23 ديسمبر، 2024 3:35 م

هل اعتزل الصدر حقا؟

هل اعتزل الصدر حقا؟

مرت الأيام والساعات، وبدء العد التنازلي لموعد الانتخابات، ومازال السيد مقتدى الصدر، ثاني أكبر قاعدة شعبية في العراق، ماضِ بقراره النهائي بالاعتزال. مخالفا كل الآراء، بالعزوف عن قراره. قرار الصدر بالاعتزال، ليس شخصيا، وإنما يمثل شريحة واسعة من العراقيين، وقوة سياسية ضاربة، قادرة على التحكم في القرار السياسي.
التيار الصدري، كما عرفناه تيار عقائدي، مذهبي، قد انخرط في العملية السياسية منذ التغيير السياسي عام 2003. وقد قاد عمليات مسلحة ضد قوات الاحتلال، من 2004الى 2005. حتى قرر بالعدول عن لغة السلاح، ودخل معترك العملية السياسية بقائمة انتخابية، وتمثيل برلماني، وصولا إلى عام 2014 حتى أعلن زعيمهم الاعتزال.هل سيتحول التيار الصدري إلى قاعدة جماهيرية بعيدة عن السياسية؟ الجميع يعلم ان قرار الصدر كان بسبب الفساد المالي، وعدم اقتناعه بممثليه السياسيين، فهل سيترك الساحة الانتخابية دون وضع بصمة تعيد ماء الوجه لتياره؟
الصدريون رغم دخولهم في العمل السياسي، قد بقوا قاعدة ولائية، مزامنة للمذهب بالاتفاق مع قائدهم الصدر. وتٌرجم ذلك في تحالفهم الوطني، مع القوى الوطنية التي أيدتها المرجعية، حتى تحول الولاء من الشخص إلى الأمة، والعقيدة، لم يترك الصدريون قط، مشروعهم السياسي المذهبي، وحلمهم في الوصول إلى دولة معاصرة، تتماشى مع المفهوم الإسلامي، دون تعصب أو نرجسية، اتفقوا على ان يكون المشروع وطنيا وليس حزبيا.
تضارب الإتفاق والرؤية، بين دولة القانون والتيار الصدري، كان تراكما من التهميش والإقصاء والمعاداة، الذي توالى عليهم منذ وصول نوري المالكي الى رئاسة الوزراء. فقد دمر جناحهم العسكري المتمثل ب”جيش المهدي”، بعملياته العسكرية الأشبه بعمليات دحر الإرهاب! وعمل على قمع المظاهر المسلحة ضد الأمريكان، بحجة نزع السلاح من المليشيات. صولة الفرسان، وعمليات الناصرية، وقتال الديوانية، واعتقالات كربلاء، لم يغفرها الصدريون للمالكي.
إما الصدر والحكيم، فقد شكلوا فريقا رائعا، لبرمجة العملية السياسية، واتفقوا على مشروع الدولة المتناغم مع توجهاتهم الدينية، والإرث الجهادي والعائلي الكبير بينهما، لكن الظروف السابقة آلت إلى خسارتهم رئاسة الوزراء.هل سيترك الصدريون حقهم الشرعي في الاختيار لصالح حليفهم؟ اما يفضلون الابتعاد نهائية عن الساحة؟