من المعلوم للجميع ان مرجعية السيد السيستاني لا تقوم على اساس ولاية الفقيه ولا تبدي رايها في الامور السياسية الا في الاحداث المصيرية من باب الارشاد والتوجيه والنصيحة كما هو الحال عندما اصر سماحته ان يكتب الدستور بايدي عراقيه لا بايدي المحتل الامريكي في نفس الوقت نأى السيد بنفسه عن الحضور في الوسائل الاعلامية بالمرة … لهذا السبب ولغيره حاول المغرضون والمتربصون ان يصفوها بالمرجعية الصامته ومرجعية اللطم والانتظار والمرجعية الفارسية شلت السنتهم … الكثير من الشخصيات العربية والأجنبية سياسيين ورجال فكر وكتاب وباحثين زاروه في النجف الاشرف واعجبوا من مصداق كلامه ورجحان بنانه والمامه بالاحداث الحاصلة وما سيحدث واعطاءه الحلول والمعالجات لكل بؤر الفتن والتوتر في العالم .
على مدى عقد من الزمن عرف كل العراقيين من كل قومياتهم واديانهم ومذاهبهم بان السيد السيستاني عنوان للوحدة الوطنية وصمام امان في الازمات لا يفرق بين دين واخر وطائفة واخرى بين عربيا وكرديا بين مسلما ومسيحيا , صابئيا ويزيدا بين سنيا وشيعيا الكل ينظر لهم عراقيون بالعنوان الاولي وان اختلفت عناوينهم الثانوية , لهم نفس الحقوق كما عليهم نفس الواجبات , قبل سنوات اصدر بيانا حرم فيه التعرض لارواح وممتلكات الفلسطينيين في العراق كما ادان واستنكر كل الاعمال الاجرامية التي تطال الاخوة المسيحين وكنائسهم وهذا يعكس ابويته ورعايته للجميع .
مرت في العراق فتن اراد الاعداء ان يستفزوا المكون الاكبر فيها حتى تحصل الحرب الطائفية بين ابناء البلد الواحد لكن بحكمتة وحنكتة اخمدت هذه الفتن وقبرت في مهدها وكان من اخطرها تفجير ضريحي الامامين العسكرين عليهم السلام .
في الايام القلائل الماضية تعرض جيشنا الباسل الى نكسة معروفة الاسباب والمسببات كان على اثرها تمكنت القوى الظلامية من مجرمي داعش من تدنيس ارض الانبياء في الموصل واجزاء من مدن تكريت وكركوك , فكان لهذا الحدث المؤسف الذي لا يصدق اثر سلبي وانكسار نفسي عند جميع العراقيين الشرفاء وبالاخص ابناء القوات المسلحة وعندما عجز مجلس النواب المنتهي الصلاحية ان يكون في مستوى المسؤولية ازاء خطر الارهاب الاعمى وبدل ان يلتحق كل عضو برلمان بالقوات المسلحة في قواطع القتال لرفع معنوايتهم ومؤازرتهم فشل هذا المجلس في عقد جلسة اعتيادية له فاضاف فشلا
جديدا الى سجل تاريخه الذي كان اخرها الفشل في اقرار الموازنة … في ظل هذا الوضع المتردي سياسيا وعسكريا اطلق السيد السيستاني الجهاد الكفائي للعراقيين لمواجهة الارهاب الذي بدا يهدد كل العراقيين وفي كل مدنهم فكانت صيحة مدوية ايقضت النائمين والغافلين من العراقيين وافزعت الحكام الرجعين في دول الخليج الخليج وسدد سهما مسموما في قلوب الداعشين.
ان المرجعية الدينية كما هو المعروف عنها تاريخيا لا تصدر فتوى الجهاد الا عندما يقتضي الامر بالدفاع عن بيضة الاسلام وحيث ان الاسلام والقران والسنة النبوية محفوظة في نفوس العراقيين من المسلمين بحمدالله … ولكن الذي بدا يداهمها الخطر هي بيضة الوطن ومستقبل ابناءه فكانت هذه الدعوى وطنية بامتياز استجاب لها جميع العراقيين ليس في وسط وجنوب العراق بل حتى في مدينة الموصل فقد تطوعت عشائر شمر وبعض المسيحيين واليزيدين فيها تلبية لنداء المرجعية كما التحق اغلب الجنود الى وحداتهم العسكرية وبدؤوا يتسابقون لمقاتلة العدو التكفيري الشرس طلبا للشهادة في سبيل الله ودفاعا عن الوطن .
لقد حضيت هذه الدعوة بالترحيب والقبول من شخصيات محلية ودولية وعربية فقد وصفها الامين العام للامم المتحدة بان كيمون بانها تمثل صوت العراق والحكمة والاعتدال , لكن هناك اصوات منافقة ومشبوهه وداعمة لداعش همست هنا وهناك قائلة لماذا لم تصدر مثل هذه الفتوى عندما احتل العراق عام 2003 ؟هؤلاء يعتبرون انفسهم وجدوا صيدا ثمينا يشبع نهمهم وهم لا يرجون الا المخالطة والتدليس وهم يتصورون واهمين اذا كان اليوم قول السيد صوابا كان بالامس سكوته خطا كما هو سؤالهم المخالط دائما لماذا الامام الحسن (ع) صالح معاوية في حين الامام الحسين(ع) قاتل يزيد ؟ يبغون صوابا هنا وخطا هناك او خطا هنا وصوابا هناك , لقد نسوا هؤلاء ان لكل حالة ظروفها ومتطلباتها … كما نسوا هؤلاء او تناسوا ان شروط الجهاد هو تكافا القوى بين الطرفين , فهل كان الجيش العراقي المتفكك في حينها من ويلات الحروب والحصار الظالم على مدى عقد من الزمن بمستوى تجهيز وتسليح امريكا كاعظم دولة في العالم ؟ كما ان النظام السابق كان مستبدا ظالما خارج عن الارادة الدولية , كما هو حال امريكا الظالمة والمستبدة في حقوق الشعوب فالصراع كان صراعا بين ظالمين ولا يمكن للمرجعية ان تقف في جانب احدهما , اما الحكومة العراقية الان مهما نقول عنها فانها جاءت بارادة الشعب وقراره وبصيغ ديمقراطية ولا يمكن لجهة مختلفة معها انكار هذه الحقيقة …اما المقارنة بين النظام الامريكي وعصابة داعش فهي مقارنة غير منصفة لاي ذي عقل فهل الامريكان يامرون بقطع الرؤس ونبش القبور وجلد الظهور وقتل النساء والاطفال واغتصابهن كما حدث في الانبار والرمادي وقتل العراقيين بدم بارد كما فعلوها مع طلبة القوة الجوية في قاعدة سبايكر هذه الافعال الشنيعة فعلها مجرموا داعش في اقل من اسبوع خلال هذه الايام ولم يفعلها الامريكان على مدى احتلالهم للعراق بعقد من الزمن وان حصل في اغتصاب امراة وقضية سجن ابو غريب فهذه حالات شواذ ولا يمكن ان نقيم حكما على الشواذ … ولكن انا اتساءل واجيب عن التساءل لكشف زيف اعداء المرجعية من الطائفين والمشككين بنواياها الحسنة … السؤال لماذا لم بصدر السيد السستاني فتوى الجهاد عند تفجير ضريحي العسكرين عليهم السلام ؟ السبب بسيط جدا لان الغرض من التفجير هو استهداف طائفة واحدة بعينها ولذا اوصى السيد اتباعه ومقلديه بالصبر وضبط النفس وحرم الاعتداء على مقامات ومساجد الطائفة الاخرى درئا للفتنة , اما اليوم فالمستهدف ليس طائفة بعينها بل كل الطوائف والاديان , المستهدف العراق بعينه فلذا كان الجهاد الكفائي الذي افتى به السيد السيستاني الاجراء المناسب مع حجم الخطر المحدق في الزمان والمكان .