23 ديسمبر، 2024 11:14 ص

هل الدفن في النجف الاشرف لم تريد فيه رواية ناهضة بالدليل؟!

هل الدفن في النجف الاشرف لم تريد فيه رواية ناهضة بالدليل؟!

لقد اجهد الشيخ ميثاق العسر نفسه لاثبات ان الدفن في النجف الاشرف ليس فيه استحبابا لعدم ورود روايات صحيحة فيه او لضعفها ان وجدت مستندا الى رفض قاعدة التسامح في ادلة السنن والتي تعني التساهل والمسامحة في محاكمة أسانيد الروايات الدالة والكاشفة على الأحكام الغير إلزامية مبينا هذه القاعدة غير موجودة لا بعنوانها ولا بمضمونها في كتب المتقدمين , وبالفرض لو نحن وغيرنا اتفق مع الشيخ في الراي في انكار قاعدة التسامح فإنّه لا يمكن الإفتاء بالاستحباب وهذا صحيح كما يريد ه شيخ العسر ، لأنّ الإستحباب حكم شرعي فيتوقف على الدليل الشرعي كسائر الأحكام (مدارك الأحكام ، السيد محمد العاملي ، ج 1 ، ص 13) وأدلّة الاستحباب مما يتسامح فيها ضعيف (الحدائق الناظرة ، الشيخ البحراني ، ج 4 ، ص 198) وقاعدة التسامح في أدلّة السنن فغير ثابتة ، بل الظاهر من أخبارها أن ترتّب الثواب على مجرد الانقياد(مستمسك العروة الوثقى ، محسن الحكيم ، ج 7 ، ص 171) وإنّ كثيرًا من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلّة السنن ، ولمّا لم يثبت عندنا ، فيتعيّن الاتيان بها برجاء المطلوبية (منهاج الصالحين ، السيد الخوئي ، ج 1 ، ص 12 ، مسألة 32) ولكن هذا كلام نظري بدليل بعض هؤلاء الاعلام من الفقهاء دفنوا في النجف , وبعيدا عن القاعدة المذكورة يبقى الدفن في النجف قائما ومشروعا وفق قاعدة رجاء المطلوبية التي لم ينكرها احد من الفقهاء, ويقصد بها أنّ الفعل الذي لم يثبت استحبابه ، بالإمكان أن يؤتى به على أمل أن يكون مطلوباً من الله تعالى وعلى أمل أن يكون الحديث الضعيف فيه قد صدر حقّاً من المعصومين (ع)، فهنا عندما يأتي بها المكلف مع هذه النيّة الطيبة فإنّ الله لا يرجعه خائباً …اضافة الى ذلك فاننا نريد ان نبين وفق منهج البحث التاريخي وبعيدا عن الاستدلال الاصولي او الفقهي فان ارض النجف ليس جميعها بل جزء منها 5.750 كم فيها ميزه مميزة وهي التي تمتد من ضريح الامام علي (ع) باتجاه مدينة كربلاء حيث هي الارض هي التي اشتراها ابراهيم الخليل (ع) (معجم البلدان) 1/331 والتي ذكرت في (كتاب علل الشرائع 2/585 ) بخبر شراء إبراهيم (ع) لهذه الأرض , كما ان الامام علي (ع) جدد شراء هذه الارض من النجف ثم الحيرة والكوفة (المؤرخ د. حسن عيسى الحكيم – كتاب الحيرة ص53) وان هذه الارض مشرفة ومقدسة قبل ان تطاها اقدام الامام علي (ع) حيا وجثمانه الطاهر ميتا لكون مدفون فيها انبياء الله ادم ونوح وهود وصالح (ع) …وقد اوصى الامام علي (ع) اولاده حول موضع مدفنه الشريف بقوله ((إن أخرجوني إلى الظهر فإذا تصوبت أقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنوني، وهو أول طور سينا، ففعلوا ذلك)) الطوسي، أبي محمد بن الحسن- تهذيب الأحكام، حققه وعلق عليه حسن الخرسان، مطبعة النعمان، النجف، 1962م، ج6، ص38… نقول للشيخ الفاضل حتى وان قاعدة التسامح في ادلة السنن رفضت لقطع سلسلة رواتها او لم يتاكد من قول المعصوم (ع) بشان العمل الاستحبابي فيها او اعتمادها على خبر الاحاد فان هناك فقهاء قالوا الكلام الفصل فيها بغياب هذا الامر( رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( ع ) أنَّهُ قَالَ : ” مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ ( صلى ) شَيْ‏ءٌ مِنَ الثَّوَابِ فَعَمِلَهُ كَانَ أَجْرُ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى ) لَمْ يَقُلْهُ ” (وسائل الشيعة: 1 / 81 الحُر العاملي)… من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له ، وإن لم يكن على ما بلغه (أصول الكافي ، الكليني ، ج 2 ، ص 115 ، رقم الحديث 1681)… من بلغه شي‌ء من الثواب على شي‌ء من خير فعمله كان له أجر ذلك وإن كان رسول اللَّه (صلى) لم يقله(ثواب الأعمال ، الشيخ الصدوق ، ص 368-369 ، حديث رقم 500)… نستنتج من هذا كله: أن الأجر ثابت للعمل المستحب باي حال ولا يشترط صدورعمل وقول من المعصوم (ع) فيه كما لا يشترط صحة سلسلة الرواة لثبوت الأجر والعمل به.
شيخنا العزيز ليست كل الاحكام الشرعية قابلة للتطبيق بل بعضها نظري فمثلا زواج المتعة حكم شرعي مفاده الحلية ولكن لا احد من اهل البيت (ع) مارسه , كذلك الزواج بالزانية التائبة ليس بحرام ولكن لا احد يرضاه الا ما ندر وعليه فالدفن في مقبرة النجف من قبيل هذا .
واخيرا فان وجود الضريح الطاهر للامام علي (ع) يكفي وحده بان ندفن موتانا بالقرب منه لعظمته ومكانته وهذا امر متواتر عند جميع المسلمين ومنذ القدم فالشيخين ابي بكر عمر اوصوا بدفنهم مع النبي (صلى) وهناك مقبرة بالقرب من ضريح ابو حنيفة النعمان في بغداد , فعلى ماذا هؤلاء استندوا ؟!
املين ان يكون طرح الشيخ العسر لهكذا امر هو لغرض البحث العلمي وليس كما يشاع بانه يريد توهين مذهب اهل البيت .