5 نوفمبر، 2024 1:30 م
Search
Close this search box.

هل الشخصية الداعشية شخصية سیكوباتیة  ؟؟؟

هل الشخصية الداعشية شخصية سیكوباتیة  ؟؟؟

يعرِّف الإرهاب من الناحية السيكولوجية على انه نوعا من العدوان المرضي، والسلوك الإجرامي يمارس ضد الشرعية والقانون والعرف وضد الأداة الشرعية الحاكمة، وبث الفزع والرعب في نفوس المدنيين في أي مكان وزمان وتحت أي ظروف معيشية بصرف النظر عن دوافع و أسباب حدوثه ،فهو استعمال العنف والعدوان والتخويف للوصول إلى هدف معين غالبا سياسي “. ولكن يظل سؤال  يطرح نفسه دائماً ،وبإلحاح هو ما الطبيعة النفسية التي ينطلق منها الفعل الإرهابي بشكل عام ،وتُعد الإجابة عليه محاولة لفهم الإرهاب. هذه الظاهرة التي شهدت خلال الفترة الماضية، تحولات جعلتها أكثر تعقيدًا وتشددا ولّدتها الأوضاع السياسية والأمنية المتوترة التي مرت بها المنطقة العربية إجمالا، ما ادى لظهور تنظيم جديد اكثر حداثة من تنظيم القاعدة اطلق عليه اسم ( داعش ) فهو تنظيم اكثر دموية وفتكا , حيث تمكن هذا التنظيم من غرس فكرة هامة وخطيرة في عقول عناصره وهي: سيكولوجية الكراهية، والتي تعني إعدام كلّ مظاهر الحياة ورموزها الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، والإعلامية والعسكرية، فاليوم اصبحت الشخصية الداعشية هي خلاصة مركّزة للشخصية الإرهابية . لكن من الناحية العلمية لا توجد في ادبيات وقواميس علم النفس, شخصية يطلق عليها اسم (شخصية ارهابية)، ولا يوجد تصنيف طبي نفسي لاضطراب الشخصية الارهابية . الا ان النظريات التي تناولت تفسير وتحليل الإرهاب، اعتمدت على افتراض أن الشخصية الإرهابية تعتبر شاذة ومريضة بناءً على التحديد الواضح لخصائصها التي تخضع لتفسيرات الطب النفسي ومختلف فروع علم النفس. ومنه، يمكن أن نستنتج أن الدراسات والأبحاث على اختلافها تؤكد نقطة مهمة واحدة وهي: أنه حتّى وان كان هناك تشابه في الأسس التكوينية، فلا يوجد نمط خاصّ للإرهابي , لان الشخصية الارهابية تجمع اكثر من صفة من صفات اضطرابات الشخصية الواردة في التصنيف العالمي للأمراض النفسية والعقلية  ( ICD-10 ) إلاّ أنها تشترك في نقطة مهمّة وهي: العنف الوحشي البربري الذي يشكّل محور هذه الشخصية الخطيرة والمهددة لسلامة المجتمع وأفراده .

 وعلى الرغم مما تشهده هذه التنظيمات من تقدم وتحولات الا ان دراسة الشخصية الارهابية والابحاث في مجال الارهاب وسلوك الارهابي تعد قليلة جدا على مستوى العالم وتكاد تكون شبه معدومة , وعليه فقد وجدنا أنه من الأجدر بل اصبح من الواجب العمل على رسم الخصائص العامة والسمات الشخصية التي تتصف بها الشخصية (الداعشية)، ومن ثم تحديد المحاور الأساسية التي تجعل من الممكن الوصول إلى صورة سيكولوجية لهذه الشخصية. و ايجاد حلول ومعالجات لها وبيان طرق الوقاية منها .

 

 

الشخصية السیكوباتیة :

         يشعر صاحب الشخصية الداعشية بالاضطهاد ، ويرى أن حقوقه مهدورة، فيكون مستعداً للقتال من أجلها، ولديه نزعة لحمل ضغينة مستديمة، ورفض للتسامح ،لأن صفة العدائية تكون متحكمة فيه. ويتفق علماء النفس على أن بداية تكوين مثل هكذا شخصية هي نشوء معتقدات وهمية لديه تقوى بمرور الزمن لتصبح وكأنها حقائق واقعة. يؤكد هذا الاستنتاج ان الدواعش تلقوا هذه المعتقدات من شخصيات دينية لها تأثير فيهم فتتضخم لديه مشاعره السلبية الخاصة بالانتقام، وهذا ما يجعله عاجزاً عن السيطرة على رغباته الداخلية خاصة العنف الغريزي، فينفجر في وجه المجتمع الذي يدينه ويحمله نتيجة فشله من الأساس .لأنه كان قد تعرض لاضطهاد وتحقير وإهانات أسرية ومجتمعية. إذن الانتحاري شخصية لا تتسم بالقوة وترغب في الموت من الأساس، وما تضفيه عليه جماعته خصوصاً في إطارها الديني من شرعية لهذا الفعل، ينفي لديه أي شعور مسبق بالذنب أو مجرد التساؤل عن ضرورة القتل. خاصة اذا كان العنف والقتل خطوة هامّة نحو إقامة خلافة إسلامية كبرى. فهو يعتقد ان كل سكان العالم كفرة وانه وجماعته وحدهم المسلمين اسلاما حقيقيا.

     وبين الدكتور يوسف بن أحمد الرميح الأستاذ المشارك في علم الإجرام ومكافحة الجريمة وعضو لجنة المناصحة ومستشار أمير منطقة القصيم وأحد المتخصصين في مجال المنظمات الإجرامية والإرهابية ان شخصية الإرهابي الدموي تتميز في نقص الوظائف النفسية واضطراب الوعي والادراك والتفكير مع الانطواء على النفس وتكوين عاطفي معيب يتميز بقابلية الانفعال بسهولة وعدم الاستعداد للتقيد بالنظم وأشار إلى أن الإرهابيين الدمويين يدفعهما للدموية عاملان أساسيان وهما : التطرف, فالمتطرف هو ذلك الشخص الذي لا يسمع إلا صوته ولا يؤمن إلا برأيه والتطرف يقسّم الناس لقسمين مؤمنين وكفار وأخيار وأشرار ومن خصائص التطرف التشدد في القيام بالواجبات الدينية والتكلف الشديد ومحاسبة النفس على السنن والنوافل والحكم بكفر تاركها بسبب الجهل بالدين بالإضافة لعوامل أخرى كالعنف والنظرة التشاؤمية والتقليل من أعمال الآخرين واصدار الفتاوى باستحلال دماء الناس وأموالهم وأعراضهم والخروج عن القصد الحسن والسير المعتدل والعامل الآخر هو التكفير وهو في الحقيقة الحكم بالقتل لأن الكافر ضال يجب قتله في عقل هذا الإرهابي. وأشار الرميح الى أن هذه الشخصية الإرهابية تستمتع بآلام الآخرين حتى أقرب الناس إليها .

    هذه الصفات تكاد تنطبق الى حد ما على الشخصية  ( السیكوباتیة ) والتي  سنلقي الضوء عليها والتي ستكون محور حديثنا في السطور القادمة من حيث تطابقها مع الشخصية الداعشية ومن ثم بيان اسبابها وطرق علاجها والوقاية منها .

 

      تعد هذه الشخصية أسوأ الشخصيات على الإطلاق وهي أخطر الشخصيات على المجتمع والناس، كما لا يهمها إلا نفسها وملذاتها فقط , والسيكوباتى شخص مشعل للحرائق فالنار تشكل عندهم رمزية غريبة للدمار؛ يشعلون الحرائق دون تعليلات منطقية.

    تتكون كلمة سيكوباتي من مقطعين هما سيكو psysho ومعناها نفس وكلمة path ومعناها شخص مصاب بداء معين .

     من التعريفات الشائعة أن السیكوباتیة هي : حالة مرضية تظهر بشكل سلوك اندفاعي متهور، ومتكرر ، يستهجنه المجتمع أو يعاقب عليه، دون أن يكون لذلك علاقة بالضعف العقلي أو بمرض عصابي أو ذهاني ، أو بحالة صرع ، أو بمرض عصبي  .

    فالسيكوباتية هي مشكلة اجتماعية واقتصادية صحية قانونية تؤثر تأثيرا سلبيا على المجتمع… و هي باختصار شديد جدا نوعية من الأفراد يتصفون بسلوك غير سوى يظهر عليهم من صغرهم فالسيكوباتي هو شخص منعدم الضمير تماما، يمكنه أن يضحي بوالدته لو لاحت له مصلحة خاصة وراء ذلك. فهي شخصية مرضية مصابة بمرض نفسي وهو الإجرام .

     اذا فالشخصية السیكوباتیة مشكلة نفسية تواجه الأسرة والمدرسة والمجتمع ، وتهم علماء النفس والاجتماع والتربية ورجال القانون والأمن لما تتركه من آثار سلبية ضارة بالفرد والمجتمع ، ولما تسببه من تهديد للصحة النفسية ، وهدر في رأس المال البشري وهي من أمراض الشخصية التي لا يجد حتى الآن علماء النفس العقلي اتفاقا أو تعريفا يحدد وضعه وسماته بين الاضطرابات الذهانية أو العصابية أو اضطرابات الخلق . لهذا تصنف السیكوباتیة غالبا ( كمرض أو اضطراب في الشخصية قائم بذاته ) اما الملامح الأساسية للسیكوباتیة : فقد توصلت البحوث التي قارنت بين شخصيات العاديين وشخصيات السیكوباتیین إلى فروق رئيسية هي :

1-   ضعف الضمير واختفاء مشاعر الذنب والفشل في اكتساب الضوابط الداخلية .

2-   البطء في بعض أنواع التعلم خاصة التعلم الذي يحتاج للوعي بمعايير المجتمع.

3-   مواجهة الإحباط بالاندفاع والعدوان دون حساب النتائج .

4-   ضعف المشاركة الوجدانية والعجز عن تقدير مشاعر الآخرين.

5-   إنها لا تتأثر بأي وسيلة من وسائل العلاج .

    ويقسَّم الانحراف السیكوباتي الى أنواع متعددة صنفها الباحثين والعلماء, جلهم ينزع إلى الشر والاجرام والسلوك المعادي للمجتمع. وهنا سنتحدث عن الأنواع الملفتة للنظر وتستحق التأمل وهي :

1-   المتعصبون : ويشمل هذا النوع أصحاب النشاط الديني العنيف غير المعتدل ويتميز هؤلاء بأنهم  متشوقين للعظمة ، سريعي الغضب وأنه ليس لديهم من روح المرح شيء يذكر.

2-   المجرمون عديمو الشعور : وهؤلاء يقترفون أعمالا عدوانية وأعمال عنف ضد أشخاص آخرين أو جماعات ، دون القدرة على التحكم في اندفاعاتهم وهم يدركون ما يفعلون دون إحساس بالإثم أو شعور بالذنب فهم يحترفون أعمالاً عدوانية وأعمال عنف ضد أشخاص آخرين أو ضد جماعات بطريقتهم الإجرامية المعروفة التي تشمل الهجوم والتربص أو القتل أو حرق أملاك الغير أو ما شاكل ذلك .

3-   السیكوباتیین الانفجاريين : وهم يشبهون عديمي الإحساس من المجرمين فيما عدا أن هذا النوع تصاحبه حالات من الغضب العارم والذي يؤدي غالبا إلى الخروج والانتقام من المجتمع بشكل سريع وغير متأني ومصحوب بنزعة عدوانية ، فيقدم على الانتحار ليقتل اكبر عدد ممكن من الأفراد ويشبع رغباته الداخلية ويرضى النظام أو المؤسسة التي يخضع لقوانينها.

الاسباب المؤدية للانحراف السیكوباتي:

هناك حقيقتان هامتان عن الانحراف السیكوباتي هما :

1-   يبدو أنه يرجع إلى أسباب عضوية جسمانية أو وجدانية لم تعرف بالدقة أصولها .

2-   أن هذه الحالات تستمر مدى الحياة وتبدأ عادة فيما لا يتعدى فترة المراهقة فأكثر.

    ان حدوث وتبلور الشخصية الارهابية لا يحدث فجأة او مجرد استيقاظ الفرد باكرا يقرر ان يصبح ارهابيا بل ان هناك ادوارا وطرق متعددة واساليب مهمه تساعد في تبلور مثل هذه الشخصيات، تأتي في مقدمتها العوامل النفسية والتي لها دورًا كبيرًا في نشوء الانحراف السيكوباتي فالاضطراب النفسي والقلق والصراع والإحباط وشعور الفرد بأنه مضطهد قد يكون بعضها أو كلها سببًا في ظهور هذا المرض. كذلك أسلوب التنشئة الاجتماعية الذي تتبعه الأسرة في تربيتها لأطفالها والقائم على الإفراط في اللين والرعاية والحماية ، أو على العكس الإفراط في القسوة والعقاب والتفرقة في المعاملة واللامبالاة والإهمال ونبذ الطفل وخاصة من الأم يعتبر من العوامل في بروز تلك الشخصية .

    اما العوامل الوراثية فهي الاخرى لها دورًا في نشوء الانحراف السيكوباتي : ويعتمد أنصار هذا الاتجاه على عدة أمور ( ظهورها في مرحلة طفلية مبكرة ، ووجود عدد أكبر من أفراد عائلة السیكوباتي سیكوباتیین ، وأيضا مقاومة السیكوباتي للعلاج ) وقد تمكن العلماء في بريطانيا  من تحديد أسباب المشكلة في مورث جيني يدفع إلى الانحراف والعنف وسلوك طريق الجريمة وهو في نظرهم المسؤول عن هذا التحول . فقد وجد الباحثون في الكلية الملكية بلندن وزملائهم في جامعة ويسكونسن الأمیركیة أن هذا الاكتشاف يفسر جزئيا سبب توجه بعض ضحايا سوء المعاملة وليس جميعهم إلى إيذاء الآخرين عندما يكبرون  ويأمل الأطباء في الدراسة التي نشرتها مجلة ” العلم ” المتخصصة من خلال هذه الاكتشافات تحديد الأولاد والشباب الذين يملكون توجهات سلوكية غير طبيعية ويكونون أكثر عرضة للعزلة الاجتماعية والعمل على تصحيح مسارهم في الوقت المناسب . وأثبتت الدراسات ايضا أن المرضى المصابين بالانحراف السيكوباتي بأن القشرة الدماغية للمريض كانت تمتاز بسوء التكامل وقلة النضج الفيزيولوجي واختلال التوازن الحيوي. اضافة الى حدوث بطء في أمواج الدماغ بنسبة أكثر من حدوث ذلك في مجموعة من الأسوياء. كذلك فإن ذلك قد يظهر في مخطط الدماغ لدى آباء وأمهات السيكوباتي.

     ولا زال التفسير بالوراثة له مكانه في تفسير السیكوباتیة ,الا انها لابد من الإشارة إلى الحقيقة العلمية التالية : وهي أن السلوك في صميمه هو علاقة ديناميكية بين الكائن وبيئته ، وليس من المستطاع أن نتصور الكائن منفصلا عن أسلافه أو منعزلا عن بيئته ، كما أنه ليس من المستطاع أيضا أن نقول أن سلوكا ما يعزى إلى الوراثة فقط أو إلى البيئة فقط ، وتزداد صعوبة التفريق بين العوامل الوراثية ، والعوامل البيئة المكتسبة حيث يصبح من الاستحالة أن نختار العوامل الوراثية أو المكتسبة كلا منها على حدة.

ويكاد يجمع العلماء على أن الوراثة ليست هي العامل الحاسم في السلوك السیكوباتي وعلى حد تعبير احد علماء النفس (الوراثة تقرر للفرد ماذا يمكنه أن يعمل ، والبيئة تقرر له ماذا يعمل فعلا).

 

العلاج :

     يكاد يستحيل علاج الشخصية السيكوباتية الكاملة. ويرى البعض بأن هذه الظاهرة لا علاج لها سوى العقوبات التي تحددها القوانين والمتمثلة في جملتها في عزل السیكوباتي عن المجتمع باعتباره مجرما لابد من حماية الناس من شروره . وقد وضعت انجلترا منذ سنتين تقريباً قانوناً باحتجاز كل من ثبت أنه سيكوباتي لدفع ضرره عن المجتمع لأنه يعيش في هذه الدنيا بمنطق أنا ومن بعدي الطوفان. فالطب يقف عاجزاً تماماً أمام هذه الشخصية.. ومهما بذلنا من اجل هذه الشخصية فجهدنا كله ضائع لا امل في إصلاحه على الإطلاق.. وعبث إن نعطيه الثقة أو الأمان آملين في إصلاحه والعقاب لا يجدي ولا يفيد فالسجن فشل في علاج السيكوباتي وكانت السجون في الغالب مأوى هؤلاء ومنهم في مستشفيات الطب النفسي يدخلونها ثم يغادرونها بسرعة بعد أن يثبت أنهم ليسوا مضطربين عقليا ليعودوا إلى سيرتهم الأولى داخل المجتمع …فهو لا يرتدع. ولا يتعلم من أخطائه وذلك لسبب بسيط إن وجدانه ميت ولهذا لا يوجعه ضميره..

    بينما يطرح الإسلام رؤية متميزة في التعامل مع مثل هذه الحالات … فنجد أن الإسلام أجاز استخدام العقاب الرادع لحفظ المال والعرض والدين في المجتمع ،فتبدأ من الجلد والإيذاء الجسمي إلى قطع الأيدي والأرجل والرجم حتى الموت ، وهذا وارد في العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية ، لا تنكيلا بالإنسان الذي كرمه الله بل ردعا للجريمة وترھیبا من مغبتھا ؛ فقسوة العقوبة هدفها منع الجريمة لا تعذيب البشر.

    يقول استاذ علم النفس علي راجح بركات في جامعة أم القرى : وجدت في قصة الخضر عليه السلام مع نبي الله موسى عليه السلام والطفل الحدث الذي قتله عدة أمور لعلها تمثل تفسيرا معقولاً ومقبولاً قد يصل العلم في يوم ما إلى تفسير دقيق للعوامل النفسية التي تبدو غير ممكن دراستها وتفسيرها علمياً بطريقة واضحة مفهومة .أن الحدث الذي قتله الخضر عليه السلام كان لسابق معرفة أكيدة لديه بأنه سيكون فاسداً ,وهذا الحادثة لم تذكر في كتاب الله عبثاً ، ففيها تشريع قاطع لم نفطن إليه بعد لمنع دابر الفساد عندما يستشري ، وهذا ما يؤكده رسول الله (ص) في حديث صحيح ( في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سُفَهَاءُ الأَحلامِ يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم في الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ). رواه البخاري في صحيحه / كتاب المناقب / رقم الحديث 2682.

الوقـايـة:

     الانحراف السيكوباتي هو مرض سلوكي على المستوي الفردي, والمرض السلوكي له خاصية العدوي وسرعة الانتشار ان لم تستخدم الوسائل المناسبة لعلاجه وغالبا ما يؤدي لضعف وتدمير المجتمع في حالة اهماله سواء عن قصد او جهل . ولذا كلما عالج المجتمع الانحراف السلوكي منذ ظهوره في اول حالاته وتابع الوقاية والعلاج لباقي الافراد كلما احتفظ المجتمع بصحة بنائه ومكوناته الاساسية .

الاساليب الوقائية من الاضطرابات السيكوباتية:

1-   توفير التنشئة الاجتماعية السليمة للأطفال داخل الأسرة أولاً بحيث تستجيب لمطالب النمو في كل مرحلة من مراحله. وتوفير الحنان والعطف والأمن والانتماء خاصة في كل مراحل النمو الأولى. وإشعاره بأنه مقبول في الأسرة ، التي يجب أن تتسم بالانفتاح والود والصداقة لأن نمط العلاقات الأسرية هو الأساس لعلاقاته الاجتماعية خارج الأسرة .

2-   إن تكوين الضمير الجمعي لدى الطفل من ضروريات تنشئته الاجتماعية حتى يستطيع ضبط دوافعه والالتزام بقوانين المجتمع أو احترام ما فيه عادات وتقاليد. والتربية الدينية هي التي تزوده بمعايير الحلال والحرام ، والحسن والقبيح ، والخير والشر ، وتغرس في نفسه الخوف من الله ومراقبته له في كل فعل يؤديه . وتعلمه التكافل والتضامن الاجتماعي .

3-   حماية الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع ، حمايتها من الانهيار ومنع الرجل من استخدام حقه في الطلاق إذا ترتب عن ذلك الحق تفتيت بنيان الأسرة وتشريد أطفالها .

4-    اهتمام المدرسة بمعالجة مشكلات تلاميذها أول بأول بحيث لا تتراكم هذه المشاكل وتؤدي إلى لجوء أصحابها إلى حيل دفاعية هروبية بدلاً من المواجهة الموضوعية لتلك المشكلات .

5-   الاهتمام بمعالجة العيوب الخلقية والتشوهات الجسمية لما يمكن أن تتركه من آثار نفسية سلبية لدى الطفل .

6-   محاولة التنبؤ المبكر بظهور مشكلة السيكوباتية، القابلة للانحراف السلوكي حتى نتمكن من اتخاذ الإجراءات الوقائية قبل تفاقم المشكلة.

7-   التوجيه والإرشاد الوالدي فيما يتعلق بظروف التنشئة الاجتماعية وأساليبها السليمة ، وأنماط العلاقات الأسرية وطبيعة المناخ الأسري وتأثيرات ذلك على نمو الطفل والمراهق ، وأهمية المتابعة الوالدية للأبناء وعلاج مشكلاتهم أولاً بأول.

8-   العلاج النفسي يهدف إزالة أسباب القلق والصراع النفسي ومصادر الضغط والتوتر الانفعالي ، وإشباع الاحتياجات النفسية المحبطة لدى السيكوباتي ، وتنمية استبصاره بطبيعة سلوكه.

9-   التخلص من العوامل المساعدة على انتشار الظاهرة مثل عدم توقيع العقاب الرادع ، والتباطؤ في تحقيق العدالة وعدم وجود ارتباط مباشر بين ارتكاب المخالفة القانونية وتطبيق العقاب المناسب ، والتأخير في مواجهة الحوادث الفردية حتى تتزايد لتصبح ظاهرة ، فالوقاية هنا أهم من العلاج ، وتبدأ بالاهتمام بالتنشئة ، لأن الانحراف الذي يصيب الشخصية يبدأ مبكراً ، وإذا حدث فإن علاجه لا يكون ممكناً .

10-   أما إذا ظهرت بوادر للمشكلة فإن بعضاً من الحلول الحازمة التي ينبغي اتخاذها في هذا الإطار مثلما تفعل بعض البلدان التي تقوم بوضع هؤلاء المنحرفين بعد تشخيص حالتهم ,وقبل أن تتعدد الجرائم التي يقومون بارتكابها في أماكن تشبه المعتقلات من حيث النظام الصارم وبها علاج مثل المستشفيات ، ويتم تأهيلهم عن طريق تكليفهم ببعض الأعمال الجماعية والأنشطة التي تفرغ طاقة الغضب لديهم.

11-  إعادة تأهيل الكبار نحو سلوك حضاري رشيد كي يكونوا قدوة لمنع السلوك العنيف عند الصغار.

أحدث المقالات

أحدث المقالات