23 ديسمبر، 2024 1:47 م

هل العراق بحاجة لتسوية تسمح بعودة البعث إلى الحياة السياسية ؟

هل العراق بحاجة لتسوية تسمح بعودة البعث إلى الحياة السياسية ؟

في ظل الصراعات والخلافات بين المكونات السياسية هل  من تسوية تحقق الأمن والاستقرار للعراق الجريح ،  فبعد عشرة أعوام من التغيير النيساني الذي أطاح باعتى ديكتاتورية في العالم العربي والإسلامي لازال العقل السياسي غير قادراً على إيجاد تسوية للمشاكل العالقة بين المكونات السياسية بل انه غير قادر على التقارب وإيجاد مشتركات مع الأخر لتحقيق الأمن والاستقرار هذا في ظل سيل الدم الجاري والفواجع اليومية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء ، وقادم الأيام قد يأتي بالاسوء في ظل تطور الإحداث في سوريا والمنطقة العربية ، وهنا هل يستطيع هذا العقل إنتاج تسوية مرضية لكل إطراف العملية السياسية حتى لا ينزلق البلد إلى أتون الحرب الأهلية التي إذا وقدت شرارتها لم تبقي على الأخضر واليابس .
المشكلة الحقيقية التي يعاني منها البلد حكومة تعمل بعقلية المعارضة والخوف من عودة حزب البعث إلى السلطة ، ومعارضة سياسية للتغيير النيساني تعمل بغضب الفاقد للسلطة فهي مستعدة لتخريب البلد حتى يعود جمهورها إلى الحياة السياسية من جديد ، وهنا كيف سيتخلص العقل السياسي من كل هذه الأدران والإمراض ، الحكومة لا تريد عودة أزلام النظام السابق إلى الحياة السياسية ، والمعارضة السياسية الجديدة والتي انبثقت من الجمهور الذي يحمل الحب والورد للنظام السابق لن تسمح باستمرار العمل بقانون الاجتثاث بان يطبق على جمهورها فضلا عن قانون الإرهاب والمخبر السري وغيرها من القوانين التي تراها مجحفة بحق جمهورها السني .
هذه الإشكالية والتضاد الحاد بين فكرين المدافع والمعارض لعودة حزب البعث إلى العملية السياسية والى المؤسسات المدنية والعسكرية هي وراء أزمة التدهور السياسي والأمني وهذا ليس خافياً عن احد فهناك علاقة طردية بين التدهور الأمني وحالة الصراعات والخلافات بين إطراف العملية السياسية  ، فكلما تعرض المشهد السياسي إلى التدهور ألقى بظلاله على المشهد الأمني عن طريق استهداف المدنيين ليثبت العقل السياسي انه قادر على إرباك الوضع العام بدون أدنى ضمير لدماء الابرياء المدنيين ولسان حال هذا العقل الغاية تبرر الوسيلة كما يراها مكيافيلي ، هذه المعادلة أضحت هي السائدة في المشهد الأمني ، ولأن اللعبة صارت عبثية وفوضى ، فان الفرقاء السياسيين قد شرعنوا استخدام كل الأساليب التي تضعف الآخر بما فيها التصفية الجسدية ، ولأن هذه الأساليب ساعدت على تكرار انهيارات الوضع الأمني فإنه تحقق لقوى الإرهاب هدفها الذهبي في استغلال حالة الصراعات والخلافات بين الطبقة السياسية الأمر الذي أعطى انطباعاً على عدم قدرة الحكومة على ضبط الأمن وتصعيد الشعور بالخوف لدى المواطن إلى حالة القلق المصحوب بالرعب من مستقبل مجهول.
هذا المستقبل المجهول  هل من مبادرة وتسوية تحقق الأمن والاستقرار لهذا البلد ، هل يحق للمواطن طرح مبادرة لعلها تجد من يقبلها في الأوساط السياسية ، كأن تكون من ثلاث مراحل، كما يلي :ـ
المرحلة الأولى :ـ تتمثل بالتقاء قادة أو ممثلي الكتل السياسية والأحزاب والتيارات ورجال الدين وزعماء القبائل وبعض النخب السياسية والأكاديمية والاتفاق على تحريم الدم العراقي. ويتم ذلك بحضور ممثلي الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات الرسمية .
المرحلة الثانية :ـ الشروع بإلغاء قوانين المسألة والعدالة وأربعة إرهاب والمخبر السري والاعتماد على القوانين الأخرى التي تجرم كل من يحمل السلاح ويضرب مؤسسات الدولة فضلا عن تجريم كل الأفكار المتطرفة التي تدعوا إلى القتل والعنف والإرهاب .
المرحلة الثالثة :ـ اعتذار أعضاء وقيادات حزب البعث من الشعب العراقي على الجرائم التي ارتكبت بحق هذا الشعب من اجل عودتهم للعراق والعملية السياسية ، وفتح باب المحاكمات إلى الجمهور في حالة وجود أية دعوة تخص احد هؤلاء الأعضاء والقيادات البعثية ، وفي حالة براءتهم يسمح بترشحهم الى الانتخابات حالهم حال بقية الأحزاب بعد تغيير فكر وأهداف الحزب والدخول باسم جديد يحمل أفكارا تنسجم مع الدستور والعملية السياسية والنظام السياسي الجديد .
وقد تكون المرحلة الأخيرة محل خلاف بين الفرقاء السياسيين لكن طرح مثل هذه الحلول على صعوبتها تنطلق من الحرص على مستقبل البلاد وحرصنا على الجميع ، ومن قناعة العراقيين بأن السياسيين المسؤولين عن أمور البلاد والعباد صاروا بحاجة إلى تدخل وسيط نزيه يساعدهم على إنهاء الأزمة،ولقناعة السياسيين بأن أي فريق منهم غير قادر على أن يفرض نفسه على الآخر أو يجعله دونه ، وأن الحل يكون بتعطيل آليات العقل السياسي العراقي المنتجة للأزمات والمتمثلة بالشك والإسقاط والعناد ،وتشغيل برنامج المرونة العقلية السياسية التي تبادر إلى تقديم تنازلات متبادلة يلتقي فيها الجميع حول النقطة التي ترتفع فيها راية السلام وبالتالي لابد من حلول لتجاوز عقود من الحياة الغير مستقرة في العراق .
يسمح بنشرها في كافة المواقع لعلها تجد أذاناً صاغية لتكون مسارا لعمل سياسي مستقبلي