19 ديسمبر، 2024 11:03 م

هل اعتزل الصدر السياسة؟!

هل اعتزل الصدر السياسة؟!

فجأة، وبعد حملة هائلة من التبشير برئيس حكومة صدري (قح) في المرحلة القادمة، يعلن السيد مقتدى الصدر انسحابه من الانتخابات وسحب يده من أي مسؤول حكومي، فماذا اكتشف الصدر لينسخ تصريحات الامس وينهي خطته المعلنة، وما الذي جرى ليتنازل عن كل شيء، وماذا حدث ليصاب بالاحباط بعد همة عالية افصح عنها في ثلاثة او أربعة لقاءات مع أعضاء وكوادر تياره؟
لنعرف اولاً أنّ سماحة السيد مقتدى الصدر لا يمكن الوثوق به في مثل هذه الأمور، فهو بطل الإعلام الذي اعتزل السياسة مرات عديدة، وهو صاحب التجميد للميشيات وراعي التعليق للوزارات، بجمّد ذلك الجيش ثم يعيده، ويعلق تلك الوزارات لينهض بها من جديد!
ومن تلك التجارب التاريخية، لا يمكن الاعتماد او الركون إلى تصريح يطلقه الصدر، لا سيما إذا كان ذلك التصريح مدفوع بدوافع منطقية.
فبعد لقاح الصدر، لا يقدم انصاره على تقليده او الاقتداء به، وهو ما ازعجه كثيرا وقد عبر عنه اثناء لقاءاته التي سبقت خطاب الاعتزال. عادا الأمر خروجا عن طاعة اعتاد عليها، ثم تشاء الاقدار ان يحدث الحريق الكبير والذي راح ضحيته عشرات الأبرياء، أراد استثمار الحدث ليكون هو المصلح والمدافع عن حقوق الشعب، فجاءه ردا ساحقا من محافظ ذي قار، فكيف له وهو يوجه الاتهامات للرؤساء و الزعماء من دون أن يكلفوا أنفسهم الرد على تلك الأتهامات، تأتي إليه تهمة من مستوى محافظ؟!
ويبدو انه استلم دليلا قاطعا على ضلوع تياره في فساد وافساد كل شيء. فضلا عن خبو ناره وانكسار سطوته، فكيف لمن اعلن عن نواياه بفوز ساحق يحقق له تشكيل الحكومة المقبلة، وهو يرى افتضاج امر تياره، وسقوط عرشه امام عينه؟!
لن يتحمل الصدر هزيمة انتخابية، فأستبق الأحداث وأراد ان يخلط الأوراق، وغايته ان يبقى متسلطا على رقاب العراقيين. فلو دخل الانتخابات لن يحقق اكثر من عشرين مقعدا او ضمن سقف العشرين، وهو ما يجبره على أن يكون ضمن الآخرين، وهذا ما لا يرتضيه لشخصه او لتياره، وبالتالي انسحب من الاستحقاق الانتخابي القادم لينزل إلى الشارع من جهة، وليضفي شيء من الضبابية على المشهد، فلا أرقام نيابية تكشف حقيقة تأثيره المنكفأ، ولا جمهور يطبل له يضغط سياسيا، فقط سيحاول استخدام الشارع المسلح عبر إنزال سراياه وألويته العسكرية الخارجة عن قانون الدولة..
ملاحظة: القوى السياسية تدرك هذا السيناريو، لذلك فهي تصر على اشتراكه في الانتخابات وعدم عزوفه عنها، لينكشف حجمه الحقيقي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات