معذرة من الأطالة فللضرورة أحكام, بعد ما حصل من تطورات خطيرة في الساحة السياسية العراقية, وتردي الوضع الأمني, وسقوط عشرات الشهداء.فلا بد من الصراحة والمواجهة. فدماء العراقيين ليست رخيصة لذا لزم التبسط والتوضيح ووضع النقاط على الحروف دون مجاملة.
منذ أن قرب موعد سحب القوات الأمريكية من العراق وإنتهاء الأحتلال العلني حتى بدأت مرحلة تصفية الحسابات بين الأحزاب والكتل المتصارعة طائفيا وعرقيا وسياسيا, للهيمنة على مقاليد العراق,ومصير شعبه.
غزت أميركا العراق مدعومة بدول التحالف. فإحتلت العراق وأقامت سلطة سميت بسلطة الأئتلاف. حلت القوى والمؤسسات الأمنية. وجردت العراق من كل سلاح يحتاجه للدفاع عن نفسه وتثبيت أمنه.وألغت كل منظومته العسكرية. وأنشأت حكومة على أسس طائفية وعرقية. فوضعت اللبنة الأولى للفتنة والتقسيم. وأسست لدستور مظلم متعدد الأوجه ملغوم مبهم.وأقترفت سلطة الأئتلاف الأخطاء تلو الأخطاء التي تسببت بشبه حرب أهليه . فإنتشر الفساد وصرنا في قعره, وعلى رأس قائمة الدول الفاسدة في العالم. وكان البادئ به الضباط الأمريكان. الذين جعلوا من أموال العراقييين كرة قدم يلعبون بها ويتقاذفونها بأقدامهم . كما ظهر في العديد من وسائل الإعلام الدولية وضيعوا العديد من مليارات الشعب التي لا يزال مصيرها مجهولا لهذه الساعة.
وأما ما أنفقته الولايات المتحدة من أموال لأعمار العراق فلم نرّ من هذا الأعمار شيئا. فقد ذهب جلّه لجيوب كبار الضباط الأمريكان ولمن تعاون معهم من العراقيين.
كان الغزو بحجة تحرير العراق من حكم جائر, وسلطة غاشمة لا تعترف بحقوق أنسان , و تواجد أسلحة دمار شامل.ولم يتحقق شيء من هذا.
دمرت البنية التحتية للبلاد. وعطلت الخدمات وإنتشر الفساد بشقيه الأداري
والمالي, وتراجع التعليم والصحة والزراعة والصناعة وخربت البلاد .
تسبب النظام السابق بإشعال حروب إقليمية وقام بحملات عسكرية داخلية. وشن حروبا على دول الجوار. نتج عنها تدخل خارجي وغزو أجنبي لأراضي العراق ووقوع شعبه تحت الأحتلال, والبند السابع لمجلس الأمن.ولم تكن للشعب يد في كل هذا ولكنه هو من دفع الثمن.
مارس النظام السابق القمع بكل أساليبه لخنق كلمة الأمة العراقية وسلب إرادتها. وسخر لذلك الدولة بكامل طاقاتها ومواردها .أعانته على ذلك قوى دولية وإقليمية لأغراض لم تعد خافية على كل ذي بصيرة.
كانت مؤازرة ودعما ومساندة من دول لا تريد لشعب العراق إلا شرا. لتحقيق مآربها, أو منفذة لأجندة دولية خططت لها الماسونية العالمية, وقوى الظلام .
كان الدعم ماليا ومخابراتيا وعسكريا وتعبويا ولوجستيا وبشتى الطرق والأساليب المشروعة وغير المشروعة.وعلى رأس قوى الدعم أميركا وفرنسا وبريطانيا والدول العربية وفي مقدمتها الكويت ودول مشيخات الخليج.
وجاءت قوى الأحتلال الظلامية منطلقة من دول الخليج. بدعوى تحرير شعب العراق من جلاديه وتحقيق العدالة والديموقراطية وحقوق الأنسان وإقامة الدولة العراقية الحديثة على أسس الدولة المؤسساتية بمواصفات العصرنة والمجتمع المدني ومتطلباته.
ولكن قوى الأحتلال باشرت من الوهلة الأولى بنسف وتدمير مؤسسات الدولة, وتهديم سلطاتها ومنظوماتها الأمنية وبنية العراق التحتية و الخدمية.
كما سارعت قوى الأحتلال المتمثلة بسلطة الأئتلاف بزرع الفتنة الطائفية والتاسيس لها .فشرعت قوانين ودستور أسس للفرقة والطائفية والعرقية.
فرح العديد منا بهذا التحرير في الوهلة الأولى. ظانين إن الخير قادم بقدوم الحرية والديموقراطية. ولم تمض إلا فترة قصيرة حتى إنجلى الموقف. فلم يكن تحريرا بل تدميرا لكل شيء. فمن وحدة وطنية دامت قرونا الى صراع طائفي غذاه الأحتلال. فكان القتل والتهجير على الهوية. ومن جيش وطني الى جيش وقوات أمن مخترقة ومسيسة تابعة لأحزاب وكتل و ميليشيات مسلحة, أرعبت البلاد وقتلت العباد.فكان ما كان من إنعدام الأمن وتراجع للأستقرار.مما إضطر العيد للهجرة طالبين الأمان لهم ولعوائلهم وخاصة العقول والأكاديميين والمهرة من الأطباء وأساتذة الجامعات وأصحاب رؤوس الأموال والفنانين.
فتفشت الجريمة المنظمة وعصابات كواتم الصوت.بعد أن أصبحت السجون والمعتقلات جامعات ومعاهد تخرج أفواجا من القتلة والمجرمين المدربين والمنظمين وفق معايير الجرائم الدولية والخبرات العالية.
دمرت الصناعة وشلت وأغلقت المصانع أبوابها لأنعدام الطاقة الكهربائية وهروب وتهريب رؤوس الأموال .والزراعة آل مآلها الى تصحر أراضي وشحة بالمياه جراء ضعف العراق وسرقت مياهه من دول الجوار.وتفشي الآفات الزراعية وإنعدام المكافحة.
أما الصحة فمستشفيات هي أشبه بدور إيواء مؤقت, لا تعدو كونها جدران وأسقف تدهن وتصبغ كل سنة مرتين كباب من أبواب السرقة للمال العام, وشح في الأدوية وسرقتها وأجهزة معدومة أو عاطلة عن العمل.
وعاد التعليم للوراء قرونا من حيث المناهج و كفاءةالتدريسيين.فضحالة في المناهج وأمية يشار لها بالبنان لغالبية المعلمين والمدرسين وأساتذة الجامعات.لعدم إهتمام الدولة بتطوير قدراتهم لتواكب التطور العلمي المتسارع.
والحديث طويل وطويل فماذا جنى العراق وماذا جنى العراقييون من هذا التحرير.لم يكن إلا تدميرا وليس تحريرا.
الواقع يقول إن هذا مخطط لإضعاف العراق و العرب والمسلمين لمصلحة إسرائيل. تساهم به دول عربية معروف عنها علاقتها بإسرائيل .وهي عرابة التطبيع معها. لتبقى إسرائيل قوية مقتدرة ونحن الضعفاء.وكل ما جرى ويجري لمصلحة إسرائيل..
كنا نعتقد إن في حقيبة السيد رئيس الوزراء عندما ذهب الى أمريكا ملف كشف حساب للأضرار التي ألحقتها أمريكا ودول الأحتلال بنا. ومحاسبتها ومن سهل لها مطالبا بالتعويضات المحقة عن كل ما جرى لنا .لا أن يذهب لوضع إكليل زهور على ضحايا الأحتلال من الأمريكان.فهل وضع قائد الجيوش المحتلة إكليل زهور على أضرحة شهداءنا؟أم إعتذروا لأهالي المفقودين والجرحى من جراء الأحتلال.
وكما فشل الساسة العراقيون في إفادة العراق وتطويره من التواجد الأجنبي, برفع العراق من طائلة البند السابع لمجلس الأمن, وإستعادة أرضه ومياهه المغتصبة من دول الجوار, و بناء إقتصاد ومؤسسات مدنية وعسكرية كما إستفادت ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية.فشل هؤلاء الساسة بعد إنتهاء التواجد العسكري والأحتلال العلني في مطالبة المحتل بالتعويض عن الخسائر المادية والبشرية التي أصيب بها العراق جراء هذا الأحتلال.
ستخرج قوات الأحتلال من العراق في العلن. وستبقى سرا, وبشكل آخر وبمسميات مختلفة متعددة. منها خمسة عشر ألف عنصر بلباس مدني في سفارة أميركا ببغداد.فهل نشاط السفارة المدني يحتاج لهذا الكم الهائل. بالتأكيدلا. ولكنه صيغة من صيغ التواجد. وما طائراتهم وصواريخهم ببعيدة. فهي في الكويت جارة السوء, وفي السعودية والبحرين وفي قطر راعية حركات التحرر والربيع العربي ظاهرا لغايات أخرى ليست بالخافية.ستغادر هذه القوات وستنهشنا قوى الأرهاب الداخلي المتمثلة بالعصابات التي ينطلق بعضها من مؤسسات حكومية أو حزبية مشاركة في الحكم, وإرهاب آخر تدعمه قوى دولية وإقليمية.والحل بيدنا نحن العراقيين بوحدة الكلمة والأصطفاف الوطني بين الشعب صاحب المصلحة , لا بين الكتل السياسية الحاكمة .لأن في إصطفافها ضرر. والتجارب تحدثت عن الكثير.
إن مخلفات وتداعيات الأحتلال الأمريكي للعراق والنظام السياسي العرقي والطائفي الذي أسس له هذا الأحتلال بدأت بالظهور بسرعة فائقة في الأزمة التي طفت على السطح, بمذكرة إعتقال الهاشمي بتهمة الأرهاب.قد يكون السيد الهاشمي بريئا . وقد يكون إرهابيا فسيقول القضاء كلمته. فهل هو الوحيد من الساسة تورط بالأرهاب؟ أم هناك آخرون؟ إن كانت حمايات السيد الهاشمي وغيرها من الحمايات للشخصيات الرسمية والسياسية قد تورطت بعمليات إرهابية فلماذا لا تناط مهمة حماية هكذا شخصيات بالقوات الحكومية الرسمية الخاضعة للرقابة والمحاسبة؟أم إن هذه القضية جزء من السيناريو المحبك الذي يستهدف العراق؟؟ أم إنها تصفية حسابات؟
لقد تحدث دولة رئيس الوزراء عن ملف إجرامي للسيد الهاشمي قدمه للسيد رئيس الجمهورية وللسيد المرحوم عبد العزيز الحكيم قبل ثلاث سنوات. فهل قدم هذا الملف للقضاء لتقتص العدالة من المجرم .ولماذا هو والسيد رئيس الجمهورية لم يتخذا الأجراءات القانونية المطلوبة ويحيلا الملف للقضاء حينها ؟أليس هذا تسترا على جرائم بحق الشعب وهما مسؤولان عن كل قطرة دم هدرها السيد طارق الهاشمي بعد ذلك؟ .وكيف سمح هذان المسؤولان الكبيران بالدولة بالتوافق وإعادة إنتخاب السيد الهائمي نائبا لرئيس الجمهورية, بعد سنة من تقديم هذا الملف؟؟وهما يعلمان إن هذا الرجل إرتكب هذه الجرائم. أم إن هذا جزء من صفقة على حساب دماء الأبرياء؟أنا لا أطعن بصحة أقوال السيد المالكي. ولكن أطالب بإحالته للقضاء هو و السيد رئيس الجمهورية وكل من علم بمحتويات هذا الملف ولم يتخذ إجراءا. بتهمة التستر على الأرهاب, ووفق القانون. وهذا يكفي لطلب سحب الثقة منهما أو إقالتهما ,ومحاسبة كل المسؤولين عن كل ملف إجرامي مخفي لم يرّ النور يقبع في ظلام الأدراج ومعتم عليه.وهكذا نتجنب الفتنة.فمن أباح لهؤلاء التستر على جرائم إرهابية أرتكبت بحق عراقيين؟
إن الشارع العراقي يتهم غالبية الكتل التي تشاركت في السلطة أن لها أجنحة عسكرية تمارس الإرهاب بالسر أوبالعلن. وستتكشف الأمور وتتساقط الأوراق وتتعرى رموز الجريمة تباعا.والفيصل هو في تحقيق دولي محايد تشرف عليه الأمم التحدة.ليكشف لنا من يقتل ويذبح ويفجر ويختطف.لا تحقيق مسيس طائفي وفق مذاهب وكتل وأحزاب وأعراق.
هناك ملفات جرائم خطيرة أغلقت, أو تم التعتيم عليها, أو بقيت في الأدراج المغلقة. آن الأوان أن تفتح بشفافية وعدالة .فالكل سواء أمام العدالة والقضاء. ولا يستثنى قوي لقوته, أو لحسابات سياسية أو مذهبية .ولن يتحقق هذا إلا بالتحقيق الدولي المحايد.فهو الفيصل.
إن هذه الأحداث ستولد إحتقانا طائفيا وإصطفافا عدائيا. إن لم يعالج بالتحقيق الدولي , فهما كان القضاء العراقي عادلا سيجد البعض بابا للطعن بنزاهته. ولن يخرس هذه الأفواه إلا التحقيق الدولي.ولن يطمئن الجميع إلا بالتحقيق الدولي.والتهرب منه يثير الشكوك ويغذي الفتنة.
إن أي تحقيق خارج الأطار الدولي مهما كان نزيها وعادلا سيصفه المتهمون بعدم النزاهة.و بالتسيس والكيدية لأغراض طائفية ومذهبية .فلا مناص من التحقيق الدولي.سيما إن الحكومة طالبت به قبل سنين. ولكن تغاضت عنه لأسباب غير مقنعة وعلى حساب الضحايا والشهداء . كما تغاضت عن الجرائم التي نسبتها للسيد الهاشمي طيلة 3سنوات.ولا ندري عمن تغاضت أيضا ولماذا؟؟؟؟
[email protected]