في طله غريبة لتوني بلير أمام (تشيكوت ) و بالتزامن مع فاجعة الكرادة في العراق .. يدلي رئيس وزراء بريطانيا السابق تصريحات مثيرة للجدل … وبصريح العبارة قال إنه قد أخطأ بقرار الحرب على العراق بقيادة أمريكا للإطاحة بحكم صدام حسين تحت ذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل تهدد أمن المنطقة ..قد ثبت فيما بعد عدم مصداقية هذه التقارير .. وإنه يشعر بالندم لان ما يعيشه العراق بعد السقوط من أوضاع أسوء بكثير مما عاشه العراق تحت نظام الحكم السابق , وذلك لما يتعرض له اليوم من عنف وقتل وطائفية على حد قوله ..
السؤال هنا يطرح نفسه … لماذا جاء تصريح هذا التقرير بهذا التوقيت بالذات ..هل لذلك علاقة برغبة بريطانيا للخروج من الإتحاد الأوربي , حيث تعمد على فضح أمريكا محاولا الكشف عن عهر سياستها المزدوجة تجاه العراق لا سيما وأن أمريكا عليها التزام أخلاقي واستراتجي بحفظ أمن العراق بموجب الاتفاقية الأمنية المبرمة بينهما ,وتدخلها الأخير والمباشر بحرب العراق ضد داعش …
أم إن الغرض من ذلك تأنيب الضمير على ما آل إليه مصير صدام حسين وأتباعه .. ومحاولة تسليم السلطة من جديد لأيتام صدام وسياسيوا الدواعش .. فهم يعتبرون معارضون أشد ضراوة على الحكومة والنظام الديمقراطي الجديد .. لا سيما والعراق مقبل على حملة تغير وإصلاحات في حكومة جديدة مرتقبة وإنه فقد الثقة بمعظم قيادات الكتل والأحزاب الحاكمة ..
لنضع النقاط على الحروف ونكشف زيف المخطط السياسي الجديد لأمريكا وحلفائها :
. في 23 أبريل 2003 أعترف مسئولون أمريكيون بالفشل في العثور على أسلحة دمار شامل أي أن تصريحه ليس بشيئنا جديدا .. والجميع يعلم إن المشروع النووي العراقي متوقف منذ عام 1991 فقد ضربوا الأمريكيون المفاعل الروسي عام 1991 وعام 2003. ولولا لطف الله لسقطت القنبلة في قلب المفاعل ومحيت بغداد, الحرب الأمريكية على العراق كانت وبال شر على العراق بدأت خلالها العمليات الإرهابية ..
فقد قامت قوات الاحتلال الأمريكية بتدمير جميع البنى التحتية للدولة العراقية وإحلال الجيش بمخلف أجنحته وفصائله غير سائلة عن أمن البلد وغير مهتمة بالعناصر المجرمة فيه.من قيادات وعناصر فقد كانت هناك فصائل بالجيش العراقي قد جندت لأهداف ليست بوطنية مثل فيلق القدس وفدائيوا صدام وكان الأخير مسلحين بالسيف لرهب وقتل الأبرياء ..
كما قامت بفتح جميع الحدود العراقية على مصراعيها والسماح بتدفق الإرهابيين الذين انتظموا في العراق تحت ما يسمى بقاعدة التوحيد والجهاد والذين تسللوا عبر السعودية وسوريا والأردن ليمارسوا أبشع الأعمال الإرهابية من خطف وذبح هوياتي وغيرها ..
كما شهد العراق حملت اعتقالات عشوائية كما كان يفعل صدام حسين بمجرد الشك بمعارض في منطقة ما . تشير الإحصائيات إلا أن القوات الأمريكية قد اعتقلت أكثر من 400عراقي لمجرد الاشتباه بهم كونهم من المعارضة وزحتهم بالسجون بلا محاكمة وبلا معاملة إنسانية , كما تسرب إلى الإعلام آنذاك صورا لمجندات ومجندين بريطانيين يرهبون معتقلين عراقيين عراة بالكلاب البولسيسة في سجن بوكا وأبو غريب .. كما استخدمت قوات الاحتلال الأمريكي القصف الجوي العشوائي تسببت بنسف الكثير من البيوت السكنية وإبادة أهلها بحجة وجود مقاومين فيها ..
هذا فضلا عن الجرائم والانتهاكات الفردية التي حدثت آنذاك من قبل جنود الاحتلال ..كالقتل المتعمد والرشق بالرصاص الحي على الكثير من المركبات والعجلات للمدنيين العراقيين أثناء سيرهم ليلا أو على الطرق الخارجية ..كما شهدت تلك الفترة جرائم اختطاف فتيات واغتصابهن … يذكر هناك فتاة قد اختطفت على يد جندي بريطاني واغتصبت وحرقت هي عائلتها ومن ثم حكم على الجندي البريطاني بالسجن ثلاث سنوات في بريطانيا ..تطورت مشاهد العنف بشكل أبشع بعد عام من الاحتلال الأمريكي..ليشهد العراق أول هجوما انتحاريا بسيارة مفخخة اغتالوا فيها السيد محمد باقر الحكيم في مدينة النجف الأشرف راح ضحيتها أكثر من مئة عراقي .. ليستمر بعد ذلك مسلسل التفجيرات في بغداد وفي المحافظات الجنوبية .. . بعد خروج قوات الاحتلال الأمريكية نهاية عام 2011 وبدء الحرب في سوريا وتشكيل ما يسمى تنظيم داعش الإرهابي ودخولهم إلى العراق واحتلال الجانب الغربي منه ضربت مناطق عسكرية واقتصادية مهمة.. بتخطيط وسلاح وتدريب أمريكي .. تسبب بتدهور الوضع السياسي والأمني وتردي الوضع الاقتصادي بشكل يرجعنا إلى ما قبل السقوط لا إعمار لا ازدهار.. أزمة تقشفية خانقة ..
والآن هل بتنا أمام خيارين أما القبول بحكومة تتضمن أشكال صدام والعودة لنظام الحزب الواحد أو القبول بحكومة التعددية الحزبية اللاوطنية والفوضى الإدارية والعمالة السياسية الفاسدة…علما أن أمريكا تبقى هي الراعية بالحالتين .. كما رعت صدام وفرضته علينا ,وساندته في حربه ضد أيران إلا أن اختلفت معه ووقفت ضده بعد حرب الكويت, وسعي صدام لامتلاك القنبلة النووية وتفجير المفاعل النووي قررت حينها الإطاحة به ..والسياسة تعاود نفسها مجددا , فنجدها اليوم مترددة بتجهز الحكومة العراقية بأجهزة متطورة تمكنها من حفظ الأمن ..كما تتهاون في تسليح الجيش العراقي بأسلحة ومعدات كافية ومتطورة لمواجهة العدو داعش الذي هو من صنيعتها …
للعلم …
لو كانت المفخخات مكتشفة من قبل أمريكا في زمن النظام البائد صدام لأستخدمها وفجرها بوجه من لا يريدهم .. . بدلا من اعتماده فقط على نظام الاستخبارات والتقارير والإبادة القمعية بحق أبناء العراق الأحرار وزجهم في السجون والمعتقلات ذات أجهزة تعذيب إسرائيلية .. كما أكتشف أكثر من خمسين مقبرة جماعية إلى الآن
تشير بعض المصادر إن أمريكا قد بيعت وسلمت بعض الجهات والأطراف في الحكومة العراقية مادة السيفور قبل ثلاثة أيام من تفجير الكرادة ..
أترك الحل لكم …