات الامنية العراقية مدعومة بغطاء جوي حليف. واضاف قائلا “سوف تكون الموصل اكثر صعوبة بكثير”.
كان القتال من اجل استعادة الرمادي شاقا وواجه عراقيل وصعوبات. بداية، سقطت المدينة بيد مقاتلي تنظيم داعش بعد ان تمكنت القوات الامنية العراقية من طرد الجماعة المتطرفة خارج مدينة تكريت شهر آذار الماضي. بعد ذلك، وبحلول شهر تموز، بدأت الضربات الاميركية الجوية في الرمادي وسط اندفاع عراقي عسكري كان يرمي الى اضعاف قبضة التنظيم المتطرف على المدينة. لكن القوات المحلية عانت الكثير عند محاولتها المضي قدما، لاسيما ان اجزاء من المدينة كانت مزروعة بالألغام ومصائد المغفلين والعبوات الناسفة.
حسب راي كريستوفر هارمر، و هو محلل من معهد دراسات الحرب، فقد تحدث الى جريدة ديلي بيست “قائلا في الوقت الذي لم يعد لدى تنظيم داعش وحدات منظمة في الرمادي، فأن هذه الجماعة قد تكون لا تزال قادرة على زرع العبوات الناسفة والقنابل ومصائد المغفلين، الامر الذي يمثل خطرا داهما ومستمرا بالمدينة”.
وفي بعض المراحل، كان الموقف الاميركي معقدا فيما يتعلق بقتال العراقيين من اجل استعادة الرمادي، الامر الذي اثار اسئلة بخصوص مقدار التزام القوات العراقية، وما اذا كان العراقيون سيعتمدون على مساعدة المليشيات الشيعية او دعم ايران نفسها، هذا البلد الذي يسعى لتقويض استقرار العراق وتوسيع قاعدة نفوذه فيه.
لقد تطلب الامر 5 اشهر من القتال حتى امكن انتزاع المدينة من براثن التنظيم المتطرف. وحتى يوم الاثنين الماضي، فأنه لم يكن واضحا مقدار وحجم الدور الذي لعبته المليشيات الشيعية وداعميها الايرانيين في الموقف. ان ذلك يمثل سؤالا حيويا وحرجا بسبب انه اذا ما وضع تحرير الرمادي في موضع المشروع الشيعي ولعبة القوة والنفوذ الايرانية، فأن من المحتمل ان يزيد ذلك من حجم التوترات الطائفية، فضلا عن ان ذلك يمكن ان يتسبب بنفور الطائفة السنية في العراق التي يقول المحللون العراقيون والاميركيون ان دعمها حيوي وحاسم في امر هزيمة داعش بالنهاية.
لكن ضابط الاستخبارات الاسبق ريدل قال ان التقارير الاولية التي اشارت الى ان المليشيات الشيعية بقيت الى حد بعيد خارج معركة الرمادي انما تمثل علامة ايجابية فعلا. وحسب مسؤولين اميركيين تحدثوا الى جريدة ديلي بيست، فان هذه المليشيات لم تلعب دورا كبيرا وان لم يكن بمقدورهم تحديد ما اذا كان بعض مقاتليهم شاركوا في القتال بشكل ما ام لا.
واضاف ريدل قائلا “لوان السنة حصلوا على الاحترام والسلطة، فأن ذلك سيسهل ويسرع الهجوم اكثر ضد تنظيم داعش”.
على المدى القريب، يبرز سؤال يتعلق بالمدى الذي سيحظى به السنة المحليون والدور الذي سيلعبوه في امن الرمادي. وفي هذا السياق، يقول المحلل هارمر معلقا “ان من المحتمل ان يكون تنظيم داعش قد قام بعمل مريع فيما يخص حكم المناطق تحت سيطرته، الامر الذي سيفتح نافذة امام اقامة عناصر امن سنية هناك”. لكن هارمر استدرك قائلامه بالقول انه “ما دامت قوة ايران العسكرية ممثلة في وكلائها الشيعة العسكريين تهيمن على مقاليد التأثير العسكري الاستراتيجي للصراع في العراق، فأنه ليس هنالك من فرصة حقيقية لتصبح عناصر الامن السني موالية لحكومة بغداد على المدى البعيد فعلا.”
واضاف هارمر كذلك “حتى يصبح ممكنا تقليص حجم النفوذ الايراني في بغداد بشكل ملحوظ، فأنه لن يكون هنالك من فرصة حقيقية لمصالحة اصيلة في البلاد”.
من جانبهم، ينتظر المراقبون رؤية الى اين سيهرب افراد داعش بعد الان. لقد تبقى للجماعة معاقل محصنة صغيرة في بعض المناطق حيث تواجه موقفا صعبا ومعقدا قبالة قوات عسكرية نظامية وغير نظامية يقدر عديدها بعشرات الآلاف.
فعلى سبيل المثال، كانت مدينة تكريت تضم 300-450 من مقاتلي داعش الذين تمكنوا من الامساك بالمدينة في وجه 30000 من القوات الحكومية بالمقابل، قوات كان مجمل قوامها من ابناء الطائفة الشيعية، وحيث استمرت سيطرتهم على المدينة لبضعة اسابيع قبل ان يتمكن سلاح الجو الاميركي من تغيير موازين الموقف ما سمح باستعادة مدينة تكريت شهر آذار الماضي. ومن المعروف ان تنظيم داعش يميل للانسحاب من المناطق التي يعلم جيدا انه غير قادر على الابقاء عليها لوقت طويل.
يذكر ان مصادر عسكرية اميركية احصت مصرع اكثر من 2000 من مقاتلي داعش نتيجة للضربات الجوية الحليفة, و ذلك الى جانب مصرع المئات منهم اثناء القتال ضد القوات العراقية خلال الايام القليلة الماضية، فيما فرت بقايا قوات التنظيم الى الشمال الشرقي وحسب. 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب