ليست وسائل إعلام النظام الايراني لوحدها تطلق الدعايات المختلفة لصالحه ولاسيما فيما يتعلق بزعم مناعته وصيرورته أمرا واقعا لايمکن تجاهله، وإنما هناك وسائل إعلام أخرى تابعة له أو مغرر بها أو إنها لاتفهم المشهد والواقع الايراني بالصورة المطلوبة، ويجب هنا أن نأخذ حقيقة مهمة بنظر الاعتبار وهي إن النظام الايراني ومنذ تأسيسه فقد قام بتوظيف وإستخدام اسلوب الدعاية الاعلامية والترويج لقوته وإمکانياته”الخارقة!” وکونه يحظى بإمداد”إلهي!”، وهذه الدعايات کما يبدو قد إنطلت على ذهن البعض ولکن مع مرور عامل الزمن وماقام ويقوم به هذا النظام من أعمال ونشاطات مريبة، فإن وجهة النظر بشأنه بدأت تتغير.
الحديث عن مناعة النظام الايراني يقود بالضرورة القهرية لتناول مجمل الاوضاع المرتبطة بهذا النظام والبحث فيها بروية کي يتم المطابقة بين واقع أمره وبين مايدعيه من أجل التأکد من ذلك، في مجال السياسة الخارجية، فإن النظام الايراني واجه جملة إنتکاسات سياسية مختلفة وصلت الى ذروتها بقيام وزير الخارجية بتقديم إستقالته ومع إنه تراجع عنها لکن ذلك لايمکن أن يمحي تلك الانتکاسات وکذلك حالة العزلة السياسية التي يواجهها والتي تتسع دائرته عاما بعد عام، ولعل أکبر نکسة سياسية لهذا النظام، هو إن العالم ولاسيما الدول صاحبة القرار، صارت تميل الى الاخذ بمواقف ووجهات نظر قريبة أو مطابقة مع تلك التي تطرحها المقاومة الايرانية عن طريق زعيمتها السيدة مريم رجوي، وهو مايعني إن حصيلة العمل والجهد السياسي للنظام طوال أربعة عقود قد أفضى الى لاشئ وإن المقاومة الايرانية هي من باتت تفرض دورها وحضورها على الساحة السياسية الدولية.
إقتصاديا، فإن النظام يعيش حالة تدهور غير مسبوقة وإنه على وشك الانهيار ولاسيما بعد عودة الريال الى الهبوط وعدم تمکن النظام من تصدير النفط عن طرق التهريب وغيرها بالنسبة والکمية التي يريدها وهو ماقد وضعه في مواجهة أزمة طاحنة لايعرف کيف يعالجها ويتخلص من آثارها وتداعياتها وأزمة النظام الاقتصادية هذه تجبره بالاضافة الى التقنين وشد الاحزمة على البطون داخليا الى عدم تمکنه من تمويل الاحزاب والميليشيات العميلة له في المنطقة وإن هناك العديد من التقارير التي تشير الى معلومات بهذا الخصوص، وهو مامن شأنه أن يکون له تأثير سلبي على النظام إقليميا وداخليا ودوليا.
على صعيد الاوضاع الداخلية، فإن الاحتجاجات آخذة في الازدياد بصورة ملفتة للنظر، أما نشاطات معاقل الانتفاضة التي يقودها أنصار منظمة مجاهدي خلق، فإنها قد توسعت دائرتها کثيرا خلال فترة قصيرة نسبيا لم تتعدى 3 أشهر، وإدا ماأخذنا نوع النشاطات التي تمارسها معاقل الانتفاضة وترکيزها على مراکز ومقرات وأماکن تواجد القوات القمعية وإحراقها، وإنها قامت وخلال شهر واحد فقط بتنفيذ 124 نشاط حرکي، فعندئذ تتوضح الصورة في داخل إيران ويتبين أوضاع هذا النظام والمناعة الکاذبة التي يدعيها خصوصا وإن هدف الاحتجاجات الشعبية ونشاطات معاقل الانتفاضة هي إسقاطه والذي صار أمرا ممکنا خصوصا وإن الصراعات الداخلية صارت تهيمن عليه.