لم يبق على موعد إجراء إنتخابات مجالس المحافظات من زمن إلا حوالي ثمانية عشر أسبوعا، وهي فترة تكاد تكون كافية لمفوضية الإنتخابات للإنتهاء من
إجراءاتها الخاصة بتلك العملية الديمقراطية، خاصة والمواطن العراقي قد تمرس على هذه العملية.
لكن تبقى مسألة مهمة تتعلق بالبرنامج الإنتخابي للمرشح سواء كان هذا المرشح ضمن كتلة معينة أم مستقل فمن الضروري والمهم أن يقوم المرشحون بطرح
مشاريعهم الإنتخابية بما يقدرون على القيام به وليس بما سيقومون بعمله فيما لو فازوا بالإنتخابات فالمواطن تعب من كلمة سوف وسنعمل التي تم إستهلاكها خلال
دورتين نيابيتن ومثلهما لإنتخابات مجالس المحافظات مع إستثناء مجالس الأقضية التي مازالت قابعة على قلوب المواطنين وهي لا تفعل شيء سوى سرقة المال
العام بدون أي رقيب . من هنا ماذا يمكن أن يقوم المواطن ازاء هذه الإنتخابات؟ هل يقاطع الإنتخابات كما نسمع هذه الأيام من همس بين جهمور الشارع في كل
مكان وبالمناسبة هو همس عالي كونه يُتداول في السيارة وفي الدائرة وفي المقهى وكل مايتصوره المرء من الأماكن العامة .
إن مقاطعة إنتخابات مجالس المحافظات فيما لو حصلت لا سامح الله لن يكون مردودها إيجابي بقدر ماهو سلبي ، والسبب في ذلك سيصعد الى مجالس المحافظات
المفسدين والضعفاء من شاكلة الشخصيات الموجودة الآن في هذه المجالس، وهنا من حق القارئ أن يتساءل إذا ماهو البديل؟
إن البديل لن يكون صعبا إذا ماتم قراءة المشهد العام في البلد بصورة واقعية من خلال وضع كافة المسميات للكتل السياسية على محك الإنجازات التي حققتها طوال
هذه الفترة لنرى ماذا حققت، أغلب الكتل التي تصدت للعملية السياسية تكاد لم تحقق شيء يذكر سوى المهاترات والتسقيط السياسي بين بعضها البعض وتركت
المواطن يئن من كثرة الأزمات التي عصفت وتعصف بالبلاد وكأن هذه الكتل لا تستطيع عمل شيء إلا عمل الأزمات فلا مشاريع إعمار وبنى تحتية متهالكة
وإقتصاد في كافة محافظات البلاد يغط في نوم عميق كونه يعتمد على الأستيراد في كل شيء من الطماطة الى السيارة، وبالمناسبة على ذكر السيارة فلا أعرف
ماهي الحكمة من دخول مجالس المحافظات كنافذة لبيع السيارات للمواطنين؟ ربما سيقول لي قائل بأن مجالس المحافظات تحاول القضاء على نسبة من البطالة ،
وأُجيب أليس من الأفضل بمكان لو قامت تلك المجالس كلا في محافظتها بعمل مسح ميداني لما يمكن أن تقوم به في المحافظة من مشاريع إنتاجية كانت يمكن أن
تقضي على البطالة نهائيا بدلا من هدر طاقات الشباب بأعمال لا تجدي نفعا ولا تقدم شيئا مهماً لهم هذا إذا ما علمنا أن نسبة كبيرة من هؤلاء الذين يحصلون على
هذه السيارات هم أقارب لأعضاء في مجالس المحافظات. من قبيل إقامة مشاريع زراعية في المحافظات التي تشتهر بمحاصيل زراعية تحتاجها العائلة العراقية
بدلا من إستيرادها من دول الجوار، او إقامة مشاريع صناعية تحويلية إعتمادا على المواد الأولية التي تقوم بعض المعامل الإنتاجية القائمة بإنتاجها مثل إقامة
مشاريع لأنتاج المواد البلاستيكية إعتمادا على الحبيبات البلاستيكية التي ينتجها معمل البتروكيمياويات في البصرة وغيرها من المشاريع التي هي بحاجة الى نصف
ماتم صرفه على إستيراد السيارات بدون أي جدوى إقتصادية بقدر ماهو هدر لمليارات من الدولارات على مدار أكثر من خمس سنوات.
بعد هذا ماالذي يمكن إستنتاجه من كل ماتقدم؟ يمكن القول بأن المواطن يمكن أن يقوم بعملية تصحيح للوضع القائم من خلال قيامه بترشيح المرشحين الكفوئين
وأصحاب الشهادات والذين لم تتلطخ أيديهم بالمال الحرام وأن يكونوا مرتبطين بالوطن والمواطن ليس فقط بالشعارات بل بالأفعال وهذا مايمكن أن نلمسه في شباب
تجمع الأمل الذين يقدمون في أكثر من مناسبة من خلال قائدهم الشاب السيد عمار الحكيم العديد من المبادرات التي تحاكي هموم المواطن من قبيل جعل البصرة
عاصمة إقتصادية للعراق وتأهيل محافظة ميسان، فهؤلاء الشباب وقائدهم هم أمل وطوق نجاة المواطن للنجاة من هذا الواقع المتردي والإلتفاف حولهم هو إلتفاف
حول مايمكن وصفه بالطبيب الجراح الذي بيده أن يكتشف الداء ويحدد الدواء المناسب.
عليه سأقول نعم سأشارك في هذه الانتخابات، لأنها ببساطة مسألة تخص الشعب من خلال ممثليه. نعم سأشارك في الانتخابات لان دور مجلس المحافظة هو
الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية وتصحيح أي اعوجاج لها، نعم سأشارك لأنه حقي في اختيار ممثلي في مجلس المحافظة. نعم سأشارك لكي أثبت للأخرين بأني
قادر على الاختيار. نعم سأشارك لأن الحياة الديموقراطية قدرها أن تمضي الى الامام. نعم سأشارك لان مشاركتي ستكون علامة رضا وقبول لمن يدخل الى
مجلس المحافظة. نعم سأشارك لان الموجودين لم يلتفتوا الى التنمية والقرارات الشعبية الا عندما يحين موعد الإنتخابات القادمة.
نعم سأشارك من اجل مستقبل ابني ووطني.
والله من وراء القصد