23 ديسمبر، 2024 10:30 ص

الحديث في معنى مقدس يستوجب معرفة كلمة ” مقدس ” أولا  كي نفهم المعنى لغويا وشرعيا , وهل يحق لنا أن نطلق لفظ مقدس على الحشد الشعبي؟ .. مصادر اللغة العربية تبين إن لفظ مقدس لها معاني عديدة منها :…قدَّس اللهُ فلانًا : طهّره وبارك عليه . وحين نقول فلان قدَّس اللهَ روحه , أو سره .. أي عظَّمه وبجّله ونزّهه عمّا لا يليق به .. وفلان قدَّس الحياةَ الزوجيّةَ أي يحترم الحياة بما فيها من واجبات وحقوق .
وقد استطلعت آراء العلماء من الفريقين في معاني الكلمة لغويا وشرعيا , وهل يحق لنا أن نطلقها على الحشد الشعبي {المقدس}  فرأيت.. “أكثر المشايخ تشددا ضد أهل العراق وضد الحشد الشعبي ”  وهو تماما من المؤيدين لداعش ويحمل أفكارهم , ولكنه يكتب عن المقدس بآراء هي اقرب إلى رأينا وبعيدا عما يصرح به إعلاميا …
جاء في ” لسان العرب ” ( 6 / 168 ) ” المُقَدَّس ” : المُبارَك ، والأَرض المُقَدَّسة : المطهَّرة ، وقال الفرَّاء : الأَرض المقدَّسة : الطاهرة ، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ ، ويقال : أَرض مقدَّسة أَي : مباركة ، وهو قول قتادة ، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي ” انتهى . وحين تطلق على القران او الكتب السماوية بمعنى مطهر عن كل عيب ونقص ، مقدس عن الخطأ ،
ويظهر مما عرفناه من القران أن لفظة ” المقدَّس ” لا تختص بالله تعالى ، بل تُطلق على بعض المخلوقات ممن يستحق هذا الوصف . وقد جاء في ” الفروق اللغوية ” ( ص 125 ) لأبي هلال العسكري في الفرق بين التسبيح والتقديس – : ” أذن التقديس لا يختص به سبحانه بل يستعمل في حق الآدميين ، يقال : فلان رجل مقدَّس : إذا أريد تبعيده عن مسقطات العدالة ووصفه بالخير ، يستعمل في غير ذوي العقول أيضاً ، من ذلك قوله تعالى ( ادْخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ ) يعني أرض الشام .
تطلق كلمة مقدس على من يحفظ الأمانة ولا يخون,جاء في ” تفسير السعدي ” ( ص 449 )” ( قُلْ نزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ ) وهو جبريل ، المنزه عن كل عيب وخيانة وآفة ” .قال ابن عاشور: ” الأرض المقدّسة بمعنى : المطهّرة المباركة ، أي : الّتي بارك الله فيها ” كونها تضمنت حدثا مهما يرفع قيمة واسم الدين , مثل كربلاء المقدسة ..” التحرير والتنوير ” ( 6 / 162 ) .
     نقطة أخرى تتعلق بكلمة مقدس : هو كل ما فيه بركة في الدنيا والآخرة يسمى مقدس , هناك  بركة معنوية : وهي ما يحصل من بركات الإسلام الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور وأحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث وختم به الرسالات .. الخلاصة :… التقديس يكون على نوعين :… زمانا ومكانا …
تقديس أيام معينة :” زمانا” هي الأيام التي يتم فيها أحياء شعائر الله تعالى , كحج البيت الحرام , وصوم شهر رمضان المبارك , وأيام الأعياد , وأيام الجمع .. وكل زمان تكون فيه مناسبة تقربك إلى الله تعالى تسمى أيام مقدسة ..
تقديس أماكن معينة :” مكانا ” حين يلتصق المكان بحدث شريف كبير له قيمة معنوية ودينية في قلوب المسلمين والمؤمنين , يكون لها أحكام مكتسبة في الشرع الحنيف .. مثل المساجد والجوامع . الكعبة المشرفة .. المراقد المقدسة .ارض المعركة التي يدافع فيها المجاهد عن الأرض والعرض والمال والدين …..وأمثالها.
يتبين من هذا ان الالتصاق بهذين النوعين من المقدسات{ الزمان والمكان } بحكم القران الكريم والسنة النبوية , يعطي العمل باحياءهما وتقديسهما  نوعا من القدسية للعاملين فيها  .. مثلا .. الخشب الذي يكون من شجرة واحدة قسم يكون بابا لبيتك , وقسم اخر  يكون بابا في الكعبة .. أو في المراقد المقدسة ,  قطع من ذهب يوضع على جيد فتاة , وقطعة ذهب  توضع على قبر امير المؤمنين {ع} او على قبة رسول الله {ص} ..
هذا لو اردنا انه نضيف للموضوع أهمية الجهاد الذي يصفه الإمام علي بن أبي طالب {ع} بأنه باب من أبواب الجنة , فتحه الله لخاصة أولياءه .. فان العمل بالجهاد  يكتسب القدسية من كل أطرافه …19-10-2016