19 ديسمبر، 2024 5:53 ص

هل انتهت الازمة؟

هل انتهت الازمة؟

ما حدث الخميس الماضي في جلسة البرلمان لم يأتي من فراغ او إرادة سياسية خالصة ادركت عظم الأزمة التي تمر بها البلاد فاتجهت الى انتاج التغيير عن رضا وقبول ، او انها تلمست رغبات الشعب فآثرت على نفسها الاستجابة في الموعد المحدد ، او ان ما حدث كان تفسير طبيعي لتلمس القوى السياسية للمشكلة التي افرزت وباء الفساد وسيادة الفاسدين وحصانتهم من العقاب.. كل ذلك لم يتحقق؛ وما تحقق كان نتيجة طبيعية لضغوط شعبية ومن تيارات سياسية عدة وبالذات الصدريين والتيار المدني ، فجاء تقديم العبادي لكابينته الوزارية الذي لا يعد إنجازا له لعدة اسباب منها:
1.    انه جاء بعد مخاض عسير اصطدم خلاله الرجل برغبات الكتل البرلمانية وتمسكها باستحقاقاتها الانتخابية ومناصبها الوزارية.. ولم يتمكن من تجاوزها الا بمهلة برلمانية انتهت الخميس الماضي.
2.    انه منح الكتل السياسية عشرة ايام للتحقق من سير المرشحين الجدد وهذا بحد ذاته ضوء اخضر لها للتفاوض معهم او فرض شروط الولاء قبل الموافقة عليهم.. وكان يكفي تلك الكتل يوم او يومين ونحن في عصر البحث الرقمي.
3.    انه ما زال يعاني من عقدتين:
الاولى – انتماءه الحزبي الذي يطغى على الكثير من خياراته.
الثاني – إيمانه بان المحاصصة هي الطريق الوحيد لتمرير اي شيء في البرلمان ، وأنها لن تأتي الا بإقناع قادة الكتل البرلمانية اولا.
ان اعتصام السيد مقتدى الصدر داخل المنطقة الخضراء وما سبقه من اعتصام جماهيري خارجه ومظاهرات اسبوعية ، أثمرت وبلا شك ضغوطا على الكتل السياسية وتأثيرا ايجابيا على قرار رئيس مجلس الوزراء بتقديم كابينة وزارية واسعة؛ استثنت الدفاع والداخلية لاسباب امنية؛ يؤخذ عليها اولا: غياب الشفافية في اختيار أفرادها وثانيا: ضبابية معايير الاختيار التي طبقت على المرشحين. لكنها رغم ذلك امتازت بالتالي:
·       مرشقة: اختصرت الوزارات من ٢٢ الى 16 ، وعليه فإنها قد وفرت للميزانية الكثير من الاموال التي هي بأمس الحاجة اليها.
·       جديدة: لا تضم أيا من الوجوه السياسية المعروفة سوى الشريف علي بن الحسين وهو لم يتقلد اي منصب سياسي سابقا. وعليه فقد أنهت هذه التشكيلة دورة حياة الكثير من السياسيين المخضرمين الذي تسلموا بالتتابع المناصب الوزارية والسيادية طوال ثلاثة عشر عاما.. وكأن العراقيات لم يلدن غيرهم.
·       مفاجئة: لان التسريبات كانت تتحدث ولساعات سبقت وصول العبادي للبرلمان ان التغيير جزئي سيطال تسعة وزراء فقط.
·       شاملة: لانها تبدأ بالتغيير من اعلى الهرم الى اسفله ، فالوكلاء والمدراء العامون مشمولون هذه المرة بالتغيير أيضاً اضافة الى تقليص (١٠٠) مدير عام.
وبعد كل هذه الميزات وكل الآمال التي نعقدها على هذه الحكومة في مواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد.. يبقى السؤال: هل انتهت الازمة؟ وهل ستصوت الكتل على اسماء الوزراء بعد عشرة ايام ام سترفض؟ وهل سيلتزم العبادي بموعد الشهر لتعيين رؤساء الهيئات المستقلة الجدد؟ وهل سيقدم اسماء القيادات الامنية للتصويت عليها في البرلمان؟ وهل ابتدأ عهد الاصلاح الحقيقي ام ان ما جرى لا يتعدى زوبعة في فنجان الكتل السياسية قد تشربه في القريب العاجل مثلما شربت ما قبله من دعوات اصلاح؟ وهل ستنجح الحكومة القادمة ام ستلتحق بسابقاتها؟ وهل نشاهد اعتصامات جديدة في قادم الايام؟ ام ان السياسيين وصلتهم الرسالة الشعبية وسيتعظون منها في كل خطوة جديدة.
وهل سيكون تبديل الوجوه الوزارية بداية لتغيير السياسات ومستوى التفكير والممارسة على حد سواء ، لان ما بعد الازمة الماضية لن يكون باي حال من الاحوال مشابه لما قبلها.. ام اننا سنعود الى دوامة التجاذبات والاختلافات والفشل والفساد؟؟.
كل هذه الاسئلة دخلت في حسابات الشعب الذي عرف طريق الخضراء واطلق من خلاله بوصلة التغيير بمواجهة جمود التفكير السياسي وتعنت المحاصصة والتمسك بالمناصب والامتيازات ، واستمتع بنهاية آنية لأزمة ونصر نسبي ذاق حلاوته ولن يرضى بأقل منه مستقبلا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات