نشرت وكالة ار تي الروسية للاخبار خبرا مفاده ان
أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد اعلن ، خلال لقاء عقده الأربعاء 15/8/2018مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستستثمر في تركيا 15 مليار دولار بشكل مباشر
وجاء هذا الدعم كمحاولة لوقف التدهور الكبير الحاصل في قيمة الليرة التركية
وقبلها صرفت قطر مليارات الدولارات في الحرب الاهلية السورية وهي تمول الحركات الاسلامية الاصولية بدعوى تطبيق الشريعة الاسلامية في سوريا
ولانعلم حقا هل الغرض من ذلك هو الحرص على تطبيق الشريعة الاسلامية ، ام دعم وتسهيل وصول الاخوان المسلمين او الاسلام السياسي الى سدة الحكم في الدول العربية والاقليمية ، وماهي مصلحة قطر في ذلك . علما ان السياسة القطرية هذه لم تختلف باختلاف حاكمها ، وهي تتسم بالتناقض والتنقل من التطرف الى الاعتدال . التطرف للغير وخصوصا الدول العربية كمصر وسوريا وليبيا . والاعتدال بالداخل او بتعاملها مع امريكا وايران . . والاخوية مع تركيا . اضافة الى الوساطات الفاشلة بين دول ومنظمات ارهابية وغير ارهابية من افغانستان الى اليمن ولبنان والسودان وليبيا وجيبوتي وارتيريا او ببن حركتي فتح وحماس وترسيخ الانقسام الفلسطيني الى يومنا الحاضر
ان من ساعد قطر على لعب هذه الادوار في المنطقة العربية وفي العالم رغم صغر مساحتها وعدد نفوسها هو ايرادت النفط والغاز بمليارات الدولارات حيث تعتبر قطر من اغنى دول العالم باحتياطات الغاز . وخصوصا في حقل غاز الشمال او حقل بارس الجنوبي الذي تتقاسمه مع ايران
وقد كانت قطر دولة فقيرة تعتمد على صيد اللؤلؤ وكانت تابعة لولاية البصرة ابان الحكم العثماني قبل ان تخضع للحماية البريطانية عام 1916 وفي عام 1939 تم اكتشاف النفط فيها . ثم استقلت كامارة بعد انسحاب بريطانيا من منطقة الخليج العربي في عام 1971
ويبدو ان قطر كانت تعاني من عقدة الدولة الصغيرة فحاولت الامتداد في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا . وقد اعتمدت في سياستها الخارجية على المال الوفير الذي تملكه والاعلام من خلال محطة الجزيرة الفضائية . وقد صرفت اموال طائلة في دارفور جنوبي السودان لاستمالة الفرقاء المعنيين اليها وكذلك في ارتيريا وجيبوتي . ثم جاء الربيع العربي فانبرت قطر في الدفاع عن الديموقراطية تارة والنظام الاسلامي تارة اخرى . في حين انها لاتتمتع بالديموقراطية ولاتطبق النظام الاسلامي ، الذي كانت تروج له مباشرة او من خلال الاخوان المسلمين او التنظيمات الاخرى . وقد بذلت اموالا طائلة في سبيل ذلك مدعومة باعلام قوي من خلال فضائية الجزيرة ذات الانتشار الواسع في العالم . وقد نشر موقع ويكيليكس وثائق تكشف ان قطر تستخدم قناة الجزيرة في اثارة الفتن في دول الربيع العربي وخصوصا في سوريا ومصر
اننا نعلم بان قطر لها دور كبير في اغلب الاتفاقات الجارية في سوريا حول اجلاء وتهجير مناطق التوتر ، مما يدل ان لها تأثيرا مباشرا على المنظمات التي توصف بالارهابية . كما ان محطة الجزيرة لاتفتأ تهاجم نظام السيسي لكونه انقلب على الاخوان في مصر . كما انها تنحاز وبشكل علني الى كل مايتعلق بالاخوان المسلمين وتروج لاطروحات القرضاوي المتشددة
ان تدخل قطر سواء لنصرة المنظمات التي توصف بالارهابية . او لاجراء تسويات بما تملكه من مال واعلام نشط ومتميز ، يهدف الى تعزيز مكانتها في السياسة الخارجية للخروج من عقدة الدولة الصغيرة . ولكنها بسياساتها هذه قد اشعلت الفتن في المحيط العربي والافريقي
في تاريخ قطر وسياساتها الحالية أمورا غامضة منها مايتعلق بتنازل بعض الشيوخ أو اجبارهم عن التنازل منذ عام 1949 ولحد يومنا الحاضر وكان اخرها عندما قام الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني باجبار ابنه الاكبر الشيخ
جاسم بن حمد ال ثاني عن التنازل عن ولاية العهد لولده الرابع الشيخ تميم بن حمد ال ثاني في 8 اب –اغسطس سنة 2003
وفي 25 حزيران –يونيو سنة 2013 تولى الحكم الشيخ تميم بن حمد ال ثاني بعد ان تنازل والده الشيخ حمد وبتأثير من زوجته الشيخة موزة كما قيل في حينه ولم نعرف اسباب هذا التنازل .
كما ان الغموض قد رافق كل سياسات قطر الخارجية ، حيث تساند حماس وتدعمها
بالظاهر ضد اسرائيل . ولكن اسرائيل لاتقيم وزنا لهذه العلاقة . ولو كانت ضد اسرائيل حقا فهل يعقل ان تسكت الدولة العبرية عن ممارسات قطر هذه لو لم تكن لها مصلحة مباشرة او غير مباشرة في هذا التدخل . كما ان الولايات المتحدة تعلن وخصوصا بعد مجئ ترامب للبيت الابيض ان قطر تمول الارهاب . ومع ذلك لم نجد اية خطوات على ارض الواقع تجاه هذا الادعاء . . اضافة الى ان القاعدة العسكرية الامريكية في العديد التي تعتبر اكبر قاعدة عسكرية في المنطقة لم يجر نقلها الى اماكن اخرى كما كان مخططا له في اوقات سابقة . ثم ان الولايات المتحدة تطالب الدول المقاطعة لقطر لفك الحصار عنها واعادة التحالف السابق في مجلس التعاون الخليجي دون ان تبذل جهدا يذكر لتنفيذ ذلك . ويبدو ان هناك مشاريع اخرى خلف الكواليس تحاك في الخفاء . وهذا ما يؤكد الغموض الذي يكتنف السياسة القطرية في المنطقة وعلاقاتها الخارجية التي تثير الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام . وعلى الاخص علاقة قطر غير الواضحة مع الجمهورية الاسلامية
واذا عدنا الى الوراء قليلا سنجد ان قطر قد ساعدت الامريكان في غزوهم وتدميرهم للعراق عام ,2003 ووضعت قاعدة السليلة تحت تصرفهم . لكنها في وقت لاحق جندت قناة الجزيرة لمهاجمتهم ورفض سياساتهم لابل ساعدت كل من كان يقف ضدهم في موقف متناقض وغير مفهوم
وفي مصر تبنت موقف الاخوان المسلمين المعادي للسيسي ودافعت عن الرئيس الاسبق محمد مرسي ، بحجة الدفاع عن الديموقراطية ، وكرست اعلامها والمراكز التي ترعاها لاثارة الفتن فيها . وكذلك فعلت في سوريا والعراق ، وفي ليبيا ايضا
ان قطر بلد يحكمه امير وليس ثمة مؤسسات ديموقراطية فيها ولكنها تدعو صباح مساء الى إقامة انظمة ديموقراطية في المنطقة العربية وتدافع عن حقوق الانسان وتشاكس كل دول المنطقة . في مواقف متناقضة بين القول والفعل . اللهم الا اذا ارادت خلط الاوراق من اجل اهداف غير معلنة
هذا مانراه من مجمل سياسة قطر غيرالواضحة والتي تسببت في كثير من الاشكالات بل الالام في المنطقة العربية . ثم ياتي الخلاف السعودي القطري الذي شكل تحالفا من مصر والامارات والبحربن للضغط على قطر للتخلي عن الاخوان المسلمين وكبح جماح محطة الجزيرة التلفزيونية
ان الواجب العربي يقتضي تعزيز دور مجلس التعاون الخليجي واعادة قطر الى هذا المجلس بعد ان تعود الى رشدها ، وان تكف عن اللعب بالحبال عن طريق اعادة ولاءها واخلاصها الى محيطها العربي واذا كانت حريصة على الاسلام والمسلمين فعليها ان توقف كل اسباب الفرقة واقتتال الاخوة وان تخلص للقضية الفلسطينية وايجاد الحلول الناجعة والجدية لها ومساعدة الفلسطينين في استمرار المطاولة في وجه العدو الصهيوني بدل اتخاذها للقضية الفلسطينية وسيلة للنفوذ والسيطرة
وان يكف الجميع عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وبالاخص الدول العربية فان هذه الانقسامات قد تسببت في سباقات الاستحواذ والنفوذ المصطنع التي اضرت بنا كثير ومازلنا ننزف الدماء من اجل احلام دول تملك المال ولاتملك الحكمة او الرشد وتسببت في كثير من الالام لشعوب المنطقة وسهلت التدخلات الخارجية الدولية والاقليمية
واذا عدنا الى قيام قطر باستثمار مبالغ طائلة لانقاذ الليرة التركية في دعم واضح لاقتصاد تركيا فاننا نرى ان الاجدر بها اعادة بناء المدن التي ساهمت في تخريبها في العراق وسوريا واعادة المهجرين اليها ، بدلا من صرف المليارات على الحكومة التركية ، وعلى وفق قاعدة ، الاقربون اولى بالمعروف
اذا لم تسارع قطر الى لملمة مشاكلها والكف عن التدخل في الشؤون العربية
فان النار المشتعلة في المنطقة ستنقلب عليها خصوصا بعد انحسار الاسلام السياسي في هذه الدول ، والدور جار على الدول الاقليمية ايضا ، وان المشيخات التي كانت سائدة في القرنين الماضيين سوف لن تصمد اكثر . وهي آيله الى السقوط ، كما ان اموالهم سوف تكون مصدر اطماع دول اخرى وقد لاحت بوادر ذلك . ولات ساعة مندم