8 سبتمبر، 2024 2:53 ص
Search
Close this search box.

هل انتهى عصر الثورات ؟!

هل انتهى عصر الثورات ؟!

مثل هذا السؤال لابد ان يفرض حضوره القوي بعد جملة المتغيرات التي شهدها العالم  وما حصل من انعكاسات في المفاهيم بلورت قيما جديدة في المجتمعات منذ تفكك الاتحاد السوفيتي  بالطريقة المعروفة وانهيار منظومة المعسكر الاشتراكي في تسعينات القرن العشرين .. ولا يعني هذا ان انبثاق الثورات مرتبط بشكل مباشر بالاتحاد السوفيتي ، حيث ان مفهوم الثورة سبق الثورة البلشفية بقرون كما تشير المصادر التاريخية وربما حتى سبقت العصور اليونانية وما جاء من مفاهيم عن الثورة عند الفيلسوف افلاطون او ارسطو .. 
واذا سلمنا بان تعريف الثورة بمختلف مصادرها تلتقي عند مفهوم واحد هو احدث تغييرات كبيرة سياسية واقتصادية واجتماعية في بنية المجتمع ، فان ما حدث منذ ما بعد التسعينات من القرن الماضي في اميركا اللاتينية ودول شرق اسيا وافريقية ومحيطنا العربي يفرض علينا استيعاب ما حدث من تراجع في مفهوم الثورة  واستيعاب الدروس والعبر مما حدث..فلم نعد نسمع عن ثورات تحررية ولا انقلابات عسكرية على انظمة فاسدة رفضتها شعوبها بل حصل في كثير من هذه الدول حالة انكماش وضمور لحركات كانت بمفاهيم ذاك الزمن تسمى ثورية ، وما عادت الشعارات الثورية التي كانت تلهب حماس الجماهير تملاً الساحات والشوارع..واذا كان علينا نحن جيل الخيبات والانتكاسات ان نبحث عن مواساة لما آلت اليه مجتمعاتنا ، فعلينا الاعتراف بان الحركات والاحزاب الوطنية بمختلف مسمياتها ماركسية او قومية تتحمل مسؤولية هذا التراجع عندما فشلت في تطوير الانقلابات او حتى الثورات الى مستوى ما كانت ترفعه من شعارات وبرامج وابتعدت عن تطلعات المواطنين وانشغلت بالسلطة وبهرجتها واغراءاتها .. وفي وطننا العربي ومنه العراق وبرغم ما تحقق من منجزات في الخمسينات والستينات وصدور قوانين الاصلاح الزراعي والتأميم وقوانين اجتماعية وغير ذلك ، الا ان هذه المنجزات لم تتطور وبقيت حبيسة قرارات فوقية ولم يكن للجماهير من دور في تصحيح بعض مساراتها او تعميقها بالاتجاه الصحيح لها ..
 وما حدث في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن  من انتفاضات شعبية تأملنا ان تكون فاتحة لربيع عربي  وما سبق ذلك من احتلال العراق وتغييب القيم الوطنية وظهور التيارات الطائفية والارهابية في جميع هذه الدول مؤشر على مستوى فشل كبير شئنا ام ابينا للتيارات الوطنية وعدم قدرتها على تعميق مفاهيم الثورة الوطنية  ما افقد ثقة المواطن بالكثير منها .. 

نعترف ان الموضوع يحتاج الى بحوث ودراسات كبيرة للوقوف على جميع اسباب هذا التراجع ليس المجال هنا يتسع لبحثها ، غير اننا نعتقد ان  مجرد  اثارة هذا السؤال (هل انتهى عصر الثورات ؟)قد يساعد التيارات الوطنية والقومية بمختلف مسمياتها ، اذا ما امتلكت جرأة وشجاعة النقد والمراجعة ، ان تعيد لمفهوم الثورة بريقها واعتبارها ..ويفتح لها طريق قيادة العمل السياسي الذي ازاحته عنها التيارات المتأسلمة مستغلة حالة الانحسار التي مرت بها تيارات وطنية وقومية تسيدت ساحة العمل السياسي عشرات السنين.. اخيرا فقد  سبق ان طرحت هذا السؤال  على موقع التواصل الاجتماعي وكان اكثر من 95% من الاجابات غير مشجعة واجمعت على ان مفهوم الثورة صار مجرد اطلال ، ما يعني مستوى اليأس الذي ولدته حالات التراجع في مجتمعاتنا العربية ومنها العراق ..  مرة اخرى هل تتمكن التيارات الوطنية والقومية من نقد نفسها والتوحد على قواسم مشتركة تعيد للقيم الوطنية حضورها ؟! هذا ما ستجيب عليه السنوات المقبلة .

أحدث المقالات