12 أبريل، 2024 5:37 ص
Search
Close this search box.

هل استهداف الكفاءات العراقية سياسة عامة في العراق ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

لماذا فقط في العراق وبالضد من دول العالم نجد بأن التاريخ يعيد نفسة وبسرعة والمجتمع لايعي مصلحته الحقيقية ولا من هو المؤتمن الحقيقي عليها ، لماذا لايتعلم مجتمعنا من الدروس والتجارب ويلاحظ ان دول العالم ولانقول المتقدم منه ولكن النامي قد حققت طفرات نوعية في عملية التنمية الاقتصادية بعد ان أوكلت مهمة قيادة اجهزة الدولة التخصصية لأناس من اصحاب الكفاءات من الوطنيين ممن لديهم الخبرة العلمية والعملية واعتبار ذلك المعيار الوحيد في توزيع المسؤولية بين المشاركين في عملية البناء الحقيقي للمجتمع .
مع شديد الاسف نجد تكرار المشهد في طريقة تعاطي الدولة مع اصحاب الكفاءات في ظل الصمت التام للمجتمع او في تأييد البعض منهم لسياسات النظام التي تستهدف الكفاءات الوطنية او ضد كل من يحمل الفكر البناء ….. ففي الماضي القريب وتحديداً عند منتصف عقد السبعينات شهد معظمنا طريقة التعامل المادي البحت للنظام الحاكم آن ذاك مع الكفاءات الوطنية وفي اصداره للعديد من القرارات بخصوص حملة الشهادات العليا لتحفيزهم من اجل العودة الى الوطن للعمل ونقل الخبرات العالمية للداخل اقتصرت في منحهم اللاعفاءات الكمركية لمستورداتهم وقطع اراضي سكنية وقد استجاب الكثير من هؤلاء لذلك النداء بدافع حب الوطن وكنوع من رد الدين الذي بأعناقهم اتجاه المجتمع ، لكن بعد فترة من الزمن توصل النظام الحاكم الى قناعة من ان هؤلاء اصبحوا يشكلون خطر على النظام السياسي عندما تبين ان البعض منهم يستند الى التحليل العلمي والمنطقي ولايكتفي لما يصدره النظام من تبريرات في تشخيص المشاكل الاقتصادية ، الاجتماعية او السياسية التي كانت سائدة آنذاك واصبح صوت العلم يعلو على صوت النظام فتغيرت طريقة تعامل النظام مع تلك الفئة من المجتمع واصدار قراره في تخوين البعض منهم وفي اتهام الاخرين بترويجهم لافكار لاتتوافق مع مبادئ الحزب الحاكم والذي أفضى بالعديد من الكفاءات الى نهايات مظلمة او دفع بالاخرين الى السجون او الهجرة ….اضافة الى ذلك فأن التاريخ مليء بالادلة عن تلك الظاهرة المستهدفة للكفاءات الوطنية الى ماقبل عقد السبعينات . ألم يتعلم المجتمع من اخطاء الماضي القريب … هل صحيح يعاني مجتمعنا من فقدان الذاكرة ويعيد نفس الخطأ ويحصد ذات النتائج المؤلمة والمميتة . جميع المجتمعات المتحضرة ترقى الى التعلم من اخطائها وتعمل جاهدة لتجاوزها من اجل مستقبل زاهر لها وللاجيال القادمة ……فهل يعقل اننا مجتمع غير متحضر لايسعى الى التعلم من اخطاء الماضي حتى القريب منه ……

بعد التغيير الكبير الذي حصل في العراق والانفتاح على العالم الخارجي مابعد العام 2003  مما سهل للمجتمع عملية الوصول الى الحقائق والتمييز مابين الصواب والخطأ لم يعد لأدوات استهداف الكفاءات الوطنية المعتمدة في السابق (التخوين او الترويج لافكار ضد مبادئ الحزب والثورة) من جدوى لذلك تم اعتماد اداة اخرى في استهدافهم ، أداة تلقت قبول واسع من قبل شريحة من المجتمع تسعى دوماً للمحافظة على مكاسبها الشخصية على حساب الوطن كونها الاداة التي تستهدف الاسباب المباشرة لحالة التراجع المستمر في الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها الحكومة متمثلة في “مكافحة الفساد” وذلك من خلال توجيه التهم بالفساد والتشهير ضد كل من يشكل خطر على الحكومة و من دون توفر الدليل المادي او اخضاع المشتبه بهم لمحاكمة عادلة . فبمجرد الشعور من ان شخصأً ما اصبح يستخدم المنطق والتحليل العلمي عند تشخيص المشاكل التي يواجهها البلد والبحث في اسبابها في محاولة للحد من التراجع وساعياً للعمل من اجل الاصلاح تتعالى الاصوات ضد ذلك الشخص ويتهم بالفساد وتسخر كافة طاقات الدولة من اجل استبعاده واسكات صوت الحق وهذا ماحصل مؤخراً مع قضية الشبيبي وفريق عمله من خبراء البنك المركزي في الوقت الذي نشاهد فيه تبرءة القضاء لمافيات سراق المال العام الذين تسببوا في بلوغ العراق مرتبة القمة على سلم الدول الاكثر فساداً عالمياً .
يقول انشتاين الغباء هو فعل نفس الشئ مرتين وبنفس الاسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة …فماذا ينتظر المجتمع من نتائج عند تكرار اخطاء النظام السابق غير دمار ماتبقى من طبقة الكفاءات الوطنية والمزيد من النزيف المستمر للخارج وسيطرت حملة انصاف الشهادات ومن المزورين على مقدرات الوطن كما حدث في السابق عندما شاهدنا النزيف للكفاءات وفي توزيع المناصب وفقاً لمبدأ الولاءات الحزبية والعائلية عندما اصبح نائب الضابط وزيراً للدفاع او المفوض في الشرطة وزيراً للداخلية وغيرهم على مختلف السلم الوظيفي وحرمان ذوي الكفاءة والمؤهلات منها وكيف انعكس ذلك على التدهور الواضح في الاداء الوظيفي (مع احترامي الشديد لكل نائب ضابط و مفوض فهؤلاء يبدعون في اختصاصاتهم كما يبدع الطبيب والمهندس في مجال اختصاصة)… ما الفائدة اذن من المقولة التاليــــــــة: ” وضع الرجل المناسب في المكان المناسب” . سيخرج احد ويقول ان غالبية من في السلطة ومنهم يشغلون درجات وظيفية متقدمة يٌعدونَ الان من حملة الشهادات العليا ومن ذوي الاختصاص … وربما يكون صائب في قوله هذا ولكن عن اي نوع من اصحاب الاختصاص وحملة الشهادات يتكلم ، فهل لهؤلاء رأي يعارض رأي صاحب الفضل (حزب سياسي او ديني) في ايصالهم الى المنصب او مخالف لرأي السلطان ، فأمثال هؤلاء اخطر من فاقدي المؤهلات اذ سيعتمدوا التحليل العلمي في تبرير الانحرافات في السياسة العامة للسلطان فهل تحققت مقولة انشتاين في العراق من اننا ………. اتوجه بالسؤال الان لانشتاين لأقول ماهو شعورك الان وانت ترى مجتمع في القرن الحادي والعشرين يعتمد مقولتك حرفياً هل انت سعيد بسبب تحقق مقولتك ام حزين لان في الفضاء العملي مازال هنالك مجتمع يعتمد مقولتك وغائب عن عالم اليوم القائم على المنافسة البناءة القائمة على الابتكار والابداع والهادفة للتنمية وتقديم ماهو الافضل للبشرية.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب