26 ديسمبر، 2024 3:00 م

هل اضحت افكار اليسار بالية ؟!

هل اضحت افكار اليسار بالية ؟!

على غير عادته اتصل احد الاصدقاء فجأة ليسألني ان كنت ارغب في اخذ كتب ومجلدات من مكتبته لانها وبحسب تعبيره اضحت بالية وتجاوزها العصر معربا عن شيء من الندم على تبنيها والتضحية من اجل الترويج لها بين الناس..ذهبت لزيارته لاجده قد رزم عشرات المجلدات والكتب التي تناقش الافكار الاشنراكية والقومية لماركس ولينين وما وتسي تونغ وروحيه غارودي ومنيف الزاز والياس فرح وميشيل عفلق وصيحي عبد الحميد امتلك عدد منها فسألته عن سبب تخليه عنها فقال بحسرة : يبدو ان سنوات عمرنا راحت هباء فهذه الافكار فشلت في بناء نموذج في كل العالم بل ان الدول الاشتراكية انهارت فلا شعارات التقدمية ولا القومية تستهوي الشباب في حين ان الراسمالية فرضت نفسها مثلما تصاعد نمو الاسلام السياسي في مجتمعاتنا بل ان الافكار الارهابية المتطرفة صارت تهدد العالم وتستقطب الشباب في صفوفها .. وقال لقد عانت اوطانناالامرين من صراعات سياسية بين القوى الوطنية والقومية من دون ان تتمكن هذه القوى من توحيد جهودها واللقاء على قاعدة الحد الادنى من مصلحة الجماهير ..
قناعات هذا الصديق الذي قضى عمره في العمل السياسي وهو يقارب السبعين هزتني برغم ايماني المطلق بعدم صحتها ، لكنها اوصلتني الى نتيجة بان حالة اليأس هي التي افضت الى هذه النتيجة الموجعة . فهل فعلا افكار اليسار اضحت بالية ؟ وكيف لنا ان نقنع الشباب بصحتها اذا كان هذا منطق بعض من آمن بها وضحى من اجلها ؟ واين يكمن الخلل .. في الافكار ام في التطبيق ؟ وما هي مسؤولية احزاب اليسار بمختلف مشاربها ماركسية او قومية او حتى اسلامية وطنية معتدلة ؟
وهنا لن ادعي امكانية الاجابة المقنعة على كل هذه الاسئلة وحسبي ان اطرحها عسى ان يتوقف عندها المفكرون اليساريون ويشبعونها بحثا من اجل مواجهة صريحة لتدارك ما وصلت اليه مجتمعاتنا بل ما وصل اليه العالم من تراجع وانحسار للاحزاب الاشتراكية والقومية التقدمية غير العنصرية .
وابتداء وبشكل سريع اعتقد ان افكار اليسار ليست بالية لانها في جوهرها ترتقي بالانسان وتعمل من اجل كرامته وان الراسمالية كفكر برغم مظاهر النعيم الشكلي في دولها ما زالت تستغل الانسان كما ان الفوارق الطبقية وعدم العدالة والمساوة في مجتمعاتها تتفاقم والدليل الاضرابات والاحتجاجات الشعبية التي تظهر في هذه الدولة الراسمالية او تلك.وعلى الاحزاب الوطنية والقومية ان تستقطب الشباب من خلال تجديد خطابها الذي ما زال جامدا لم يتطور بشكل يناسب ما يحصل في العالم من ثورة المعلوماتية ففشل التطبيق لايعني فشل الافكار. ولا نجانب الحقيقة اذا قلنا ان اول خطوة باتجاه طريق انصاف افكار اليسار ان تعمل الاحزاب الوطنية والقومية على توحيد صفوفها لمواجهة حملة التضليل والتشويه التي تتعرض لها جميع تيارات اليسار الصحيحة والتحلي بنكران الذات وتجاوز عقد الماضي .
ان المرحلة التي تمر بها مجتمعاتنا صعبة خاصة وان الاحزاب الوطنية والقومية لاتملك قوة المال والنفوذ التي لدى الراسمالية او تيار الاسلام السياسي خاصة المتطرف منه ، لذا فلا مناص من العمل بجبهة وطنية توحد الجهود بدلا من بقائها مبعثرة والا فانها اذا بقيت على ما هي عليه ربما ستجد نفسها ( اي احزاب اليسار) مجرد يافطات وعناوين لزمن مضى .
مرة اخرى اؤكد اننا هنا لاندعي اغناء الموضوع على اهميته وخطورته بما يستحق ، بل هي اقرب ما تكون دعوة صادقة لاصحاب الافكار اليسارية ماركسية او قومية من باحثين ومفكرين لاغنائها بالحوار .. وهي مهمة تستحق العناء لكي لايضيع عمرنا مع احلامنا هباء .

أحدث المقالات

أحدث المقالات