18 ديسمبر، 2024 7:49 م

هل اتخذ بايدن من مشكلة اوكرانيا حجة للانحناء امام التحدي الايراني

هل اتخذ بايدن من مشكلة اوكرانيا حجة للانحناء امام التحدي الايراني

تصعيد المواقف الامريكية اتجاه ازمة اوكرانيا لم تجني نفعاً للولايات المتحدة وحلفائها ولم تزيدهم تماسكاً، وانما ادى الى تحالف قوي بين روسيا والصين حيث وصف الرئيس بوتين العلاقة بين موسكو وبكين بأنها في وضع متميز لا سابق له، بالاضافة الى مواقفهما الموحدة اتجاه ازمتي اوكرانيا وتايوان والاكثر من ذلك تأكيدهما على مواجهة النظرة العدائية للولايات المتحدة .. مما يعني ان الجبهة الروسية تشتد تماسكاً بينما ظهور تباين في الرؤى عند الطرف المقابل خصوصاً الموقف الايطالي الذي اكد على الحوار مع روسيا وتجنب التصعيد، ويبدو ان ما تدركه اوربا بالنسبة لاهمية الغاز الروسي في الشتاء القارص لا تدركه امريكا وهذا يكفي ان يكون هناك تباين في المواقف بين امريكا وحلفائها الاوربيين وخصوصاً المانيا التي تعتمد كلياً على الغاز الروسي، واكذوبة ما يقال بأن تساهل امريكا مع ايران لتتفرغ لروسيا والصين بينما بايدن اتخذ من مشكلة اوكرانيا حجة للانحناء امام التحدي الايراني لان حقيقة غليان الازمة الاوكرانية في الاعلام اكثر من سخونتها على ارض الواقع، والتصعيد ليس الا بروبكندا تستخدمها امريكا للحفاظ على تماسك دول حلف الناتو في الوقت الذي بات الجميع يشكك في المواجهة العسكرية قياسا الى مواقف تعنت ايران وتحديها للمواقف الامريكية التي لم يستطيع بايدن ردعها وهي دولة هزيلة تعاني من العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب فكيف يستطيع مواجهة قوتين عظمى مثل روسيا والصين وبدون خطة موحدة متفق عليها مع دول حلف الناتو وسط مواقف متباينة مع الحلفاء الاوربيين، وبات من الواضح ان اوربا لا تريد التورط في حرب تشعلها امريكا ومن ثم تهرب من قلب الحدث كما حصل في سوريا والعراق وافغانستان، بالاضافة الى ان الجميع يعلم انه ليس من السهل جر بوتين الى الفخ الامريكي لان استراتيجيات الدول الكبرى لا تتعامل بعواطف مع الاحداث، بمعنى ان عهد بايدن بداية لهزيمة امريكا وهذا ما اكده الرئيس السابق دونالد ترامب بأن بايدن سوف يؤدي بامريكا الى التهلكة، بالاضافة الى قول بومبيو وزير الخارجية السابق ان الرئيس بايدن يرفع العقوبات عن ايران دون مقابل وسيدفع الامريكيون ثمن ذلك، فضلا عن الانقسام الداخلي العميق والحاد وهاجس الغاء قرارات الرئيس ترامب المرعبة، والأخطر هو تنامي تيار يميني متشدد يمثله الذين هاجموا الكونغرس بحيث رأى البروفيسور جوناثان كيرشنر أن اميركا دخلت “عصر اللاعقل”. بالاضافة الى تأثير التغيير الديموغرافي الذي بات يحوّل أميركا من أمة أكثرية بيضاء إلى أمة متعددة الأعراق والاثنيات بمعنى ان التحديات الداخلية والخارجية أمام بايدن أكبر من صعود الصين وعودة روسيا الى الساحة الدولية وانما هناك تحديات اخرى مثل كوريا الشمالية النووية وتحديات إيران في برنامجها الصاروخي والنووي وسلوكها المزعزع للاستقرار في المنطقة وتشكيل ميليشيات مسلحة مذهبية موالية لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بالاضافة تنامي التيار اليميني المتطرف في أوروبا وعودة اليسار في أميركا اللاتينية إلى السلطة في عدة دول بينما استطلاعات الرأي تؤكد ان موقف امريكا من هذه التحديات متخاذل وخصوصاً من ايران الذي اعتبره اعضاء جمهوريون في الكونغرس تهديداً للامن القومي الامريكي بالاضافة الى الانسحاب الشائن من أفغانستان والتخلي عن وعود تسوية الصراع الفسلطيني الاسرائيلي، لذلك لا يمكن اختزال تلك التحديات باوكرانيا والنووي الايراني .. مما يعني ان بايدن ضيع الخيط والعصفور لا هو متفرغ للدب الروسي الذي بات يتطلع لإعادة رسم الخطوط الحمراء في مناطق الجوار الحيوي ولا متخذ موقف حازم من العنجهية الايرانية وحسم الملف النووي بما يرضي الحلفاء وخصوصاً اسرائيل، بمعني لم تعد قضية اوكرانيا ولا قضية ايران هي الاولى وهذا دليل على ان امريكا تتخبط في عدة جبهات مما انعكس ذلك على مصداقيتها وثقة العالم بها كونها قطب دولي راعي للامن والسلم الدوليين خصوصاً بعد التضليل الاعلامي للتغطية على الفشل في حل مختلف المشاكل العالمية وتمادي إيران وتركيا وإسرائيل وإثيوبيا على الحلفاء في منطقة الشرق الاوسط لهذا اكدت مراكز البحوث الاستراتيجية بأن هذة الادارة الاسوء في تاريخ الولايات المتحدة في معالجة القضايا العالمية التي اثرت سلباً على مصالح امريكا في كثير من بقاع العالم نتيجة سلسلة من الاخفاقات الاقليمية والدولية التي يمكن اعتبرها بداية انهيار الدور الريادي لامريكا في العالم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.