انزعجت المستشارة الالمانية ميركل بتجسس الCIA على هاتفها النقال وطالبت الادارة الامريكية من خلال سفارتها في برلين بإيضاحات ومن ثم اعلن العديد من رؤساء دول اوربية وأمريكية لاتينية ان نفس الشيء حدث معهم وطالبوا الادارة الامريكية ايضاٌ بتوضيحات وتقديم الاعتذار , استمر الصمت الامريكي لأيام وانشغل البيت الابيض بكيفية معالجة هذه التسريبات التي من خلالها لم تعد امريكا قادرة على الحفاظ على اسرارها طويلا جدا حيث جاءت هذه التسريبات في وقت لم ينسى العالم بعد هروب العميل ادوارد سنودن الذي احرج امريكا عندما كشف عن وجود برنامج امريكي لمراقبة الاتصالات عبر الانترنيت حول العالم . مالذي يحدث ! العالم يكشف عملاء امريكا وأسرارها !!! والمانيا وفرنسا والمكسيك وغيرها من الدول الحليفة لامريكا تشتكي امريكا وتطالبها بالرد وعدم السكوت . يحدث هذا في العالم الاخر,عالم الديمقراطية والشفافية .
ما يحدث في عالمنا مختلف تماماُ ,الشيء المثير والذي يجبرنا على ان نسال ما هو نوع التجسس الذي تقوم به امريكا على حكومة المالكي والسياسيين الاخرين في العراق ؟ وكلنا يعلم نوع التواجد الامريكي في العراق والمنطقة , بالتأكيد نحن مكشوفون حكومةً وبرلماناً وأحزاباٌ وربما مجموعات وعشائر وقبائل , ان كنا نعلم ذلك فكيف بنا ان نثبت ذلك وحتى ان اثبتنا ماذا بوسع المالكي ان يقول لأمريكا اذا كانت المانيا وفرنسا بثقلها السياسي والاقتصادي والعسكري عاجزة عن استحصال اعتذار امريكي او اعتراف رسمي بالقيام بالتجسس .
ما هي اللغة التي سيتحدث بها المالكي ؟ هل سيعلن ذلك بوسائل الاعلام ويظهر كما ظهرت ميركل ويقول لاوباما ماذا تفعلون في العراق ؟ ام سيكتفي بإشعار السفارة الامريكية بذلك ولا ينتظر الرد ؟ نعم انها الحقيقة المرة التي نحسها ونراها ولا نستطيع ان نعترف او نهمس في اذان بعضنا ولا نستطيع ان نغير من الحقيقة شيء . انها اشبه بشاب غني اصيب بمرض اعاقه بعد ان كان قويا متعافياٌ .
لم يعد لأمريكا ما يخيفها او ما تخشاه في المنطقة بخصوص عملائها ,انهم يعملون بحرية وأريحية ولم يعد هناك ما يحسبون حسابه عند القيام بعمليات التجسس , امتلكوا التكنولوجيا الحديثه التي مكنتهم من الوصول الى ابعد نقطة , وامتلكوا للأسف الالاف العملاء الذين يقدمون المعلومة من حيث يعلمون ولا يعلمون . ولم يعد لهم خصوم حقيقين في المنطقة , كلهم يدورون في فلك الحلم الامريكي , لم نعد نرى بازوفت يعدم من جديد لالتقاطه بعض الصور لإحدى المنشات العسكرية . ولن تجد السينما الامريكية قصصاٌ لكي تنتج سلسلة جيمس بوند من جديد , كل شيء يحدث بسهوله ويسر .
في ايامنا نرى طائرات استطلاع تصور وتطلق صواريخها على الاهداف المنتقاة ونرى سفارات خيالية من حيث العدد والعدة وأقمار صناعية تحصينا في الصباح والمساء . انه زمن الدول والحكومات المستباحة وزمن الدول والحكومات المتفوقة في كل شيء علينا , انه زمن الضياع والتيه لنا وزمن الانتصار والعلو لهم .الى متى نبقى ويبقون ؟