22 ديسمبر، 2024 2:03 م

هل الخلاص في علم الكلام الجديد و فلسفة الدين

هل الخلاص في علم الكلام الجديد و فلسفة الدين

إن تفكيك مجتمع الإستهلاك إشتغال بامتياز بطغيان الشهوات و افول و ضمور كل انواع الأذواق السليمة و تحت غلاف قيم المنظومة النيوليبرالية… غير المتوحشة و لا البهيمية في كل الحقول من الأكل إلى الملبس إلى المركب إلى الجنس و حالات الشبقية ..الخ في صيغة التمدن المزيف و الناظم لا يعدو أن يكون الاستهلاك …
ما بين الذائقة السليمة و الغريزة و الشهوة حجاب رقيق لا يفقهه علم الكلام الجديد وحده ولا فلسفة الدين و مقولات الظواهريين المؤمنين و ” الوجودية المؤمنة ” أي غير العدميين…
بل نحن في حاجة الى كل المواريث المعرفية و الدينية والاسلامية و الإنسانية و منها العرفان المتفقه و الفقه العارف و العقل المتبصر و إدراك أغوار الظواهر بدل الوقوف عند سطوحها فحسب و الحفر بعمق في الإنسان المتحول نسقا غير ” المستعاد” بعد فهيهات أن يستعيده كتاب في فلسفة الدين و أبحاث في علم الكلام الجديد وحدها أو حوارت مع المؤمنين و اللاهوتيين و الذي لن يتعدى تنميقا للواجهات …

فهي ثغرات في الطريق المسدود و ليست دروبا للنجاة و أسقفا نهائية للحلول بل وجب تناول غروب الإنسان بإنسانيته و شحوب و اضطراب حالته المادية المشوهة و المعنوية و الروحية و هي نتيجة لحالة شديدة التعقيد إنتهت به إلى هذا الضياع الإيماني و الأنطولوجي و الفكري و القيمي إنه الشرود المعقد …

فلا نزعم أن إسترداده يكون بالسهولة بمكان بل بالتعقيد و المشقة التي تتطلب هبة واسعة النطاق تنقل مثلا لا حصرا الأفكار والقيم التجريدية الى مساحة الأفعال و قبلها التمثلات في اطار منظومة الفهم و رسم بعض الدروب المنيرة عبر أدوات التغييرالناجعة و القوية وعبر العقول المدبرة و كل تجريد لا ينبني عليه عمل تغيير يساهم في استرداد الإنسان بلغة العض هو مجرد لغو و ضجيج بلا نفع …

و علينا كشغيلين في حقول الفكر و المعرفة و فهم الدين أن نكف عن الاستخدامات المفهومية العشوائية من غير ضبط و تعديل و استيعاب مثل العقل الإنسان..الإدراك.. الحضارة.. الدين..الإيمان..الكرامة ..الحب…النفي..العدمية…الإنسانية و الأنسنة..الخ..فهذا تيه و ضلال ( ليس بالمعنى العقائدي أو الفقهي الديني ) إنما ضلال بمعنى شرود عن الدروب الموصلة للحقيقة و الطمأنينة و مخرجات الضلال و اللأدرية ( اللاأدرية ) لن تكون إلا كذلك من نفس الجنس…

و ذلك حتى لا نؤسس لجديد لكن لا يساهم في حل معضلات انطولوجية و إيمانية و عقلية و حسية عميقة و معقدة..الخ تعكس الأزمة الخانقة بل سنزيد الأمر إلتباسا و غموضا…

و من غير مقاربة نسقية متعددة الروافد المعرفية و العلمية و المنهجية عابرة للزمان و المكان و كل الحواجز و العلوم و منطلقة من تعقيد حالة الإنسان و مجتمعه لا و لن يفي علم الكلام الجديد و كذلك فلسفة الدين بتحرير الإنسان و ” استعادته “..

لا يفي لا علم الكلام الجديد و لا فلسفة الدين بغرض تفكيك نسق المنظومة النيو-ليبرالية المعقد المنتشرة أوهامه و مخرجاته و المتجسدة في الوعي و الاشواق و الامال و التطلعات كالسرطان فلا يكفي علم الكلام الجديد وحده أو فلسفة الدين و علم اللاهوت كخلاص و لا نقول بإعدامهما كأـدوات تكميلية و مساعدة للفهم و رسم معالم الخلاص بل نؤكد على ضرورة التوسل بكل أدوات المعرفة و الفهم توسلا نسقيا شاملا و بتوظيف ” العبر- منهاجية ” و ” البينية -المعرفية “…الخ…و غيرها للإحاطة بالأزمة و محاصرة مرض الشرود الذي نال من الانسان فحوله الى ” عدمي ” و ” لا أدري ” شارد …

لعلنا بهذه الترسانة المعرفية الروحية و المنهجية الشاملة نقترب قليلا من فهم ماذا حل بالإنسان و بالحضارة و لماذا بقيت القيم شعارات محرفة و مزيفة و مجوفة في بيئتها أي في مناخات النشأة و المولد بل فارغة كأعجاز نخل خاوية…

ترى ما الذي نخرالقيم كما تنخر السوسة جذع النخلة المتهاوي حتى يسقط فجأة كالأنسنة مثلا لا حصرا وهي اكثر تزييف و تجويف و فراغ و ميوعة و رغوة مما حصل لها و اعني القيم في غير المجتمعات النيوليبرالية و أعني المجتمعات التابعة و المتخلفة التي تقع تحت وحشية إنسان الغرب الهيمني و استلاباته و هي تحمل بذور الفناء و مصابة بالنخر في مرتكزاتها و قوائمها و مركزها و أطرافها…

إن الخلاص ليس في علم الكلام الجديد و فلسفة الدين وحدهما بهذا التبسيط و الإختزال و نحن لا نبخس جهود المعتقدين فيهما خلاصا نهائيا يسترد الإنسان إلى مساحة النور…

بل في ترسانة من المعارف و المقاربات و المناهج الجاهزة التي يجب أن تستوعب و أخرى تبتكر و تولد للحاجة التي تقتضيها هذه العملية المعقدة و الشاقة…

نعم ترسانة من الادوات تفكك ترسانة أخرى من التشكلات و البنيات المعقدة التي تمثل كينونة الحضارة و الإنسانية بشقيها المصابين و المتضررين الشق الحضاري الأكبر المهيمن للحضارة الطاغية و الشق الحضاري المستضعف أو المهيمن عليه…