المتابع لحديث الشارع العراقي وايضا المتابع لما ينشر من آراء في مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف مسمياتها وانواعها يجد ان العمامة بين التقديس والاتهام , ولكن من باب الانصاف يجب ان نطرق بعضا من الاسئلة : ما جنس العمامة (واقصد العالم المختص وطالب العلوم الدينية الذي يرتدي الزي الاسلامي)التي باتت في قفص الاتهام ؟وهل وقع المواطن البسيط في فخ نصب له من قبل البعض للنيل من رمزية العمامة ؟ وهل اختلفت العمامة العراقية برمزيتها في مقتبل الالفية الثالثة عنها في نهاية الالفية الثانية ؟ الواقع يقول وانا شخصيا معه ان الاعم الاغلب من المعممين الذين تصدروا للمشهد القيادي للدولة العراقية الحالية هم في دائرة الاتهام وبطريقة وبأخرى باتوا جزءا من مشهد وواقع الفساد الحاصل في البلد ,وعلينا قبل ان نوجه سهم القناعة صوب اثبات التهمة او نفيها ان نقوم بتصنيف العمامة حتى نحدث مقاربة موضوعية نستطيع من خلالها البت بالموضوع والتشخيص الدقيق , فهناك عمامة ترمز الى المرجعية الرشيدة المتمثلة بعمامة السيد السيستاني حيث لا يختلف عليها اثنان من كونها عمامة تعمل وبجد للوطن والمواطن ويكفي ان نطلع على دورها المتواصل في دعم الجهود الوطنية لبناء العراق وحمايته ولنا في فتوى الجهاد الكفائي خير دليل , وللذين يريدون الاقتراب اكثر من الوصف الموضوعي حيال هذه العمامة عليهم رصد مجموعة البيانات الصادرة من مكتب السيد السيستاني منذ سقوط نظام البعث وحتى راهنية اللحظة التي نحن فيها وحتما سيجدون روحا واحدة متماسكة ميزت هذه العمامة وهي ارادتها الواضحة ببناء وطن موحد آمن مستقر , اما العمامة الثانية فهي عمامة واعظة انزوت في مساجدها وجوامعها وحسينياتها فقط لتثبيت الناس وتعليمهم امور دينهم ودنياهم ,هذه العمامة نأت بنفسها عن التصدي خوفا على نفسها من الوقوع في فخ واختبار السلطة والمال , الفخ الذي اوجدته ظروف الفوضى والتخبط , وعمامة ثالثة هي وعظية تصدت للظهور الواضح عبر الاعلام والمنابر ويعلق في عبائتها بعض سهام الاتهام من انها وربما وبدرجة ما خالفت المقاسات الصحيحة التي تؤكد عليها العمامة الاولى وفشلت في اختبار عدم الاهلية والتصريح المباغت والجريء وغير المبرر والذي لا يستند الى عمق في العلوم الدينية وبالطبع ليس كل من يدرج تحت هذا الصنف قد فشل في الاختبار , وعمامة رابعة هي عمامة حركية ومصداق واضح للانصهار والبوح باسم الدين الحقيقي القائم على اساس الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمشاركة الفاعلة في قضايا الدفاع عن الوطن ومنهم الذين شاركوا في عمليات القضاء على الارهاب الداعشي واستشهدوا ولا شك في شرف هذه العمامة وطهارتها , وعمامة خامسة هي عمامة حزبية غادرت اللحظة الدعوية لتستقر في عالم الظهور السياسي ومن بوابة الحزب الذي تروج له حيث يشكل الهم الحزبي والمنفعة الحزبية همها الاول والكبير فمن خلاله يتم الحصول على السلطة ومغانمها , وهي من اوضح مصاديق العمامة التي يسلط عليها سهام الاتهام ويستثنى منها النزر القليل من العمائم التي اشتركت بالعملية السياسية , وعمامة سادسة تتخبط اضاعت طريقها وهويتها ولا يوجد لديها وضوح في المنهج والمعتقد سوى الارتزاق ومليء الجيب وهي عمامة لا شان لله والدين في مسعاها كتلك التي عشقت الحزب الذي يدر عليها المال والسلطة , بالعموم العمامة اليوم بحاجة الى مراجعة واقعها حتى لا تهزم الهزيمة النكراء من ربطة العنق وهذا المراجعة تقع على عاتق المؤسسة الدينية التي تقوم بتخريجها , وللكلام بقية .