17 نوفمبر، 2024 2:26 م
Search
Close this search box.

هل العرب اليوم مسلمون؟

هل العرب اليوم مسلمون؟

عندما اتصفح التاريخ الإسلامي، واستقرئ مسارات العقيدة والشريعة، يستوقفني سؤال، هل العرب اليوم مسلمون؟ والسؤال هذا مترتب على مزاج العرب الذي لا يتوافق ومزاج الإسلام، فالمزاج استعدادٌ جِسميٌّ وعقليٌّ، يقول القدماء انه ينشا عن توازن عناصره الجسم، أي هو مسار للسلوك يعبر عن حالة التوازن بين تلك العناصر، فاذا ما تغلب أي منها فرض على وفق تغلبه رسم المسار، وهو في العقيدة حال من التوازن بين مقوماتها، اذا اهتز بانحراف مقوم عن المقومات الأخرى ارتسم مسار منحرفا. وهنا اجد ان المجتمع المسلم قائم على القربي، وهي علاقة بين افراده تزداد قوة بازدياد صلة الرحم، مثلا الاب مقدم عندما ينفرض الخيار بينه وبين الأخ، والاخ مقدم عندما ينفرض الخيار بينه وبين العم، والعم مقدم عندما ينفرض الخيار بينه وبين ابن العم، وهكذا وصولا الى ابن القبيلة وابن الوطن، فالعربي مقدم عندما ينفرض الخيار بينه وبين غير العربي، وقد يسال احد اين هي التقوى التي وضعها الله جل وعلا اساسا للتفاضل بين الناس؟ حيث قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، أقول له ما هو الأساس الذي يرسيه قوله تعالى الذي يوصي بالوالدين {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فالاية الكريمة لا تفترض ان الوالدين بلا تقوى فحسب، وانما بلا دين، ولكن مع هذا جاء الامر صريحا بعدم اتباعهما عقديا ومصاحبتهما في الدنيا بالمعروف، والمعروف هنا كلمة جامعة لكل فضائل المصاحبة، وذلك من اجل الحفاظ على القربي، فاي أهمية خطيرة تلك تنطوي عليها االقربي؟ يبدو ان القربى نظام اجتماعي اذا اهتز سقطت كل قيم المجتمع بما فيها قيمه الدينية، وقد جاءت سنة رسول الله (ص) الفعلية مؤكدة على هذا المبدأ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يمنع في معاركه من ان يلتقي الابن والأب بسيفيهما، بل ان الإسلام يعتبر الابن المسلم فاسقا اذا قتل اباه المشترك، والفسق في الإسلام صفة يترتب عليها اسقاط كثير من الحقوق المدنية والدينية.
في سوريا، اذا استثنينا القوى الإقليمية غير العربية، التي تخوض الحرب بدوافع شتى، فان حطب المحرقة هم السوريون، وهم عرب ومعظمهم مسلمون، أي ان هناك صلة قربى بين العرب على اقل تقدير، يجب ان تراعى، واذا ما كان هناك مقاتلون يدعي كل واحد منهم انه على الحق فيواجه آخرين هم عنده على الباطل، اين الحق والباطل في مصارع الأطفال والنساء وكبار السن، وأين الحق والباطل في ألوف العزل الذين نحلت اجسامهم من الخوف والجوع وهم يهيمون على وجوههم لا يحملون الا ما خف هربا من الموت، وربما من العار، فكثير من الاباء لم يستطيعوا حماية بناتهم من سطوة المتقاتلين، الا يرى العرب، ان كانت لهم اعين يبصرون بها، مشهد السوريين المفجع هذا، اليست لهم قربى فرض الإسلام الحفاظ عليها مثل ما فرض الحفاظ على الصلاة والزكاة والصيام والحج، ولكن يبدو لي ان الاهتزاز الذي يحدثه خلل القربى، لا يشعر به الا مجتمع مستقر عقديا، وعلى بينة من دينه، والمجتمع العربي فاقد لهذه الصفة، ومن ثم هو فاقد لذلك الشعور، فهو مثل المبلل لا يخاف او يشعر بالمطر، هذا اذا كان مبللا بالماء الطاهر المطهر، كيف اذا كان ؟؟؟

أحدث المقالات