يخطأ تماماً من يعتقد بأن نظام الحكم السائد في العراق الآن هو نظام ديمقراطي لكون الدستور العراقي يشير الى ذلك وأسلوب الإنتخاب المتبع لإختيار ممثلي الشعب في البرلمان الذي يمثل السلطة التشريعية في البلاد وما يتبعها من إجراءات لإنتخاب رئيس الجمهورية الذي يكلف رئيس الوزراء المسمى من قبل الأحزاب الفائزة بالإنتخابات لتشكيل الحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية . من الناحية الشكلية يبدوا الأمر لمعظم العراقيين كأنه ممارسة ديموقراطية حقيقية وصحيحة وفق المبادئ البديهية المتعارف عليها في الدول الديموقراطية المتقدمة والمتحضرة كما هو الحال في الدول الأوربية كإنكلترا وفرنسا وألمانيا وغيرها أو الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم المتحضر .
إن التجربة العراقية في إدارة الحكم خلال الفترة ما بعد عام ٢٠٠٣ وخصوصاً في المرحلة الحالية تشير بوضوح تام ، وفق ممارسات جميع القوى السياسية المتحكمة بالشأن العراقي بكل مفاهيمها ومبادئها وأساليبها وممارساتها وعلاقاتها وتاريخها ، بأن طبيعة الحكم في العراق لا تستند إطلاقاً الى القواعد والمفاهيم والأسس الديمقراطية السليمة المتعارف عليها. ولكي نثبت ببساطة بأن طبيعة النظام في العراق ليس نظاماً ديموقراطياً مطلقاً وإنما نظام هجيني يجمع عدة مبادئ وأسس ومنطلقات متناقضة مع بعضها. أولاً ، إن من يسيطر على المشهد السياسي في العراق هم أحزاب الإسلام السياسي ، وهذا هو الواقع . ومن المعلوم والبديهي ( وحتى الغبي يعلم ذلك ) إن الإسلام أساساً يعتمد في نظامه على الخلافة والمبايعة وليس في الإسلام ديناً وشريعة وسنة أي إعتراف بإنتخابات عامة وحرة لإختيار ممثلي الشعوب يتنافس فيها الجميع بدون أي قيد أو شرط . إذاً أي نظام ديموقراطي تتحدثون عنه في العراق تحت حكم أحزاب الإسلام السياسي . ثانياً ، ليس في النظم الديموقراطية الصحيحة أي ممارسات فاضحة في مجال التزوير في الإنتخابات أو الرشاوى أو شراء الذمم أو شراء وبيع المواقع والمناصب وغيرها من الأحداث كحرق صناديق الإنتخابات أو تسجيلات موثقة عن مساومات للتلاعب بنتائج الإنتخابات وغيرها . وفي حالة وجود أي ممارسة سلبية مهما كانت تقوم جميع الأجهزة ذات العلاقة في تلك الدول الديموقراطية المتحضرة بالتحقيق والمتابعة مع مراقبة جماهيرية فاعلة لا تسمح لأي من كان أن يتجاوز على المبادئ الأساسية للديموقراطية . أما في العراق ( الديموقراطي ) فإن العديد من الإتهامات شككت بنزاهة الإنتخابات مع خروقات كثيرة شابت العملية الإنتخابية تم تشخيصها وأعلنت من قبل العديد من الجهات والشخصيات المشاركة أساساً بالعملية الإنتخابية . إلا أن النتيجة كانت عدم الوضوح في كل شيء إضافة الى غياب أي متابعة سواء من قبل الجهات الرسمية ذات العلاقة أو من قبل الجماهير التي إنطلى عليها كل ما يدور في العملية السياسية . ثالثاً ، في النظم الديموقراطية الصحيحة ليس هناك أحزاب تشارك في الإنتخابات ولديها أجنحة مسلحة ، لأن أي حزب لديه جناح مسلح مهما كان يعتبر بمثابة عصابة أو مافية لا يسمح له مطلقاً بأي مشاركة سياسية بل بالعكس يحارب ويخضع للمسائلة القانونية . أما في العراق ( الديموقراطي ) فإن معظم ألأحزاب المشاركة في العملية السياسية لديها أجنحة مسلحة فاعلة ومؤثرة ، وهذه الأحزاب هي من فازت بالإنتخابات . وهذا يعني ببساطة أن من يحكم العراق فعلاً هم عبارة عن عصابات ومافيات منظمة بشكل جيد وذكي ولها تأثيرها السيكولوجي على المواطن البسيط تحت مسميات معينة مختلفة لكي يتقبلها وينتمي إليها ويصفق لها المواطن العراقي الجاهل والمتخلف والمغيّب . رابعاً ، ليس هناك في الأنظمة الديمقراطية الصحيحة شخص أو شخصين يتحكمون بمفردهم بمستقبل البلد . البلد في تلك الأنظمة يخضع كلياً للقواعد المؤسسية التي تؤطرها القوانين والدستور التي أقرها المجتمع . أما في العراق فإن من يتحكم أساساً بمستقبل ومصير العراق ، حالياً ، هما مقتدى الصدر الذي لديه قاعدة جماهيرية عراقية واسعة جداً ( معظمهم جهلة ومغيبين وغير متحضرين وخانعين ومستعدين لأي ممارسات فوضوية ) والعامري الذي يتحكم بقوى ميليشياوية كبيرة ومؤثرة أيضاً ومسنود من قوى دولية خارجية لها موقعها وتأثيرها الكبير في المشهد العراقي عموماً . وهؤلاء الإثنان هما من يتحكم في إدارة العراق . فأين الديموقراطية في هذا المجال . خامساً ، ليس في الأنظمة الديموقراطية الصحيحة نظم إجتماعية وفئوية فرعية أخرى تحكم أو تؤثر في المشهد السياسي بموجب تقاليدهم ومفاهيمهم ، إلا في العراق فهناك الدور والتأثير العشائري بكل أبعاده .
إذاً الخلاصة وفق ما ورد أعلاه فإن النظام الحاكم في العراق هو نظام هجيني مابين النظام
الديموقراطي والنظام الديكتاتوري الفردي والنظام الديكتاتوري الشمولي والنظام العائلي والنظام الفردي . على العراقيين أن يجدوا مصطلح مناسب للتعبير عن النظام الذي يحكمهم ، فهو ليس نظام ديموقراطي وإنما نظام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ . عليكم أيها العراقييون إيجاد التسمية التي تليق بنظامكم .