22 ديسمبر، 2024 11:36 م

هل انتهى زمن الثورات ؟

هل انتهى زمن الثورات ؟

مهما تباعدت المسافات الزمنية ، أو المكانية ، ترفض الذاكرة أن تشيخ ، أوتكبر فتمسح أحداثا معينة ،  لا يمكن أن يطويها النسيان ،  أو أن تتعمد تجاوزها ، لأنها شكلت محطات مهمة في حياة الشعوب ،  والذاكرة الجمعية الانسانية ، وإنتقالة نوعية في واقعها  من حال الى أخرى ، سلبا أو إيجابا .. وهذا ما ينطبق على ثورة 23 يوليو  ، التي مرت  ذكراها  السادسة والستبن قبل  أيام ، في ظروف تتعرض  فيها الامة الى تحديات كبيرة ، ومشاكل بمستوى، أو يفوق حالها قبل الثورة …
وفي ذكرى  هذه الثورة التي تعد في نظر الجميع (  مؤيد ومعارض ) من الاحداث التاريخية الكبرى في العالم ، وليس في المنطقة  لمدها يد العون الى  حركات التحررالعالمية وبالذات  في اسيا وافريقيا .. هناك من يتساءل .. هل انتهى زمن الثورات ، وإختفى دور العسكر في قيادة عمليات التغيير  المطلوب ، وهل تحتاج الدول في ضوء حالة الفوضى  والتراجع التي تعيشها  ، أو مستوى التحديات التي تواجهها  الى إنضباط العسكر وقوته ، بعد أن كانت أغلب الثورات يقوم بها العسكر، الذين  كانوا هم يتولون أيضا عملية البناء ومسيرة البلاد  عموما ، على غرار تجربة عبد الناصر مثلا  ، ولذلك هم يتحملون مسؤوليات جسيمة في التطوير والتغيير نحو الافضل   ، ربما تكون أكثر خطورة من عملية  قيام الثورة نفسها ..
وفي كل الاحوال لا تزال ثورة 23 يوليو محل جدل كبير الى اليوم وستبقى  كذلك  ، وهذا من  عوامل قيمتها ، سواء في  أحداثها ، أو الادوار التي قامت بها رموزها والخلافات التي نشأت في مسيرة الثورة ، بما في ذلك حول عبد الناصر نفسه صاحب الانجازات الكبيرة صادفت ذكراها   الخالدة التي ارتبطت باسمه ، مثل تأميم قناة السويس  – في السادس والعشرين من يوليو عام 1956 – ، وأثارت غضب  دول الغرب  وهجوم إعلامه ،  حيث علق  ( انتوني ايدن ) رئيس الوزراء البريطاني  الذي كان  غاضبا  من عبد الناصر لان بلاده كانت تمتلك 45 بالمائة من أسهم القناة   وقال عنه ( لقد ذهب بعيدا ،  لقد فقد صوابه ولابد ان نعيده اليه … لقد وضع  المصري إصبعه على رقبتنا ) كما لا يمكن أن تنسى ملحمة بناء السد العالي ،  وتغيير واقع المصريين والدفاع عن الطبقة الفقيرة ، ولم يتغير الحال في الانتكاسات ، فينفض  التأييد  حوله ، والدعم له ، وربما كانت  نكسة حزيران أكثر تعبيرا عن التلاحم بين  عبد الناصر والشعب  ، فصار ( رمزا للتحالف بين كل الطبقات عندما تجمع المؤيدون والمعارضون )  حوله في رفض الاستقالة بعد نكسة حزيران  مباشرة ، عندما صارح الشعب بالحقيقة ، وتحمل المسؤولية ، وبذلك غير القاعدة المعروفة  في التهرب من الانتكاسات والهزائم  ومضمونها ( أن الهزيمة تولد يتيمة بلا أب ، اما الانتصار فله آباء كثرون ) وبذلك ولدت نكسة حزيرن ولها أب كما يقال …

إعترف بشجاعة وفروسية أن الهزيمة كانت للنظام و يتحملها الرأس ..
وعدت المسيرات الشعبية العفوية الرافضة لاستقالة  عبد الناصر عنوانا  للتمسك به و قيادته ، بدل أن تحاسبه الجماهير على الهزيمة ، وكانت  هي الخطوة الاولى في انتصار اكتوبر العظيم  ، والعبور الخالد ، و نجاح حرب الاستنزاف  بعد النكسة مباشرة ..
وإذا ما تغيرت اليوم الوسائل للتغيير من خلال الجماهير ، ودورها الفاعل،، سواء من خلال صناديق الانتخابات أو الرفض والتظاهرات والاحتجاجات  والاعتصامات التي تصل الى  مستوى الثورات في احداث التغيير المطلوب ،  ناهيك عن مختلف وسائل التعبير الاخرى ، لكن الحاجة الى القائد  تبقى واحدة ،  وقائمة في كل العصور والازمان …
وهنا يكمن  الفرق بين القائد عندما يكون بعنوان رئيس ،  والحاكم عندما يكون موظفا بعنوان رئيس ..
وشتان بين الاثنين ..