حين يموت الطغاة بمختلف احجامهم ، لانتوقف عن استعراض جرائمهم ، وهذا ثأرٌ مشروع ونحذف (ما ارتكبوا) من اصلاحات ، او متغيرات في المجتمع ، صحيح انهم ارتكبوها لغاية نرجسية لكنها عادت بمنفعة على المجتمع العراقي.لكن حين يموت فنان او شاعر أو مثقف ، ننسى كل جرائمه الثقافية ، ونبتكر له أكثر من منقبة تليق باسمه ورسمه، وهو الذي لم يتوقف عن تمجيد الطاغية !! كلاهما اجرما بحق المجتمع : الطاغية وتلك العينة من المثقفين ، هل التسابق على حيازة الجثث ، هو من باب (أذكروا محاسن موتاكم)؟ أم باب قصب السبق ؟ أم من باب الأستعمال السياسي ، نكاية بالتدهور الموسوعي التي تعانيه البلاد الآن ؟ بخصوص هذا التسابق على الجثث ، أتساءل : لماذا لايتركون جراحنا تبرد قليلاً ؟ ماتزال تزكم انوفنا نصوص الذين رحلوا للتو، هذه النصوص التي اطلقوها بالفصحى وبالعامية ، بالرواية وبالنقد الادبي ، بالقصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة في تأليه الطاغية، أطلقوها وزبانية الطاغية كانت تقطف ازهار الحركة الوطنية العراقية بشقيها العلماني والاسلامي، الزبانية يقطفون والجلادون يسلخون الجلود والطاغية يوقع على الاعدام ، ومن يمجّد الطاغية لحظتها يرفل بالسعادات !! وحين يموت ينال وسام الوطنية من الدرجة الاولى !! هم محظوظون في الحياة والموت ، كأنهم من حاملين خرزة الشعوذة !!أكثر من ربع قرن عراقي مكتوب بالسخام والدم ، وهم يركعون ويسجدون ويسبّحون للطاغية ..ويشتمون أولاد الخايبة من علمانيين واسلاميين ، وينالون المناصب الادارية العليا ،ويغدق الطاغية عليهم المكرمات في سنوات الحروب وسنوات الحصار.. هل الموت ممحاة؟ ومن صيّرها تشمل مداحيّ الطاغية؟ رحمة الله عليك ايها الشاعر الكبير أمل دنقل وانت تصرخها :
(لاتصالح! ولو قيل رأسٌ برأس ٍ
أكل الرؤوس سواءٌ؟!
وهل تتساوى يدٌ .. سيفها كان لك
بيدٍ سيفُها أثكلك ؟!)